/
/
استهداف مباشر للمجتمع المدني العربي: ضريبة 23% على المؤسسات التي لا تتعهد بوقف أنشطتها “السياسية”

استهداف مباشر للمجتمع المدني العربي: ضريبة 23% على المؤسسات التي لا تتعهد بوقف أنشطتها “السياسية”

ينص مقترح القانون على فرض ضريبة 23% على أي تبرع تحصل عليه جمعية من هيئة دولية. لكن يُعفى من هذه الضريبة كل من يتعهد خطيًا بالامتناع لمدة ثلاث سنوات عن القيام بنشاطات تُعتبر "سياسية" كانتقاد الحكومة أو تنظيم تجمعات عامة. كذلك، تشمل الخطة فرض رسوم قضائية أعلى على المنظمات الحقوقية التي تلجأ للمحكمة العليا.
أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
silence
صورة تعبيرية

يعمل رئيس لجنة الدستور في الكنيست، عضو الكنيست سيمحا روتمان، على دفع مقترح قانون جديد يفرض ضرائب مشددة على المنظمات غير الحكومية التي تتلقى تمويلًا من جهات أجنبية، وخاصة تلك التي تُعرف بنشاطها في مجال حقوق الإنسان والتغيير الاجتماعي، ما يؤكد أن حرية التعبير و”الديموقراطية الإسرائيلية” تلفظ أنفاسها الأخيرة.

ينص المقترح على فرض ضريبة بنسبة 23% على أي تبرع تحصل عليه جمعية أو مؤسسة من كيان سياسي أجنبي أو هيئات دولية. لكن يُعفى من هذه الضريبة كل من يتعهد خطيًا بالامتناع لمدة ثلاث سنوات عن القيام بنشاطات تُعتبر “سياسية” بموجب التعريفات المطبقة على موظفي الدولة. يشمل ذلك الامتناع عن تنظيم تجمعات عامة ذات طابع سياسي، أو المشاركة في مظاهرات أو مسيرات سياسية، أو حتى انتقاد سياسات الحكومة.

ووفقًا لمدقق الحسابات ومستشار مؤسسات المجتمع المدني، نمرود شلبي، في مقال سابق له على وصلة، فإن البند ٣٦أ من قانون الجمعيات يعرف الهيئة الدولية على أنها “دولة /حكومة اجنبية، مؤسسة تابعة لدولة اجنبية (سفارات، سلطات محلية، صناديق تمويل حكومية وما شابه)، اتحاد حكومات أجنبية (الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة، USAID وما شابه)، السلطة الفلسطينية ومؤسساتها، شركات وصناديق دولية تمتلك فيها إحدى المؤسسات المذكورة أعلاه أسهماً أو حقوق ملكية، والشركات الأجنبية الممولة من قبل الجهات المذكورة فيما سبق.”

كما يشمل المقترح شرطًا إضافيًا يتعلق بيوم الانتخابات، يمنع بموجبه الجمعيات من توفير وسائل نقل للناخبين إلى مراكز الاقتراع دون مقابل مالي كامل، إذا كان الغرض هو التأثير على نتائج التصويت. وقد يشكل هذا البند عائقًا كبيرًا أمام الجمعيات العاملة على تسهيل الوصول لصناديق الاقتراع، خصوصًا في القرى النائية والمجتمعات المهمشة مثل البلدات العربية والنقب.

وتنص الصيغة الحالية للمقترح على أن أي جمعية تدلي بتصريح كاذب بشأن التزامها بتلك الشروط قد تواجه غرامات مالية ومضاعفة نسبة الضريبة. وفي حال تكررت المخالفات مرتين، يمكن لمسجل الجمعيات في وزارة العدل إصدار أمر بحل الجمعية بشكل نهائي.

ede6bc0c b11f 4951 b5f7 064e5c8fc437 e1740653161810
نمرود شلبي – مُدقق حسابات ومستشار لمؤسسات المجتمع المدني

من ناحية أخرى، تشمل الخطة فرض رسوم قضائية أعلى على المنظمات الحقوقية التي تلجأ للمحكمة العليا للطعن في قرارات الحكومة، في حال كانت تلك المنظمات تتلقى تمويلًا أجنبيًا. ويأتي هذا البند ضمن مساعٍ أوسع لتقليص قدرة تلك المنظمات على التأثير من خلال الوسائل القانونية.

في الصيغة الأولية السابقة للمقترح، كانت الضريبة المقترحة تصل إلى 80% على التبرعات الأجنبية، مع حظر تام على التوجه إلى المحاكم. لكن التعديل الأخير خفّض النسبة إلى 23% وأبقى على بعض الاستثناءات، من بينها إعفاء المؤسسات العامة التي تحصل على ميزانية من الدولة، أو التي لا يتجاوز حجم نشاطها السنوي 100 ألف شيكل. كما يحق لوزير المالية منح إعفاءات إضافية وفق تقديره.

رغم أن النص القانوني لا يستهدف جهات بعينها، فإن التداعيات المحتملة تتركز على منظمات المجتمع المدني التي تنشط في قضايا مثل حقوق الإنسان،  ومؤسسات المجتمع المدني العربية، والمؤسسات الداعمة للمرأة. وتشير تصريحات أعضاء في لجنة الدستور، أبرزهم عضو الكنيست أرييل كالنر من حزب الليكود، إلى أن الهدف من القانون سياسي بحت، حيث يستهدف وفقًا له ما وصفهم بـ”منظمات اليسار المتطرف”.

ووفقًا لشلبي فإن منظمات المجتمع المدني في البلاد بشكل عام وفي المجتمع العربي بشكل خاص تلعب دورًا هامًا ومركزيًا في حياة المواطنين، حيث يعتمد الكثير منهم على التبرعات التي يستهدفها اقتراح القانون، وإقرار التعديل سيشكل ضربة قاضية بالنسبة لهم، بل وقد يؤدي إلى إضعاف وإيقاف نشاط العديد من  الجمعيات.

ويواجه القانون انتقادات حادة من المجتمع الدولي. فقد توجهت مجموعة تضم عشرات المتبرعين البارزين من دول مثل الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا إلى وزير الخارجية، جدعون ساعر، برسالة تحذيرية مفادها أن مقترح القانون “خطير، غير ديمقراطي، ومشحون بدوافع سياسية”، محذرين من أن تطبيقه قد يؤدي إلى إسكات وتصفية ما يقرب من 100 منظمة مجتمع مدني ناشطة حاليًا في إسرائيل.

مقالات ذات صلة: تعديل قانون الجمعيات يعني القضاء على مؤسسات المجتمع المدني في المجتمع العربي

مقالات مختارة