
تسعى سلطة الأوراق المالية إلى إغلاق الثغرات التنظيمية التي استغلتها بعض صناديق الاستثمار المشترك (קרנות הנאמנות) خلال السنوات الأخيرة لترويج منتجاتهم المالية عبر شبكات التواصل الاجتماعي دون رقابة صارمة، في خطوة قد تُحدث تحوّلًا في آليات التسويق والاستثمار للأفراد.
بحسب مسودة التوجيهات التي أعدتها السلطة وأرسلتها مؤخرًا لمديري الصناديق بهدف استطلاع رأيهم قبل التطبيق الرسمي، سيُحظر استخدام المؤثرين أو المشاهير للترويج لصناديق الاستثمار المشترك دون المرور عبر الوصي القانوني للصندوق. هذا الأخير سيكون ملزمًا بالتحقق من توافق أي محتوى ترويجي أو نقاش عام أو منشور على مواقع التواصل الاجتماعي مع قواعد الشفافية الصارمة، خاصةً فيما يخص نسب العوائد وتفاصيل الأداء، وهي تفاصيل سبق أن خضعت لرقابة صارمة في وسائل الإعلام التقليدية مثل الصحف والإذاعة، لكنها ظلت غير منضبطة في الفضاء الرقمي حتى الآن.
ويستند هذا التوجه إلى قناعة لدى سلطة الأوراق المالية بأن المؤثرين حوّلوا بعض شبكات التواصل الاجتماعية إلى ساحة خصبة لترويج رسائل دعائية مقنعة وصعبة التتبع، أحيانًا بمحتوى مموّه أو غير موثوق. وفي حالات كثيرة، وُجد أن هؤلاء المؤثرين ينشرون تحليلات ومقارنات لصناديق معينة مع إظهار مزاياها دون الإشارة إلى أي مخاطر محتملة، بل إن بعضهم، وفقًا لما كشفت عنه السلطة، مرتبط بشكل غير مباشر بمديري هذه الصناديق أو حتى متعاقد معهم سرًا للترويج مقابل عمولات.
وهذه القيود الجديد لن تقف عند حد الترويج المباشر، بل ستمتد لتشمل أساليب غير مباشرة، مثل إعادة نشر تغريدات أو منشورات، أو حتى وضع «إعجاب» أو تعليق إيجابي على منشورات تتعلق بصناديق الاستثمار المشترك، وهو ما سيُعدّ في نظر السلطة «ترويجًا غير مشروع» إذا تبيّن أن هناك علاقة مادية أو تعاقدية تربط الناشر بمديري الصناديق.
وبحسب تقارير سلطة الأوراق المالية، فإن حجم السوق الذي تأثر بهذه الظاهرة ليس هامشيًا. على سبيل المثال، نجحت بعض الصناديق الدولية المسماة بـ«الصناديق الإيرلندية» — نظرًا لتسجيلها في إيرلندا — في استقطاب ما يقارب 16 مليار شيكل خلال العامين الماضيين فقط، وهو ما يمثل حوالي 2.3% من إجمالي سوق صناديق الاستثمار المشترك في إسرائيل. وهذه الصناديق تستفيد من معدلات رسوم إدارية منخفضة للغاية، تصل إلى 0.07% فقط للصناديق التي تتبع مؤشر S&P 500 مثل صناديق iShares، مقارنةً بمتوسط 0.6% لصناديق مماثلة تُدار عبر شركات محلية.
هذه الفروقات الضئيلة في الرسوم، حين تُروّج عبر المؤثرين بحملات تُظهرها وكأنها الخيار الأمثل بلا منازع، أسهمت في سحب شريحة مهمة من المستثمرين الجدد الذين باتوا يبحثون عن خيارات منخفضة الكلفة عبر روابط مجموعات فيسبوك وتطبيقات الدردشة. وقد أشار اتحاد صناديق الاستثمار المشترك في رسالة رسمية إلى السلطة إلى أن «مديري الصناديق المحليين باتوا في موقف صعب، إذ يُطلب منهم الالتزام بقواعد صارمة في الإعلان والبيانات، بينما يعمد منافسون أجانب إلى توجيه رسائل مضللة دون أن تطالهم نفس المعايير».
وبينما رحّب بعض المراقبين بهذه التوجهات، رأى آخرون أنها قد تواجه تحديات في التطبيق العملي، خاصة في بيئة شبكية مفتوحة حيث يمكن لأي شخص إنشاء محتوى أو نشر توصيات استثمارية بحسابات وهمية أو مواقع مجهولة المصدر. لكن سلطة الأوراق المالية أوضحت أنها ستعتبر أي رابط غير مباشر بين المؤثرين ومديري الصناديق بمثابة خرق تنظيمي صريح، وستُعامل الشركات المخالفة كما لو أنها نشرت البيانات بنفسها.
مقالات ذات صلة: “الاستثمار ليس حكرًا على الأغنياء – وكل شخص يمكنه أن يبدأ من اليوم”











