تعيش الأسواق المالية العالمية، والإسرائيلية على وجه الخصوص، حالة من القلق المتصاعد والترقب بسبب التقارير التي نقلتها كبرى الصحف العالمية التي تفيد بانتهاء التحضيرات الإسرائيلية لشنّ هجوم محتمل على منشآت نووية إيرانية. وقد صرح مسؤول إيراني كبير لرويترز بأن دولة صديقة في المنطقة حذرت بلاده من هجوم إسرائيلي وشيك. وصرح مصدر آخر لصحيفة نيويورك تايمز بأن إيران تخطط لهجوم مضاد فوري على إسرائيل باستخدام مئات الصواريخ الباليستية. كما أكد قائد الحرس الثوري لوسائل إعلام إيرانية رسمية أنّ طهران سترد على إسرائيل بطريقة أكثر قوة وتدميراً من الهجمات السابقة.
أنباء الضربة الإسرائيلية، التي اعتبرها بعض المسؤولين الإيرانيين حيلة تكتيتية من واشنطن للضغط عليها في ملف المفاوضات، والتي جاءت متزامنة أيضًا مع تصريحات أميركية متشائمة بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق مع إيران، أثارت حالة من التوتر أدت إلى تغييرات حادة في أسعار العملات والسلع، كما زادت من الضغوط على السوق الإسرائيلية.
ففي غضون ساعات، ارتفع سعر صرف الدولار أمام الشيكل بنسبة تجاوزت 1.5%، حيث انتقل من 3.49 شيكل إلى 3.56 شيكل. هذا التحول السريع يعكس خشية المستثمرين من تداعيات أمنية واقتصادية في حال اندلاع مواجهة مباشرة مع إيران. بالتوازي، ارتفع سعر النفط الخام بنسبة 6% في يوم واحد، من 65 دولارًا إلى 69 دولارًا للبرميل، قبل أن يتراجع قليلًا إلى 68 دولارًا، وهو ما يُظهر أن حالة الترقب لم تهدأ بعد.
تأتي هذه القفزة بعد سلسلة ارتفاعات سابقة في أسعار النفط، حيث زادت الأسعار بأكثر من 20% خلال الشهر الأخير، بعدما كانت قد بلغت أدنى مستوى لها عند 57 دولارًا للبرميل، وسط مخاوف من ركود اقتصادي عالمي ناجم عن التوترات التجارية بين واشنطن وبكين.
وفي نفس السياق، ارتفع سعر الذهب، الذي يُعد ملاذًا آمنًا للمستثمرين في أوقات الأزمات، بنسبة 1.5% خلال الـ24 ساعة الأخيرة، ليصل إلى 3,370 دولارًا للأونصة. هذا الارتفاع يعكس توقعات بارتفاع معدلات التضخم المحتملة الناتجة عن زيادة أسعار الطاقة، إضافة إلى الخوف من انهيارات في قيمة العملات.
تشير أيضًا حركة السندات الحكومية الإسرائيلية طويلة الأجل إلى تنامي القلق في أوساط المستثمرين، حيث ارتفعت العوائد مقارنة بالأشهر السابقة، ما يعكس مخاوف من تصاعد المخاطر وتقلبات محتملة في المشهدين الاقتصادي والأمني.
أحد العوامل التي زادت من قلق الأسواق كان صدور أوامر من الولايات المتحدة بإخلاء بعض طواقمها الدبلوماسية من العراق، وهي خطوة تُفهم على أنها استعداد لمواجهة عسكرية محتملة، أو خشية من ضربات إيرانية على القواعد والسفارات الأمريكية في المنطقة ردًّا على الهجوم الإسرائيلي. وفي وقت لاحق، أصدرت الولايات المتحدة توجيهاً استثنائياً لموظفيها في إسرائيل يُفيد بأنه، بسبب التوترات الإقليمية، يُمنع مغادرة مناطق تل أبيب، والقدس وبئر السبع. هذه الإشارات المتتالية ترافقت أيضًا مع انتهاء المهلة التي حددها الرئيس ترمب للاتفاق النووي مع إيران، وبتصريحات متشائمة أدلى بها مؤخرًا، قال فيها إنه غير متأكد من إمكانية التوصل إلى اتفاق، ملوّحًا بإمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري.
وقد أشار مودي شفرير، كبير المحللين الماليين الاستراتيجيين في بنك هبوعليم، في حديثه مع موقع غلوبس الاقتصادي، إلى أن الأسواق تأثرت مباشرة بالتصريحات السياسية والأمنية التي تخرج من واشنطن وتل أبيب، موضحًا أن هذه الأجواء تنعكس فورًا على أسعار النفط، والذهب، وسعر صرف الشيكل أمام الدولار. وأضاف أن أي ضربة عسكرية إسرائيلية ستضعف الشيكل على المدى القصير بسبب القلق من رد إيراني، لكن إذا أسفرت العملية عن إزالة التهديد النووي الإيراني، فقد تتحسن الصورة لاحقًا، مؤكدًا أن كل شيء يتوقف على “نوعية” الضربة ونتائجها.
مقالات ذات صلة: اتفاقية “نادرة” بين الولايات المتحدة والصين حول المعادن النادرة
