الأبعاد الإنسانية لتدمير البنية التحتية للاتصالات في قطاع غزة

أيقون موقع وصلة Wasla
طاقم وصلة

وفقًا لتقرير أصدره مركز حملة، يتضح أن البنية التحتية للاتصال في قطاع غزة تعرضت لدمار واسع منذ بداية الحرب، حيث يقدر أن 75% منها تأثرت بشكل كبير، بينما دمرت 50% منها بشكل كامل. ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع، واجهت خدمات الاتصال في غزة اضطرابات متعددة على مختلف المستويات، حيث بلغ عدد مرات انقطاع الاتصال التام 15 مرة على الأقل، ما أثر بشكل مباشر على حياة السكان وقدرتهم على الوصول للمعلومات والخدمات الأساسية. وتقدر تكلفة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للاتصال البعادي حتى مارس 2024 بحوالي 90 مليون دولار، دون احتساب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الأرضية.

1024px Damage in Gaza Strip during the October 2023 28
الدمار في حي الرمال في غزة بعد يومين فقط من بدء القصف الإسرائيلي على القطاع- المصدر: ويكيميديا

فاقم انقطاع خدمات الاتصال من معاناة سكان غزة، الذين فقدوا إمكانية الاتصال بخدمات الطوارئ والإنقاذ، ما زاد من عدد الوفيات بشكل كبير. تقطعت السبل بالأسر للتواصل، وتفاقم القلق والخوف وسط السكان العاجزين عن الاطمئنان على أحبائهم. كذلك، حال انقطاع الإنترنت دون وصول السكان إلى مصادر المعلومات الموثوقة المتبقية، خاصة بعد إغلاق القنوات الإعلامية ومقتل أكثر من 134 صحافياً منذ بدء الحرب.

يبرز الوضع في غزة قضية الحقوق الرقمية بوصفها جزءًا من حقوق الإنسان الأساسية، لا سيما حق الوصول إلى الإنترنت والمعلومات وحمايتها بموجب القانون الدولي. أكدت الأمم المتحدة في عام 2016 على ضرورة ضمان حرية التعبير والوصول إلى المعلومات عبر الإنترنت كحق من حقوق الإنسان، خاصة في ظل الأزمات. ويعد الوضع في غزة مثالاً حيوياً لأهمية حماية هذا الحق وتعزيزه في ظل الظروف الطارئة.

حتى قبل الحرب، عانى قطاع الاتصالات في غزة من تأخير تطوير خدمات النطاق العريض بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة وفقًا لاتفاقيات أوسلو، ما أدى إلى عجز القطاع عن توفير خدمات 3G و4G. كذلك، فإن معظم الكابلات الأرضية الخاصة بالاتصالات تمر عبر الأراضي الإسرائيلية، وهو ما يمنح إسرائيل القدرة على عزل ملايين الأشخاص عن العالم بكسبة زر متى شاءت.

وخلال فترات الحرب المستمرّة منذ أكثر من عام، تم توفير وقود طارئ من قبل الأمم المتحدة لدعم تشغيل الأبراج والمرافق التي تضررت جزئيًا، وذلك لضمان استمرار خدمات الاتصال بشكل مؤقت. وقد قامت الشركات المحلية بتزويد المستخدمين في غزة بحزم اتصالات مجانية كخطوة للتخفيف من الأزمة، إلا أن هذه التدخلات كانت قصيرة الأمد، ما جعل الوصول إلى الاتصال غير مستدام.

في ظل هذه الظروف، لجأ سكان غزة إلى وسائل بديلة مثل استخدام شرائح e-SIM، التي حصلوا عليها خلال التبرّعات ومن أقربائهم في الخارج. وعلى الرغم من فعالية هذه البدائل في بعض المناطق القريبة من الحدود، إلا أنّ مظعم المستخدمين واجهوا تحديات مرتبطة بمحدودية تغطية الشرائح الإلكترونية وكلفة التجوال الدولي الباهظة. كذلك، لم تفلح الضغوطات الشعبية حول العالم على شركة “ستارلينك” ورئيسها التنفيذي إيلون ماسك، سوى في توفير خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في مستشفى واحد فقط في القطاع، نتيجة لاعتراض إسرائيل.

يُظهر الوضع في غزة الحاجة الملحة لتطوير بنية تحتية مرنة وقادرة على الصمود في وجه الأزمات. لضمان استمرارية خدمات الاتصال، يتطلب الأمر توافر خطط طوارئ تسمح بإدخال المعدات الضرورية، إضافة إلى بناء شراكات دولية تدعم تشغيل الخدمات خلال فترات الحروب.

مقالات ذات صلة: عنصرية باي بال الرقميّة ضد الفلسطينيّين

مقالات مختارة

Skip to content