شركة الرقائق الالكترونية العالمية إنفيديا تخطّط لإقامة مقرٍ جديدٍ في الشمال وتفتح بهذا الأبواب أمام الآلاف المواهب الشابة في المنطقة وبالأساس أبناء المجتمع العربي، من أجل أن ينجح هذا لا يكفي أن نستثمر بعملية البناء: هناك حاجة ماسّة لثورة في التوظيف.

الأخبار حول نيّة شركة الرقائق الالكترونية العالمية إنفيديا افتتاح فرعٍ ضخمٍ في شماليّ البلاد تحمل في طيّاتها رائحة تغيير، وبإمكانها أن تكون بشرى سارّة ونقطة تحوّل كبيرة في قطاع العمل والتوظيف في منطقة الشمال، تصل به إلى مستويات عالية. كما أن هذه الخطوة تؤكد على وجود ثقة عند الشركة العالمية باستقرار قطاع العمل في البلاد وبجودة الموظفين المحليين، ويمكن لهذه الخطوة أن تشكّل تحوّلًا عند شركات عالمية كبيرة أخرى، تحذو حذوها وتستثمر في شمالي البلاد.
تكمن أهمية وخصوصية شركة إنفيديا في كونها واحدة من أكبر المشغلين في البلاد وأكثرهم حفاظًا على التنوّع بين الموظفين، كما أن لها خبرة وتجربة كبيرة في دمج موظفين من خلفيات متنوّعة ومنطقة الشمال تمتاز بهذا التنوّع بين سكانها منذ سنين عديدة، من العرب واليهود على اختلاف انتمائاتهم وخلفياتهم الاجتماعية والدينية.
في الوضع الحالي، يضطر المهندسون والمهندسات من أبناء المجتمع العربي خصوصًا وأبناء الشمال بشكل عام، إلى الانتقال إلى مركز البلاد بحثًا عن فرص العمل في قطاع الهايتك، وفي خطوتها هذه، تقوم شركة إنفيديا بتقريب فرص العمل إليهم قريبًا من مسكنهم. ولكن هذه ما هي إلا خطوة أولى نحو دمج الآلاف من المواهب الشابة خريجي مواضيع الهندسة والعلوم، نحو 10 آلاف خريج وخريجة ينتظرون فرصتهم للاندماج في سوق العمل.
عدا عن كون دمج هذه المواهب الشابة، عدالةً اجتماعيةً ومساواةً في الفرص بين الجميع واستفادةً من مواهب صاعدة، فإن هذه الخطوة ستشكل رافعةً للاقتصاد العام في البلاد، ما يصبّ في مصلحة الجميع، بالذات في هذه الأيام. وسيحتاج الاقتصاد الاسرائيلي إلى توظيف كل هذه المواهب الصاعدة من أجل النهوض بالاقتصاد العام ما بعد الحرب والعدد الأكبر من هذه المواهب موجودٌ في المجتمع العربي.

في ظل لوحة الفسيفساء الاجتماعية التي تميّز منطقة الشمال، على شركة إنفيديا أن تضمن بيئة عمل تقوم على أساس احتواء الجميع، وتوفير ظروف عمل مناسبة وتعطي شعورًا بالانتماء لجميع الموظفين على اختلاف انتماءاتهم وذلك من أجل ضمان نجاح هذا الاستثمار الكبير نجاحًا مهنيًا طويل الأمد يجلب معه تغييرًا مجتمعيًا نحو الأفضل.
هذا التوسّع في شمالي البلاد يحمل في طيّاته فرصةً ثمينة لتوفير أماكن عمل ووظائف تليق بالنساء وخصوصًا الأمهات من بينهن، إذ أنّ العديد من النساء ذوات المواهب التكنولوجية والعلمية الكبيرة، اضطررن للتنازل عن مسيرتهن المهنية والاكتفاء بوظائف بسيطة أحيانًا، بسبب عدم توفّر وظائف مناسبة قريبة من مكان سكنهن، انطلاقًا من رغبتهنّ في الموازنة بين العائلة والعمل. وجود فرص عمل أكثر قريبة منهنّ ستكون فرصةً للعودة لبناء مسيرة مهنية قريبًا من البيت، وبهذا ستشكّل هذه الخطوة رافعةً اقتصادية كبيرة لهنّ ولعائلاتهنّ.

إنشاء العمارات حتى وإن كانت على الطراز العصري الحديث، ما هي إلّا الخطوة الأولى، أما النجاح على المدى البعيد فهي مرهونةً بالتخطيط السليم مع التّركيز على الطاقات البشرية المحليّة، والّذي سيضمن من خلال شركة إنفيديا الّتي سبق وأثبت اهتمامها بالنسيج الاجتماعي المترابط والمتنوّع (Socially Cohesive Workplace) الأمر الّذي سيؤثر أيضًا على باقي الشّركات الّتي ستتبعها في هذه الخطوة. مثل هذه البيئة في العمل، سوف تضمن ترابطًا عميقًا وليس شكليًا فقط، ومن هنا تنبع أهمية تعزيز الشعور بالانتماء لمكان العمل عند الموظفين من كافة الخلفيات الدينيّة والاجتماعية.
العمل على خلق بيئة متنوّعة ومتوازنة يتطلب مجهودًا:
- إيجاد المواهب الشابة والصاعدة المحلية من خلال الاستثمار ببرامج تأهيل وتحضير مثل البرامج التي تقوم بها تسوفن-تشبيك والتي من شأنها سد الفجوات المهنية والثقافية وتحضير الخريجين بشكل جيّد لبيئة العمل
- تطوير بيئة عمل منفتحة تحتوي الجميع: تقدّر وجود وجهات نظر متنوّعة للأمور وتشجّع الحوار ما بين الثقافات وتوفّر بيئة داعمة للنقاش المنفتح وتُعطي للطواقم الإدارية الأدوات التي تساعدهم على بناء مثل هذه البيئة الداعمة لموظفيها، وتوفّر فرصًا متساوية للنموّ والتقدم داخل مكان العمل.
- ملائمة مسارات القبول والتوظيف: على الشركات أن تكون واعيةً للاختلافات الثقافية والتي تشكّل أحيانًا عائقًا أمام المتقدمين أبناء المجتمع العربي للنجاح في مقابلات العمل برغم وجود الموهبة والقدرات.
نحن في تسوفن-تشبيك نثمّن ونبارك هذه الخطوة من قبل شركة إنفيديا العمل ونؤكد على أن الاستثمار الحقيقي ليس بالحجر والباطون، إنما ببناء بيئة عمل منفتحة أمام الجميع وتحتويهم على اخلاتفهم وتنوّعهم، وتعزّز قدراتهم، الأمر الّذي لا يمكن تحقيقه من دون الالتزام والعمل الجديين على تطوير مكان عمل يجعل من التنوع والاحتواء شعارًا يعمل من أجله بشكلٍ يوميّ، يضمن أن يقود النجاح التكنولوجي رافعةً اقتصاديةً اجتماعيةً لسكان الشمال، وعنصرًا أساسيًا ببناء نسيج اجتماعي متماسك ذا حصانة أمام الظروف الصعبة.











