
أعلنت شركة الاستثمار الكندية Brookfield وجهاز قطر للاستثمار، عن شراكة ضخمة تهدف إلى بناء مراكز بيانات وبنى تحتية للطاقة مخصّصة للذكاء الاصطناعي، باستثمار يصل إلى 20 مليار دولار. وبالتوازي، تعمل Brookfield على إنشاء صندوق استثماري قد يصل حجمه إلى 100 مليار دولار لاستثمارها في مشاريع تتعلق بالذكاء الاصطناعي حول العالم. المدير التنفيذي للشركة، بروس فلات، وصف هذه البنى التكنولوجية بأنها “سكك الحديد الجديدة للقرن الحالي”، في إشارة إلى أهميتها الاقتصادية والاستراتيجية للدول.
ترى Brookfield أن الدول التي لا تطوّر بنى تحتية قوية للذكاء الاصطناعي ستتأخر كثيرًا عن غيرها، وستخسر شركات دولية قد تنقل أعمالها إلى أسواق أكثر تطورًا. بالنسبة لقطر، يأتي هذا المشروع في إطار رؤية 2030 الهادفة إلى تنويع مصادر الاقتصاد وتقليل الاعتماد على الغاز. وتُعوّل الدوحة على دمج قدراتها المالية الكبيرة مع خبرة Brookfield في بناء وتشغيل مراكز البيانات لتحويل الخليج من مزوّد للطاقة فقط إلى مركز عالمي لمعالجة البيانات.
لكن المشروع الطموح يواجه مجموعة من التحديات المعقدة. أكبرها مرتبط بالاعتماد على الرقائق الإلكترونية الأميركية التي تُعدّ العمود الفقري لتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي. الولايات المتحدة تفرض قيودًا صارمة على تصدير هذه الشرائح، خاصة إذا كانت هناك مخاوف من وصولها إلى الصين. وإذا توسّع التعاون التكنولوجي بين قطر وبكين، قد تواجه الدوحة عراقيل في الحصول على هذه المكوّنات الحيوية.
كما توجد مخاوف اقتصادية حقيقية من احتمال نشوء فائض كبير في مراكز البيانات. فمع ازدياد الطلب على قدرات الذكاء الاصطناعي، بدأت شركات كبرى مثل أمازون ومايكروسوفت تبني مراكز بيانات خاصة بها. وإذا استمر الجميع في البناء بالوتيرة الحالية، فقد يصبح حجم المعروض أكبر من قدرة السوق على الاستيعاب، خاصة أن إمكانيات الربح في مجال الذكاء الاصطناعي ما تزال غير واضحة.
التحدي الأكبر الآخر يتعلق بالطاقة والمياه. مراكز البيانات تستهلك كميات هائلة من الكهرباء وتحتاج إلى تبريد مستمر، وفي بلد صحراوي مثل قطر، يصبح ذلك تحديًا كبيرًا. ورغم الحديث عن دمج الطاقة المتجددة، سيظل الغاز الطبيعي جزءًا أساسيًا من التشغيل، ما قد يتعارض مع معايير ESG التي يطلبها مستثمرون عالميون. إضافةً إلى ذلك، فإن استخدام كميات كبيرة من المياه للتبريد يخلق مخاوف بيئية واجتماعية في بلد يعاني من محدودية الموارد المائية.
وهناك أيضًا الجانب القانوني. تخزين بيانات حساسة في قطر يُشكّل معضلة للشركات الأوروبية والأميركية المقيّدة بقوانين مثل GDPR ومعايير عالية لحماية الخصوصية. إذ لا تزال البيئة التنظيمية في قطر ضعيفة وتختلف بشكل كبير عن النموذج الغربي، ما قد يدفع شركات في مجالات حسّاسة مثل الصحة والتمويل والدفاع والأمن السيبراني إلى التردد قبل استخدام مراكز البيانات الجديدة. ومن دون إطار قانوني يُطمئن هذه الشركات، قد لا يجذب المشروع الفئات الأكثر ربحية في السوق.
مقالات ذات صلة: 1700 موظف خلال الأسابيع الأخيرة: موجة تسريحات واسعة تهزّ شركات الهايتك الإسرائيلية










