ارتفع سعر أونصة الفضة يوم الثلاثاء في بورصة نيويورك فوق 60 دولارًا للمرة الأولى في تاريخها، وشهد هذا العام تضاعف سعر الفضة بنسبة 102% منذ بدايته. هذا الارتفاع الاستثنائي جعل الفضة تتصدر المشهد في الأسواق العالمية، بعدما تجاوزت وتيرة ارتفاعها وتيرة صعود الذهب. وتعزى هذه القفزة إلى مجموعة من العوامل المتزامنة، أبرزها ضعف الدولار وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية، إلى جانب نقص المعروض العالمي وارتفاع الطلب الصناعي المتزايد عليها.

ضعف الدولار
انخفضت قيمة الدولار بنحو 8.5% منذ بداية العام، وهو تراجع يدفع المستثمرين إلى البحث عن بدائل تحافظ على قيمتها بشكل أفضل. وتزداد الحاجة إلى البحث عن بدائل للدولار مع توقعات الأسواق بأن يُخفض البنك الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة مرة أخرى، الأمر الذي قد يضعف الدولار أكثر. ضعف الدولار يجعله أقل جاذبية للمستثمرين، فيتوجه كثيرون نحو المعادن الثمينة مثل الذهب والفضة باعتبارها خيارات أكثر أمانًا في فترات عدم اليقين.
ارتفاع أسعار الذهب
وصل الذهب هذا العام إلى مستوى تجاوز 4,000 دولار للأونصة، وهو مستوى مرتفع جعل شريحة واسعة من المستثمرين الصغار تتجه إلى الفضة كخيار استثماري أقل تكلفة. وتُعرَف الفضة عالميًا بأنها “ذهب الفقراء”، أي المعدن الذي يلجأ إليه من يريد الاستثمار في ملاذ آمن دون دفع أسعار مرتفعة كما في حالة الذهب. نتيجة ذلك، اتجه كثير من المستثمرين الصغار والأسر إلى الفضة كبديل أقل تكلفة. وزاد الطلب أيضًا على شراء الهدايا والمشغولات الفضية، إضافة إلى الطلب المعتاد على الأدوات المنزلية المصنوعة من الفضة.
نقص المعروض
تعاني الأسواق العالمية من نقص واضح في معروض الفضة. فوفقًا لمعهد الفضة الدولي، ارتفع الطلب الصناعي على الفضة بنحو 18% خلال السنوات الأربع الماضية، في الوقت الذي تراجع فيه إنتاج المناجم إلى نحو 813 مليون أونصة هذا العام، وهو رقم أقل حتى من إنتاج عام 2021. هذه الفجوة بين العرض والطلب، خلقت عجزًا مستمرًا في السوق، ومع قلة الكميات المتاحة مقارنة بما يحتاجه المستهلكون والصناعات، ترتفع الأسعار تلقائيًا.

الاستخدامات الصناعية
على عكس الذهب الذي يتركز استخدامه في الاستثمار والمجوهرات، تتمتع الفضة بخصائص تجعلها عنصرًا أساسيًا في الصناعات الحديثة. فهي موصل ممتاز للكهرباء والحرارة، ولذلك تدخل في صناعات حيوية مثل السيارات الكهربائية، البطاريات، ورقائق الذكاء الاصطناعي. وتشير تقديرات معهد الفضة الدولي إلى أن نصف الطلب العالمي على الفضة يأتي من الصناعات التي تعتمد عليها.
تخزين التجار للفضة
يزداد النقص في المعروض بسبب قيام العديد من التجار بتخزين كميات كبيرة من الفضة تحسبًا لاحتمالات فرض الإدارة الأمريكية رسومًا جمركية عليها. كما تخزّن الشركات الصناعية كميات إضافية أيضًا لضمان استمرار الإنتاج حتى لو تعمّق العجز في السوق.
شركات التعدين تستفيد من موجة الارتفاع
شركات التعدين الكبرى التي تستخرج الفضة حققت مكاسب ضخمة بفضل ارتفاع الأسعار. إذ ارتفعت القيمة السوقية لشركة Wheaton Precious Metals الكندية بنحو 85% خلال عام، وقفز سهم شركة Fresnillo المكسيكية بأكثر من 360% منذ بداية السنة. وهو ما يشير إلى أن المستثمرين يتوقعون استمرار صعود أسعار الفضة في الفترة القريبة، مع بقاء الطلب مرتفعًا والمعروض محدودًا.
مقالات ذات صلة: سيرتفع أم سينخفض؟ أبرز التوقعات حول الذهب










