/
/
الاحتلال الكامل لغزة يهدد بانهيار الاقتصاد الإسرائيلي ويكشف مأزقًا سياسيًا وأخلاقيًا متفاقمًا

الاحتلال الكامل لغزة يهدد بانهيار الاقتصاد الإسرائيلي ويكشف مأزقًا سياسيًا وأخلاقيًا متفاقمًا

كلفة احتلال غزة وإقامة إدارة عسكرية دائمة فيها قد تصل إلى عشرات المليارات من الشواكل سنويًا، هذا الرقم يشمل النفقات على الجنود النظاميين واحتياجات قوات الاحتياط التي سيُطلب منها السيطرة على أحياء ومخيمات مكتظة بالسكان داخل القطاع، إلى جانب تكاليف تقديم الحد الأدنى من الغذاء والماء والخدمات الصحية التي يُلزم بها القانون الدولي.
أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
SoI War 23 11 01 IDF 13 08
الجيش الإسرائيلي في غزة، الصورة: ويكيميديا

مع دخول العدوان على قطاع غزة شهره الثاني والعشرين، تؤكد كل المؤشرات والتحليلات على أن الحكومة الإسرائيلية لا تملك رؤية استراتيجية واضحة لإنهاء الحرب أو إدارة تبعاتها. وبينما تؤكد تصريحات قادة الجيش أن الحرب استنفدت أهدافها بالكامل، يواصل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو المضي في نهج يقود نحو احتلال شامل للقطاع، مع ما يحمله ذلك من تداعيات كارثية.

وتشير تقديرات موقع كالكاليست الاقتصادي إلى أن كلفة احتلال غزة وإقامة إدارة عسكرية دائمة فيها قد تصل إلى عشرات المليارات من الشواكل سنويًا، وقد يودي بالاقتصاد الإسرائيلي إلى الانهيار. هذا الرقم يشمل النفقات على الجنود النظاميين واحتياجات قوات الاحتياط التي سيُطلب منها السيطرة على أحياء ومخيمات مكتظة بالسكان داخل القطاع، إلى جانب تكاليف تقديم الحد الأدنى من الغذاء والماء والخدمات الصحية التي يُلزم بها القانون الدولي. ومع دمارٍ شبه كامل للبنية التحتية في غزة نتيجة القصف الإسرائيلي، ستجد تل أبيب نفسها مُلزمة أيضًا بتأمين المأوى لمليوني فلسطيني عانوا أقصى ويلات الحرب خلال عامين، إما من خلال إعادة الإعمار أو عبر إنشاء مدن خيام مؤقتة، وجميعها خيارات ستثقل كاهل خزينة الدولة المنهكة أساسًا بحسب الموقع.

وبحسب تقرير كالكاليست، فإن الخطر الاقتصادي لا يقف عند هذه الأرقام، بل له تداعيات عسكرية على الجيش. فالتورط في قطاع غزة سيأتي على حساب جهوزية الجيش في الجبهات الأخرى، مثل الحدود الشرقية الطويلة مع الأردن، والجبهة المتفجرة مع لبنان، والمواقع الحساسة في مرتفعات الجولان المحتلة مع عدم استقرار الأوضاع في سوريا، ويأتي ذلك أيضًا في ظل استمرار التهديدات من الحوثيين في اليمن والتوتر المتجدد مع إيران. هذا يعني أن الجيش الإسرائيلي، الذي خسر حتى الآن أكثر من 900 قتيل و18 ألف جريح، ويُعاني من نقص يقارب 12 ألف جندي في كل دورة تجنيد، سيُطلب منه أن يبسط سيطرته على غزة بينما يفتقر إلى القوى البشرية الكافية لتأمين باقي” الجبهات”.

الأزمة تتفاقم بسبب الاتفاقات السياسية الداخلية، حيث يرفض نتنياهو ومَن حوله فتح ملف تجنيد الحريديم للجيش، رغم مطالبات وزراء سابقين ومسؤولين عسكريين ورؤساء أركان سابقين. وحتّى إيال زمير  رئيس الأركان الحالي لديه صراعًا مع نتنياهو وقد يقدّم استقالته قريبًا، خاصة بعدما أعرب في الأسابيع الماضية عن رفضه لاحتلال القطاع، واعتبر أن عملية “عربات جدعون” فشلت في تحقيق أهداف الحرب الثلاثة: تحرير الأسرى، نزع سلاح حماس، وإنهاء سلطتها.

في ظل كل هذه الأوضاع، لا يبدو أن الحكومة الإسرائيلية قادرة على تقديم حل حقيقي أو رؤية للخروج من المستنقع الذي غرقت فيه. وعلى العكس، تُظهر المؤشرات أنها تواصل الانجرار وراء أجندة اليمين المتطرف، الذي لا يخفي رغبته في إعادة مشروع الاستيطان داخل قطاع غزة، رغم الكلفة الهائلة والفشل السياسي والعسكري المتراكم.

المأزق لا يقف عند الداخل فقط، بل يمتد إلى الساحة الدولية، حيث تتراجع مكانة إسرائيل إلى مستويات غير مسبوقة. فهناك صفقات سلاح يتم إلغاؤها، وجناح إسرائيلي يُمنع من المشاركة في معرض أمني في باريس، وأكاديميون يُقاطعون نظراءهم الإسرائيليين في الجامعات العالمية، بل إن الهوية الإسرائيلية بحد ذاتها، بحسب تقرير كالاليست، أصبحت عبئًا في كثير من دول العالم. هذا الانهيار في الصورة الخارجية ترافقه موجة متزايدة من العزلة الدولية والغضب الشعبي، سيتفاقمان إلى درجة النبذ الكامل إذا مضت تل أبيب فعلًا نحو السيطرة الكاملة على القطاع.

مقالات ذات صلة: عاصفة من العداء لإسرائيل تتنامى: العزلة الدولية تخنق الصناعة الإسرائيلية

مقالات مختارة