
قبل يومين فقط من التصويت الحكومي على ميزانية الدولة لعام 2026، طلبت وزارة المالية من جميع الوزارات تقديم خطط واضحة لخفض نفقاتها، بعد أن أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عن نيته رفع الميزانية العسكرية بمبلغ ضخم يتراوح بين 250 و350 مليار شيكل خلال السنوات العشر المقبلة، وهو إعلان فاجأ وزارة المالية وأربك حساباتها.
بحسب الرسالة الرسمية التي وجهها قسم الميزانيات إلى المديرين العامين للوزارات، تشير التقديرات إلى أن احتياجات المؤسسة العسكرية سترتفع إلى مستويات غير مسبوقة خلال السنوات القادمة. وتؤكد الرسالة أن تلبية مطالب الميزانية العسكرية ستجبر الحكومة على خفض كبير في نفقات الوزارات المدنية.
وتحذّر وزارة المالية في رسالتها من أن العجز ارتفع بشكل كبير خلال ثلاث سنوات من الحرب، وأنّ نسبة الدَّين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت بحوالي 10% فوق مستواها قبل الحرب. وتضيف وزارة المالية أن استمرار هذا المسار سيضر بثقة المستثمرين وبالتصنيف الائتماني لإسرائيل، ما قد يقود إلى أزمة اقتصادية إذا لم يتم خفض الدين تدريجيًا.
الخلاف بين المالية والمؤسسة العسكرية يتركز حاليًا حول ميزانية 2026، حيث تظهر فجوات تتراوح بين 40 و50 مليار شيكل بين ما تطلبه المؤسسة العسكرية وما تستطيع المالية تمويله. ولا يتجاوز المبلغ المتفق عليه حتى الآن 93 مليار شيكل، دون أن يشمل المطالب الإضافية للجيش، ومنها تخصيص 37 مليار شيكل لتمويل النشاط العسكري الحالي.
الأزمة تصاعدت أكثر عندما أعلن نتنياهو في الاجتماعات الأخيرة أنه سيقود خطة لرفع الميزانية العسكرية للعقد 2027–2037 بقيمة 350 مليار شيكل إضافية. هذا المبلغ يفوق بكثير توصيات لجنة ناغل، وهي اللجنة الحكومية التي درست احتياجات المؤسسة العسكرية وقدّرت الزيادة المطلوبة بـ 133 مليار شيكل فقط. لكنه يقل عن الميزانية التي طالبت بها المؤسسة العسكرية والتي تبلغ 450 مليار شيكل.
عبّرت مصادر في وزارة المالية عن غضبها من إعلان نتنياهو، وقالت إن اتخاذ قرار بهذا الحجم دون تنسيق يخلق فجوات مالية لا يمكن ردمها، وإن تطبيق الخطة سيدفع إسرائيل إلى فرض ضرائب ضخمة ستخنق الاقتصاد وتضع عبئًا غير محتمل على المواطنين. وتضيف المصادر أن وزير المالية لا يعتزم القبول بهذه الخطة من دون نقاش عميق، وأن المواجهة مفتوحة الآن بينه وبين رئيس الحكومة.
وزارة المالية كانت تهدف في استراتيجيتها للسنوات المقبلة إلى خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي بمعدل 0.8% سنويًا للعودة إلى مستويات ما قبل الحرب، وهو هدف يتطلب الحفاظ على عجز بحدود 3.2%. لكن أمام مطالب المؤسسة العسكرية الحالية، ترى وزارة المالية أن تحقيق هذا الهدف أصبح غير واقعي.
ومع اقتراب لحظة التصويت، يبدو أن وزارة المالية تستخدم ورقة جديدة في المواجهة: بدلاً من الاستمرار في مفاوضات لا نهاية لها مع المؤسسة العسكرية، تطلب الآن من الوزارات نفسها تقديم مقترحات لتقليص نفقاتها، في خطوة تهدف إلى إظهار أن استمرار تضخم الميزانية العسكرية سيأتي مباشرة على حساب الخدمات المدنية التي تقدمها الدولة لمواطنيها.
مقالات ذات صلة: تقرير الـOECD: “الفائدة ستقترب من 3.75%، ويجب فرض المزيد من الضرائب”











