/
/
عاصفة من العداء لإسرائيل تتنامى: العزلة الدولية تخنق الصناعة الإسرائيلية

عاصفة من العداء لإسرائيل تتنامى: العزلة الدولية تخنق الصناعة الإسرائيلية

أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
1024px Merkava Mk IV in Gazan street during Operation Swords of Iron
دبابة إسرائيلية في غزة، الصورة: ويكيميديا

مع دخول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة شهرها الثاني والعشرين، تتزايد التهديدات المحيقة بالاقتصاد الإسرائيلي يومًا بعد يوم، لا سيما قطاع الصناعات العسكرية، نتيجة للعزلة الدولية. حيث بات القلق متفاقمًا داخل كبرى الشركات الصناعية والعسكرية الإسرائيلية، مع وجود مؤشرات واضحة على عزلة سياسية متزايدة، وتحذيرات أوروبية من فرض عقوبات قد تستبعد إسرائيل من مشاريع اقتصادية وعلمية مشتركة، في ظل استمرار المجاعة والانهيار الإنساني في القطاع.

في هذا السياق، تحدث مدير إحدى الشركات الصناعية الكبرى، الذي بقيت هويته مجهولة، مع موقع كالكاليست، قائلاً إن شركته خسرت مؤخرًا صفقة أوروبية بقيمة عشرات ملايين الدولارات، رغم وصولها إلى المرحلة النهائية. ويعتقد المدير أن توقيت رفض عرض شركته لم يكن صدفة، بل تزامن مع إعلان تلك الدولة الأوروبية التي لم يسمها فرض قيود على التجارة مع إسرائيل. ونقل موقع كالكاليست أيضًا عن رئيس تنفيذي آخر لإحدى الشركات الإسرائيلية، بأنه استطاع إنقاذ صفقة هامة بصعوبة بعد تعهده بإخفاء هوية شركته الإسرائيلية تمامًا، واستخدام اسمٍ مشفرٍ للإشارة إليها، في محاولة لتجنب المقاطعة.

على مدى سنوات، اعتُبرت أوروبا سوقًا واعدة للصناعات العسكرية الإسرائيلية، لا سيما بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، التي أدت إلى اندفاع غير مسبوق نحو التسليح. في عام 2024، تجاوزت قيمة الصادرات العسكرية الإسرائيلية 14.8 مليار دولار، منها 54% إلى أوروبا، أي ما يعادل أكثر من 7.9 مليار دولار، نصفها كانت أنظمة دفاع جوي.

لكن اليوم، تؤكد عدة شركات عاملة في المجال العسكري أن هناك تباطؤًا ملحوظًا في توقيع العقود الجديدة، بحسب مصادر لوقع كالكاليست. فبعض الدول الأوروبية تؤجل التوقيع على عقود جاهزة بانتظار “انتهاء القصة الإسرائيلية في غزة”، حسب تعبير أحد مديري الشركات. إذ بات المشترون الأوروبيون يتجنبون التورط في صفقات مع شركات إسرائيلية خشية من ردود فعل سياسية أو شعبية، كما تقلّصت الزيارات إلى معارض السلاح الإسرائيلية بشكل كبير، وتراجعت حركة وفود الشراء إلى البلاد.

هذا التراجع يحدث في لحظة حرجة جدًا للصناعات الإسرائيلية. ففي يونيو 2025، ألزمت قمة حلف شمال الأطلسي “الناتو”، بقيادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، جميع دول الحلف برفع إنفاقها الدفاعي السنوي من 2% إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي. هذا القرار من المتوقع أن يضخ مئات مليارات الدولارات في أسواق التسليح العالمية خلال السنوات العشر المقبلة، وهي فرصة قد تجد فيها فرنسا والولايات المتحدة ساحة لتعزيز صادراتها الدفاعية، على حساب إسرائيل.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحاول بالفعل استغلال الموجة لتعزيز مكانة الصناعات الدفاعية الفرنسية، وسعى مؤخرًا لاستبعاد الشركات الإسرائيلية من المعارض العسكرية في بلاده، في محاولة لمنح الأفضلية للمصنّعين الفرنسيين.

وبحسب موقع كالكاليست، لا تكمن الخطورة فقط في فقدان صفقات، بل في خسارة أسواق بأكملها قد يصعب أو يستحيل استعادتها. المخاوف تتزايد من أن إسرائيل على وشك أن تتحول إلى دولة منبوذة على الساحة الدولية، إذ تضاعف الحكومات الأوروبية من ضغوطها، وتهدد بدعم الاعتراف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل.

الحملة ضد إسرائيل لا تقتصر على العقود والأسواق، بل وصلت إلى حد فرض قيود شخصية على وزراء إسرائيليين. الحكومة الهولندية، على سبيل المثال، منعت الأسبوع الماضي دخول وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى أراضيها، ووصفتهم بـ”شخصيات غير مرغوب فيها”. حتى ألمانيا، التي طالما اعتُبرت الحليف الأقرب لإسرائيل، تتجه الآن نحو تأييد الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ما أثار غضبًا واسعًا في الأوساط السياسية الإسرائيلية.

رئيس اتحاد أرباب الصناعة، رون تومر، وصف الوضع بأنه “عاصفة من العداء لإسرائيل تتزايد مع الوقت”، مشيرًا إلى أن الاتصالات اليومية مع مصدّرين إسرائيليين تعجّ بالشكوى من عراقيل أوروبية متزايدة.

وفي ظل تزايد حملات التجويع في غزة، وصور الضحايا، وتقييد دخول الصحفيين الغربيين إلى القطاع، يتعزز الانطباع العالمي بأن إسرائيل أصبحت تجسيدًا للشر في نظر الرأي العام. أحد كبار المسؤولين في شركة أسلحة كبرى قال: “ربما نحتاج إلى حدث دراماتيكي جدًا لتغيير المزاج العالمي. حتى نجاحنا ضد إيران في لم يعد يكفي لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء”.

مقالات ذات صلة: “لا تكاد توجد دولة أوروبية واحدة لا تُدين إسرائيل أو تفرض عليها عقوبات اقتصادية”

مقالات مختارة