
عشية حلول عيد الأضحى المبارك، يتصدر موضوع غلاء الأسعار حديث الشارع العربي عامة. وفي خضم هذا النقاش، يبرز الارتفاع الصارخ في أسعار لحوم المواشي في إسرائيل، ما يثير قلقًا واسعًا تجاه أسعار الأضاحي واللحوم قبل العيد.
وكانت شبكات التواصل الاجتماعي قد ضجت بشكاوى عديدة بسبب الارتفاع الجنوني لأسعار اللحوم، ولحوم الخراف التي وصل سعرها بين 180 شيكل حتى 200 شيكل للكيلو. وبحساب الحد الأدنى للأجور في البلاد، فإن كيلو لحم الخروف سيحتاج من المواطن تقريبًا 6 ساعات عمل لكي يتمكن من شرائه.
وعن الأسباب الجذرية لارتفاع الأسعار قال يوسف عطالله، وهو صاحب مسلخ، بأن النقص الحاد في لحوم الخراف المحلية والمستورة، وارتفاع الطلب المستمر عليها هو السبب المباشر لارتفاع الأسعار. ولفت الى ان التراجع الكبير في عدد مربي الخراف والمواشي في البلاد السنوات الأخيرة بنسبة تتراوح ما بين 50% حتى 60%، أثر بشكل واضح على الإنتاج المحلي. وأشار الى ان الجيل الجديد لمربي المواشي أبَوا ان يستمروا في تربية المواشي لأسباب عديدة أهمها ارتفاع تكاليف تربيتها.
واستطرد عطالله مشيرا انه على الرغم من استيراد كميات كبيرة من الأغنام والخراف من أستراليا، فإن هجمات الحوثيين على السفن المتجهة للمنطقة عبر البحر الأحمر أدى لخفض الاستيراد بشكل حقيقي. هذا التحدي أجبر السفن المحملة بالمواشي من استراليا لسلوك طريق بحري أطول للوصول إلى البلاد عبر المحيط الهادئ. الأمر الذي سيستغرق ما يقارب 58 يومًا بدلاً من 18 يومًا عبر البحر الأحمر مما يعني ارتفاع تكاليف الشحن بشكل كبير، ومن جهة ثانية أثار معارضة شديدة من قبل جمعيات الرفق بالحيوان لمكوث المواشي مدة طويلة في السفن خلال الشحن، بسبب المعاناة التي يتعرض لها المواشي طيلة هذه المدة وبالتالي ساهم في زيادة النقص.
وأوضح عطا الله أن المشكلة ليست في الجزارين (أصحاب الملاحم) أو المنتجين أو حتى المستوردين، بل هي مرتبطة بتكاليف الشحن وبارتفاع تكاليف الأعلاف. فمعظم الأعلاف المستوردة الى البلاد كانت تأتي من أوكرانيا وروسيا، لكن الحرب المستمرة هناك أدت الى تقليص الاستيراد، خصوصًا القمح والذرة والشعير التي تضاعف سعرها. وبخصوص حملة المقاطعة التي أُعلن عنها مؤخرا، توقع السيد عطا الله أنها لن تأتي بمنفعة حقيقية، حيث سيستمر الجمهور في استهلاك لحوم الخراف، وإن كان من المتوقع أن ينخفض الاستهلاك جزئيًا. مشيرا بشكل شخصي كصاحب مسلخ انه يشهد تباطؤًا حقيقا في الطلب على الأضاحي عشية حلول العيد مقارنة مع أعوام ماضية.
وللتخفيف من هذه الأزمة دعا عطالله الى إعادة تسهيل استيراد الأغنام من أستراليا وتعامل الحكومة مع التحديات المتعلقة، إضافة الى العمل على خفض تكاليف الأعلاف المخصصة للمواشي، وذلك من خلال تخفيف الضرائب على القمح والذرة المستوردة، ودعم المزارعين ومربي المواشي لتعزيز الإنتاج المحلي.
وفيما يتعلق بسائر العوامل التي من شأنها تخفيف تكاليف الإنتاج ناشد عطالله تخفيف مجمل الضرائب المفروضة على المصالح الصناعية والتجارية، لافتا على سبيل الذكر لا الحصر الى رسوم التأمين الوطني التي يطلب من ارباب العمل دفعها عن العمال الذي يعملون لديهم والتي بدورها تؤثر بشكل مباشر على تكاليف التشغيل، خاصة إذا كان الحديث عن عدد كبير من العمال في المصلحة.
وتحدث أفيف حاصباني رئيس نقابة الأغذية والمواد الاستهلاكية في اتحاد ارباب الصناعة مشيرا الى ان التكاليف تنبع من غلاء الأسعار الذي تتحكم به عوامل خارجة عن إرادة المنتجين وارباب الصناعة أهمها الحرب المستمرة منذ 600 يوم التي أدت إلى ارتفاع علاوة المخاطر في السوق الإسرائيلية. ويعزى ذلك أيضا إلى العوامل المرتبطة بالحرب منها تزايد مدة سلاسل الإمداد البحرية جراء هجمات الحوثيين، وارتفاع تكاليف الشحن البحري وتغيرها المتكرر والزيادة الكبيرة في تكاليف التأمين البحري. بموازاة هذا كله، قامت وكالات التصنيف الدولية بتخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل. ما يعكس مخاطر أعلى على الاقتصاد المحلي، ويؤدي لزيادة تكاليف الاقتراض والتمويل.

وفي تعليقه على خصوصية قطاع اللحوم قال حاصباني انه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن غالبية الواردات تتمثل في العجول والخراف الحية. كما أن حوالي 70% من أعلاف الحيوانات يتم استيرادها من الخارج، مع العلم ان أزمة المناخ أدت إلى ارتفاع سعر الأعلاف. ناهيك عن مرور عام كامل من الجفاف في البلاد، ما يرفع من تكاليف التربية والإنتاج.
وكما يؤكد حاصباني، فإنّ هذا القطاع ليس بمعزل عن التكاليف والأعباء التنظيمية والبيروقراطية،كالرقابة البيطرية. إذ إن النقص الحاد في عدد المفتشين بالهيئة البيطرية (على الرغم من زيادة رسوم التفتيش البيطري) يؤدي إلى مطالبة الأطباء البيطريين بخفض كميات الذبح بنسب كبيرة في المسالخ. وهذا يفرض تكاليف باهظة على المنتجين، الذين يواجهون في فترات الأعياد عددًا محدودًا من أيام العمل.
مقالات ذات صلة: من بينها الهجمات اليمنية: هذه أسباب ارتفاع أسعار اللحوم في البلاد قبل عيد الأضحى










