في مؤتمرها السنوي Google I/O الذي عُقد في ماونتن فيو بولاية كاليفورنيا، أعلنت شركة غوغل عن سلسلة من التحديثات والابتكارات التي تهدف إلى وضع الذكاء الاصطناعي في متناول أكبر عدد ممكن من مستخدمي الإنترنت، وفي الوقت نفسه جذب زبائن مخصصين من خلال خطة اشتراك شهرية جديدة تصل قيمتها إلى 249.99 دولارًا، حيث يأتي هذا التوجه الجديد في ظل منافسة محتدمة من شركات مثل OpenAI وAnthropic، وسط تغيرات جذرية في كيفية تفاعل المستخدمين مع محركات البحث ومصادر المعلومات.
غوغل التي بدت متأخرة عند انطلاقة ChatGPT في أواخر عام 2022، أصبحت اليوم أكثر جرأة في استعراض عضلاتها التقنية. في المؤتمر، كشفت الشركة عن رؤيتها الجديدة لمحرك البحث الخاص بها، حيث يستطيع المستخدم الآن طرح أي سؤال، سواء كان بسيطًا أو معقدًا، بل وحتى الاستعانة بكاميرا الهاتف لتحليل الصور أو البحث عن تذاكر الفعاليات، بالإضافة إلى إمكانيات مثل الاتصال بالمتاجر أو إعداد امتحانات تعليمية باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وقد أكد المدير التنفيذي لألفابت الشركة الأم لغوغل، ساندار بيتشاي، أن الذكاء الاصطناعي الذي تطوره الشركة يوازن بين الأداء والتكلفة، مشيرًا إلى أن تطبيق Gemini وصل إلى أكثر من 400 مليون مستخدم نشط شهريًا. وأعلن بيتشاي كذلك أن محرك البحث في الولايات المتحدة بات يتيح خيار “الوضع الذكي بالذكاء الاصطناعي” الذي يقدم إجابات مولّدة حاسوبيًا بدلًا من الروابط التقليدية.
واحدة من أبرز الإعلانات كانت إطلاق خطة اشتراك شهرية تحت اسم “AI Ultra Plan”، والتي تمنح المستخدمين مزايا موسعة تشمل أدوات تجريبية مثل Project Mariner الذي يتيح أتمتة المهام داخل المتصفح، ونسخة متقدمة من نموذج Gemini القادرة على التعامل مع المهام المعقدة. تشمل الخطة كذلك 30 تيرابايت من التخزين السحابي واشتراكًا في يوتيوب بدون إعلانات. تأتي هذه الباقة في سياق توجه عام بين الشركات نحو إيجاد مصادر دخل لتغطية التكاليف الباهظة لتطوير الذكاء الاصطناعي، وهي تُقارَن بخطط مشابهة من OpenAI وAnthropic.
بالإضافة إلى هذه الباقة الفاخرة، توفر غوغل خطط اشتراك أقل تكلفة، منها خطة بسعر 19.99 دولار شهريًا تمنح المستخدمين صلاحيات خاصة غير متاحة لمستخدمي النسخة المجانية. وقد كشفت الشركة الأسبوع الماضي أنها وصلت إلى أكثر من 150 مليون مشترك عبر هذه الخطط مجتمعة.
رغم هذه الطفرة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، أشار بيتشاي إلى أن البحث التقليدي لم يفقد أهميته بالكامل، بل إن نطاق استخدامات البحث يتوسع بفضل إمكانيات الذكاء الاصطناعي الجديدة. غير أن السوق لا يخلو من التحديات، فخلال هذا الشهر وحده، فقدت أسهم شركة ألفابت نحو 150 مليار دولار من قيمتها السوقية في يوم واحد، بعد شهادة أحد مسؤولي شركة آبل بأن استخدام Safari للبحث شهد تراجعًا بفعل صعود أدوات الذكاء الاصطناعي. بعض المحللين قدّروا أن حصة غوغل من سوق البحث قد تنخفض من 90% إلى أقل من 50% خلال خمس سنوات، نتيجة لتحول المستخدمين نحو روبوتات الدردشة الذكية.
من جانب آخر، استعرضت غوغل عودة طموحاتها في عالم النظارات الذكية، هذه المرة عبر نظارات مزودة ببرمجية Android XR الجديدة. خلال العرض، دار حوار بين مسؤولَين من غوغل بلغتين مختلفتين، حيث عرضت النظارات الترجمة مباشرة عبر العدسات. في تجربة أخرى، أجاب مساعد Gemini عن أسئلة تتعلق بالمحيط المباشر لمستخدمة كانت تتجول في مقر المؤتمر. كما كشفت الشركة أنها تعمل مع شركة سامسونغ لإطلاق خوذة XR جديدة في وقت لاحق من العام، بالإضافة إلى تعاون مع مصممي النظارات Warby Parker وGentle Monster لإنتاج نظارات ذكية مستقبلية.
في جانب آخر من المؤتمر، كشفت غوغل عن تطورات جديدة في مشروعها Project Astra لتطوير “وكيل ذكاء اصطناعي شامل” يمكنه تنفيذ المهام نيابة عن المستخدم دون الحاجة لأوامر إضافية. في عرض توضيحي، قامت كاميرا الهاتف بالتقاط دعوة مكتوبة وتمكن الذكاء الاصطناعي من إضافتها إلى التقويم تلقائيًا. كما استعرضت الشركة نموذجًا جديدًا باسم Veo 3 قادرًا على توليد الفيديو والصوت بدقة عالية، ما يعد بأدوات أكثر تطورًا لصنّاع المحتوى المرئي.
مقالات ذات صلة: صراع عملاقي الذكاء الاصطناعي: من الأفضل، ChatGPT أم Gemini؟
