
تواصل شركة OpenAI مطورة ChatGPT توسيع نفوذها في عالم الذكاء الاصطناعي بخطوة جريئة قد تغيّر طريقة تصفح الإنترنت، بعد أن كشفت عن متصفحها الجديد ChatGPT Atlas، الذي تم تصميمه بالكامل حول فكرة واحدة: ماذا لو كان بإمكانك التحدث مع متصفحك بدلًا من البحث التقليدي؟
المتصفح الجديد يعتمد على دمج مباشر مع ChatGPT، ويُقدَّم كمنافس مباشر لغوغل كروم وسفاري وفايرفوكس. في المرحلة الأولى أطلقته الشركة لأنظمة MacOS، على أن تصدر النسخ الخاصة بـويندوز والهواتف المحمولة لاحقًا هذا العام. الإعلان عن أطلس أدى فورًا إلى تراجع سهم شركة ألفابيت (الشركة الأم لغوغل) بنسبة 1.7% في البورصة، في إشارة إلى القلق من دخول منافس جدي إلى ساحة التصفح الذكي.
بعكس المتصفحات التقليدية التي تعتمد على شريط عنوان لإدخال المواقع، لا يحتوي أطلس على هذا الشريط بالمعنى المعتاد، بل يتيح للمستخدم التواصل مباشرة مع الذكاء الاصطناعي. يمكن سؤال ChatGPT عن أي موضوع دون مغادرة صفحة التصفح، سواء لتلخيص محتوى صفحة، أو مقارنة منتجات، أو فحص كود برمجي، أو حتى الإجابة عن أسئلة تتعلق بموقع معين. الصفحة الرئيسية للمتصفح هي واجهة ChatGPT نفسها، وبجانبها تبويب يتيح الانتقال إلى نتائج البحث التقليدية أو الصور أو الفيديوهات أو الأخبار، بحسب ما يبحث عنه المستخدم.
الفكرة الجوهرية من وراء أطلس هي تحويل التصفح إلى تجربة تفاعلية ذكية، حيث يتعلم المتصفح تدريجيًا من المستخدم ليقدّم له نتائج أكثر دقة وشخصية. يستطيع المستخدم مثلاً حجز طاولة في مطعم أو شراء منتجات أو إنشاء قوائم تسوّق مباشرة عبر المحادثة، من دون الحاجة إلى التنقل بين مواقع مختلفة.
أوبن آي آي لا تراهن فقط على التجربة الجديدة، بل أيضًا على بناء نموذج أعمال مستدام. فالمتصفح سيقدّم وضعًا مدفوعًا يسمى “agent mode”، وهو وضع ذكي يقوم بإجراء عمليات البحث بنفسه اعتمادًا على ما يفهمه من نية المستخدم وسياق تصفحه. هذه الميزة ستكون متاحة فقط للمشتركين في خدمة ChatGPT المدفوعة.

إلى جانب المتصفح، تعمل الشركة على توسيع شبكة شراكاتها مع مواقع التجارة الإلكترونية مثل Etsy وShopify، وكذلك مع خدمات الحجز والسفر مثل Expedia وBooking.com، بحيث يتمكّن المستخدم من تنفيذ عمليات الشراء أو الحجز مباشرة داخل بيئة ChatGPT.
الرئيس التنفيذي سام ألتمان قال إن أطلس “بُني حول ChatGPT” ليكون امتدادًا طبيعيًا لتجربة الذكاء الاصطناعي التي يعيشها المستخدم يوميًا. وخلال فعالية المطورين الأخيرة، أعلن أن عدد مستخدمي ChatGPT النشطين أسبوعيًا وصل إلى 800 مليون مستخدم، بعد أن كان 400 مليون فقط في فبراير الماضي، وفق بيانات شركة الأبحاث Demandsage.
ورغم الحماس الكبير، لا يعتقد جميع المحللين أن أطلس سيهدد هيمنة غوغل في المدى القريب. الخبير بات مورهد من شركة Moor Insights & Strategy قال إن المستخدمين الأوائل سيجربونه بحماس، لكنه شكّك في أن المستخدمين التقليديين أو المؤسسات الكبيرة سيهجرون متصفحاتهم المألوفة مثل كروم أو مايكروسوفت إيدج قريبًا، خاصة أن متصفح إيدج نفسه توفر اليوم بعض الميزات المماثلة.
وراء هذا السباق التقني تدور أيضًا معركة قانونية ضخمة، إذ أُدينت غوغل العام الماضي باحتكار غير قانوني لقطاع البحث عبر الإنترنت، لكن القضاء الأميركي لم يأمرها بفصل متصفح كروم عن نشاط البحث رغم مطالب وزارة العدل. في الوقت نفسه، تكشف بيانات شركة Datos أن نحو 6% من عمليات البحث عبر الحواسيب المكتبية في يوليو 2025 تمّت باستخدام نماذج لغوية ضخمة مثل ChatGPT، وهو رقم تضاعف خلال عام واحد فقط.
مقالات ذات صلة: من مختبر صغير إلى ماردٍ لا يشبع: هكذا تحاول OpenAI أن تبتلع السوق











