
يدرس الكابينت “السياسي–الأمني” خطوة جديدة تتمثل في قطع علاقة أحد البنوك الفلسطينية بالمنظومة المالية الإسرائيلية، وهو قرار قد يصدر خلال الأيام القريبة. ورغم عدم كشف اسم البنك، إلا أن التقديرات تشير إلى أنه بنك صغير، في محاولة لتقليل الأثر على الجهاز المصرفي الفلسطيني، رغم أن الخطوة تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية تتجاوز حجم البنك نفسه.
تعتمد البنوك الفلسطينية على علاقات مراسلة بنكية مع بنكي “هبوعليم” و”ديسكونت”، اللذين يشكّلان القناة المالية التي تربط الجهاز المصرفي الفلسطيني بالنظام المالي العالمي. هذه العلاقات بقيت قائمة رغم محاولات إسرائيلية سابقة قادها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لإنهائها بذريعة عدم التزام بعض البنوك الفلسطينية بمكافحة غسل الأموال وتمويل النشاطات المحظورة. وتتعهد وزارة المالية منذ سنوات بتعويض البنوك الإسرائيلية في حال تعرضت لدعاوى قانونية ناجمة عن علاقتها مع البنوك الفلسطينية.
منذ توليه وزارة المالية، استخدم سموتريتش ورقة التعويضات هذه كأداة للضغط على البنوك الفلسطينية، وهو ما يعني فعليًا قطع اتصالها المالي بالعالم. ورغم الادعاءات الإسرائيلية المتكررة المتعلقة بالبنوك الفلسطينية، تحذر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أن انهيار النظام المالي في الضفة الغربية قد يدفع الاقتصاد الفلسطيني نحو التعامل بالنقد بشكل كامل، ما يقلل الرقابة الإسرائيلية. كما تخشى إسرائيل من أن يؤدي قطع العلاقات البنكية إلى دفع الفلسطينيين نحو البحث عن عملة بديلة كالدينار الأردني، وهو ما تعتبره إسرائيل نوعًا من الاستقلال الاقتصادي الذي ترفضه بشكل قاطع.
التهديد الأخير لسموتريتش ظهر مجددًا قبل أسبوعين، وسط إشارات إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يعارض بشكل جدي مسعى وزير المالية. الجديد هذه المرة كان فحصًا أجرته وزارة المالية وحدّد حسابات معينة تدعي الجهات الإسرائيلية بأنها استخدمت في تمويل نشاطات محظورة. وطُلب من البنوك الفلسطينية إغلاق هذه الحسابات، لكن لم يتم إغلاقها بالكامل بحسب الادعاءات الإسرائيلية، واتضح فيما بعد أن هذه الحسابات كانت في بنك واحد، وهو البنك المستهدف حاليًا.
نتيجة ذلك، يُناقش الكابينت قطع علاقة هذا البنك فقط بالبنوك الإسرائيلية، ويعتبر الكابينت أن هذه الخطوة هي إجراء عقابي “مُخفَّف”، إذ يستطيع الزبائن الانتقال إلى بنوك أخرى تواصل العمل مع البنوك الإسرائيلية، ما يحافظ على الاتصال المالي بين فلسطين والعالم. ورغم ذلك، تبقى الخطوة مقلقة لأنها تمسّ بالترتيبات الاقتصادية القائمة منذ اتفاق أوسلو، وقد تكون بمثابة جسّ نبض تتبعه استهدافات لبنوك فلسطينية أخرى.
مقالات ذات صلة: ضمانات تعامل البنوك الإسرائيلية مع الفلسطينية تنتهي الليلة… والأزمة تعود للواجهة











