/
/
بين التفاؤل بعد الحرب ومخاوف التضخم: هل يقترب قرار بنك إسرائيل بخفض الفائدة؟

بين التفاؤل بعد الحرب ومخاوف التضخم: هل يقترب قرار بنك إسرائيل بخفض الفائدة؟

ما هي العوامل التي قد تجعل بنك إسرائيل يخفض سعر الفائدة لكي يخفف الأعباء عن العائلات ويساهم في تقليل كلفة القروض عليها؟ وما هي العوامل الأخرى التي قد تجعل بنك إسرائيل مترددًا قبل اتخاذ أي قرار بشأن تخفيض سعر الفائدة الأساسي؟
أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
بنك إسرائيل - تصوير: أوري فركش - ويكيميديا
بنك إسرائيل – تصوير: أوري فركش – ويكيميديا

بعد انقضاء التصعيد العسكري الأخير مع إيران، تتزايد المؤشرات في الأسواق المالية الإسرائيلية والدولية على أن الوقت ربما يكون مناسبًا لخفض سعر الفائدة في إسرائيل. هذا التفاؤل مدفوع بعدة عوامل، أبرزها قوة الشيكل في الأيام الأخيرة، ما قد يسهم في تقليص أسعار المنتجات التي يتم استيرادها وبالتالي الحد من وتيرة التضخم، بحسب ما أورد تحليل لموقع ذاماركر الاقتصادي.

لكن بنك إسرائيل، وعلى رأسه المحافظ البروفيسور أمير يارون، لم يتخذ قراره بعد، وهو يوازن بين إشارات السوق ورغبات الحكومة من جهة، ومخاوفه من عودة ارتفاع التضخم من جهة أخرى.

حاليًا، يبلغ سعر الفائدة الأساسي في إسرائيل 4.5%. يرى مراقبون أن الوضع الاقتصادي، الذي تأثر بشكل كبير من الحروب المتتالية والتحديات في الميزانية، يستدعي خفضًا للفائدة، بما يخفف الأعباء عن العائلات ويساهم في تقليل كلفة القروض. الآلاف من المستثمرين في سوق الصرف الأجنبي وسندات الدين الإسرائيلية يعتقدون أن المستقبل الاقتصادي للبلاد سيكون أفضل قريبًا، وهم يتوقعون خفضًا في الفائدة في وقت قريب.

رغم ذلك، فإن بنك إسرائيل يتمسك بالحذر. ففي البيانات الأخيرة للتضخم، تم تسجيل ارتفاع في عدة قطاعات، خاصة في الخدمات والإيجارات، حيث تجاوز معدل التضخم نسبة 3%، وهو الحد الأعلى لهدف التضخم الذي يستهدفه البنك. هذا ما دفع البنك إلى الإبقاء على الفائدة دون تغيير في قراره الأخير.

وبحسب تحليل ذاماركر، القلق الأساسي في بنك إسرائيل ينبع من احتمال حدوث موجة استهلاك مفرطة بعد الحرب، كما حصل في نهاية إغلاقات جائحة كورونا، عندما تجاوز معدل التضخم 5% سنويًا، ما دفع البنك إلى رفع الفائدة بوتيرة سريعة آنذاك. هذا السيناريو لا يزال حيًا في أذهان المسؤولين، ويؤثر بشكل مباشر على مدى استعدادهم لتحرك مبكر نحو خفض الفائدة.

العوامل التي قد تشعل موجة استهلاك غير منضبطة عديدة، من أبرزها ضخ السيولة الحكومية المرتقبة. حيث ستقوم وزارة المالية بصرف تعويضات بقيمة 4.5 مليار شيكل للمتضررين من سقوط الصواريخ الإيرانية. كما سيكلف مخطط التعويضات الذي طرحه الوزير بتسلئيل سموتريتش، والذي يشبه ما طُبق خلال جائحة كورونا وبعد السابع من أكتوبر 2023، ما بين 3 إلى 4 مليارات شيكل إضافية. هذه المبالغ ستصل مباشرة إلى أيدي المواطنين، ويرجح أن تُنفق نسبة كبيرة منها في الاستهلاك، ما سيزيد الضغط على الأسعار.

1024px Visit of treasury Secretary Steven Mnuchin October 2019 48976558731 e1730033358162
محافظ بنك إسرائيل أمير يارون، الصورة: ويكيميديا

جانب آخر مثير للقلق هو سوق الإيجارات. السكن في مؤشر الأسعار يعتمد على الإيجارات وليس على أسعار الشراء، وقد كان في ارتفاع بالفعل قبل الحرب مع إيران. اليوم، مع تضرر آلاف المساكن، من المتوقع أن يبحث المتضررون عن مساكن بديلة للإيجار، لا سيما في مناطق الطلب المرتفع مثل منطقة تل أبيب الكبرى. هذا سيزيد من ضغط الطلب على الشقق وسيرفع بدوره مؤشر الأسعار العام.

بالإضافة إلى ذلك، فإن إسرائيل ستدخل في مرحلة ما قبل الانتخابات، والتي يجب أن تُجرى في موعد أقصاه نوفمبر 2026. وعادة ما تُعرف هذه الفترات بزيادة الإنفاق الحكومي بدلًا من تقليصه، خاصة في ظل سعي الأحزاب الحاكمة إلى كسب دعم جمهورها الانتخابي.

وحتى قبل الحرب، وعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتمرير قانون يعفي الحريديين من الخدمة العسكرية، وهو ما سيفتح الباب أمام تحويلات مالية ضخمة لمعاهد التوراة والمدارس والمعلّمين في القطاع الديني، بعد أن كانت هذه الأموال معلّقة بقرار من المستشار القانوني والمحاسب العام والمحكمة العليا.

كل هذه العوامل تجعل بنك إسرائيل يتريث في اتخاذ قرار خفض الفائدة. محافظ البنك، المعروف بحذره وتقديره للمخاطر، يدرس الموقف بعناية. عليه أن يقرر ما إذا كان يجب الانتظار شهرًا أو شهرين آخرين لمراقبة سلوك الجمهور والأسواق، أو إن كان الوقت قد حان فعلاً لتحفيز الاقتصاد من خلال خفض الفائدة.

مقالات ذات صلة: بين النفقات العسكرية وأضرار الصواريخ الإيرانية: كم بلغت فاتورة 12 يوم من الحرب؟

مقالات مختارة