/
/
“بعتُ مؤخرًا لوحةً بـ 70 ألف شيكل، لكن تمرّ عليّ أشهر لا أبيع فيها أي لوحة”

“بعتُ مؤخرًا لوحةً بـ 70 ألف شيكل، لكن تمرّ عليّ أشهر لا أبيع فيها أي لوحة”

تعرفوا على الفنانة نيرفانا ذبّاح، وكيف تكسب رزقها من الرسم.
أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands

نيرفانا ذبّاح هي رسامة مستقلة وصاحبة ستوديو في عكّا، لكنها موظفة أيضًا، إذ تعمل مُدرّسة للفن لكي تحافظ على الاستقرار المالي. تقول نيرفانا: “في نشأتي، لم تكن هناك نماذج في المجتمع لفنانين يكسبون رزقهم من الرسم”.

1
نيرفانا ذبّاح، تصوير: رامي شلوش

 

نيرفانا ذبّاح، حدّثينا عن عملك كرسامة.

أنا رسّامة وصاحبة ستوديو. الاستوديو هو حيّزي الخاص الذي أرسم فيه. أعمالي واقعية، وأستخدم الألوان الزيتية والأقلام. يتطلب الرسم الواقعي إتقانًا كبيرًا وصبرًا، وفهمًا لدرجات الضوء وللمنظور، ومعرفة بخصائص المواد. ويتم بناء العمل الفني طبقة بعد طبقة. العملية الإبداعية لا تبدأ عند الجلوس أمام اللوحة للرسم. إنها تبدأ قبل ذلك، حيث تتشكّل فكرةٌ لديّ في البداية، فأعمل على تطويرها عبر الكتابة. بعد ذلك، يكون عليّ تخصيص يومٍ للتصوير، بعد اختيار الموقع المناسب، واستئجار عارضين، واختيار ملابسهم، وإخراج التركيبة البصرية. ثمّ تأتي في النهاية المرحلة التي أجلس فيها أمام الصورة التي التقطتها، فأعدّ سطح اللوحة، وأرسم مربعات صغيرة على اللوحة (شبكة/Grid) لتساعدني في نقل الصورة بدقّة، ثم أبدأ الرسم.

هل تكسبين رزقك من بيع اللوحات؟

أتمكّن عادة من بيع جميع لوحاتي، لكن بالطبع لا يوجد استقرار في العمل كرسامة مستقلة. هذا العام، بعت في أحد الأشهر لوحةً بمبلغ 70 ألف شيكل، لكن مرّت عليّ أيضًا شهورٌ عديدة لم أتمكن فيها من بيع أي لوحة. لذلك، أعمل في تدريس الفنّ في كلية أورنيم و كلية لينكس. العمل كموظفة يمنحني الاستقرار المالي ويسمح لي بالرسم في أوقاتي الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، أنا أحب تدريس الرسم وتشجيع الطالبات الشابات على المشاركة في المعارض ويسعدني أن أراهنّ يتطوّرن في مسيرتهن الفنية.

كنتُ بحاجة إلى قرض لافتتاح الاستوديو في دير الأسد. صحيح أن النفقات كانت منخفضة، لكن القرض كان يغطي الإيجار لعام واحد وتكلفة المعدّات. وقد سددتُ القرض بسرعة نسبيًا، لأنني تمكّنت من بيع لوحاتي. واليوم، بعد أن اشترى متحف تل أبيب لوحاتي، أصبحت تباع بأسعار جيدة.

 

كيف توزّعين وقتك بين الاستوديو الخاص بك والعمل كمُدرّسة للفن؟

أُدرّس يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع، وأخصّص باقي الوقت للاستوديو. وهناك أيام، خصوصًا قبل المعارض، أعمل فيها في الاستوديو لمدة 12 ساعة متواصلة.

2
استوديو نيرفانا ذباح – تصوير: رامي شلوش

 

ما المراحل التي مرّ بها الاستوديو؟

في السابق، كان موقع الاستوديو في دير الأسد، وذلك خلال السنوات التي عشتُ فيها هناك، وكنتُ أقدّم فيه دورات وورشًا للشباب. قبل بضع سنوات انتقلتُ إلى عكّا، فانتقل الاستوديو معي. ومع الوقت، تغيّرت طبيعة الاستوديو، إذ أصبح مكانًا مخصصًا للرسم فقط ولاستقبال جامعي الأعمال الفنية والقيّمين الذين يهتمّون بلوحاتي.

ما الذي أفضى بك إلى عالم الفن؟

وُلدتُ ونشأتُ في عكّا، ومنذ طفولتي كنتُ أحبّ الرسم. وللأسف لم يكن لدينا تخصّص فنون في المدرسة الثانوية، لذلك درستُ البيولوجيا. تعلّمتُ الرسم على يد معلّمة خاصة، وتعلّمتُ الكثير وحدي أيضًا. كنتُ أنظر إلى الأشياء حولي وأحاول رسمها، وكنت أحاول تقليد اللوحات التي أراها. وما إن أنهيتُ الثانوية حتى سجّلتُ في الجامعة العبرية للحصول على لقبٍ أوّل في تاريخ الفن.

3
تصوير: رامي شلوش

 

لكن، لعدة أسباب، لم أكمل دراسة هذا التخصص، وكان أهمها غياب الجانب الإبداعي. ثم تزوّجتُ وأنجبتُ، فأجَّلتُ إكمال دراستي الجامعية. في نشأتي، لم تكن هناك نماذج في المجتمع لفنانين يكسبون رزقهم من الرسم. وجدتُ عملًا كموظفة في مركز الاتصالات التابع لشركة شتراوس، وبعد ذلك عملتُ في مركز تحديد المواعيد التابع لمكابي. بعد تسع سنوات من هذا العمل شعرتُ أنني لا أجد نفسي فيه وقررتُ العودة إلى الفن.

4
تصوير: رامي شلوش

 

وكيف كانت عودتكِ إلى الفنّ؟

سجّلتُ في كلية أورنيم لدراسة اللقب الأول في الفنون، وحصلتُ معه على شهادة تدريس أيضًا. بدأتُ العمل مُدرّسةً للفن في مدرسة ابتدائية، ثم درستُ الماجستير في الفنون، وبعد ذلك بدأتُ التدريس في الكلية. في السنة الأخيرة من دراسة الماجستير، عام 2017، طلب مني أستاذي، إيلي شمير، أن أشارك معه في معرض في غاليري طڤعون، وكان ذلك أوّل معرض أشارك فيه. في تلك السنة تواصل معي جامِع الأعمال الفنية المعروف دوفي شيف، واشترى مني ثلاث لوحات.

منذ ذلك الحين فزتُ بعدة جوائز، وعُرِضَت أعمالي في عشرات المعارض في المتاحف وغيرها من الأماكن. وتمت دعوتي ثلاث مرات إلى منزل الرئيس السابق رؤوفين ريفلين. وفي العام الماضي، اشترى متحف تل أبيب أربعة من لوحاتي، وكان ذلك إنجازًا مهمًا في مسيرتي. شاركتُ في معرض في روما، انتهى بشراء إحدى لوحاتي، وشاركت في معرضين في دبي. كما اشترت مني مجموعة روزنبلات في الولايات المتحدة لوحة أيضًا. ولحسن الحظ، لم يتبقى في مرسمي لوحات جاهزة؛ فكل لوحة رسمتُها قد بيعت.

في مارس القادم، ستُعرَض أعمالي في معرض في ميلانو، وفي هذه الأيام يُعرَض أحد أعمالي في “بينالي الرسم الوطني التاسع في القدس”. وهو عبارة عن لوحة كبيرة، يبلغ مقاسها 120 × 180 سنتيمترًا، لامرأة ترتدي الدانتيل ويغطي شال وجهها. المبنى الذي تظهر فيه يشبه منزل جدّي وجدّتي. وقد رسمتُ أغلب هذا العمل في فندق الأفندي في عكّا. يتناول العمل قضايا المرأة والهوية، وتطلب مني حوالي 300 ساعة عمل.

7
لوحة نيرفانا ذبّاح من “بينالي الرسم الوطني التاسع”.

 

كيف تدبرتِ أمورك المالية في البداية؟

كنتُ بحاجة إلى قرض لافتتاح الاستوديو في دير الأسد. صحيح أن النفقات كانت منخفضة، لكن القرض كان يغطي الإيجار لعام واحد وتكلفة المعدّات. وقد سددتُ القرض بسرعة نسبيًا، لأنني تمكّنت من بيع لوحاتي. واليوم، بعد أن اشترى متحف تل أبيب لوحاتي، أصبحت تباع بأسعار جيدة.

6
تصوير: رامي شلوش.

 

ما الصعوبات التي تواجهينها في كسب رزقك كرسّامة وصاحبة استوديو؟

كما ذكرتُ، ليس هناك استقرار اقتصادي؛ فهناك أشهر لا أتمكن فيها من بيع أي لوحة، وأواصل في الوقت ذاته دفع إيجار الاستوديو. وبالطبع، عليّ أن أشتري المواد التي أستخدمها في الرسم، وأتحمّل التكاليف الكبيرة التي تتعلّق بعملية التصوير وتكاليف تجهيز الموقع والملابس التي يسبق عملية الرسم.

أواجه صعوبة أخرى تتمثّل في اختياري الفنّ الواقعي، إذ لستُ جزءًا من الموضة السائدة في عالم الفن اليوم، التي تُفضّل الرسم التجريدي، حيث يحتلّ الرسم الواقعي هامشًا صغيرًا فقط في المعارض المعاصرة. أشعر أن عليّ أن أثبت طوال الوقت أنّ الفنّ الواقعي قادر على منافسة الفنّ التجريدي، وربما التفوّق عليه حتّى.

8
لوحة لنيرفانا ذبّاح: بورتريه ذاتي مع سجاد، زيت على قماش، 200×300، 2021. تصوير: نيرفانا ذبّاح.

 

كيف ترين مستقبلك المهني؟

بالإضافة إلى رغبتي في الاستمرار في التطور على الصعيد الإبداعي، أحلم في إقامة مشروع أو إطار يعمل من خلال الفنّ على تعزيز حرية التعبير والتعلم والفضول والتعايش الحقيقي. مشروع يُشكِّل حيّزًا يسمح للفنانين الشباب بالحلم والتقدّم والتعبير عن أنفسهم.

المقال مترجم ومنشور في وصلة بإذن خاص من The Marker.

مقالات مختارة