/
/
تقرير جديد يرسم وجهًا صادمًا لقطاع الهايتك: عدد الباحثين عن عمل يتضاعف إلى 15 ألف

تقرير جديد يرسم وجهًا صادمًا لقطاع الهايتك: عدد الباحثين عن عمل يتضاعف إلى 15 ألف

التقرير الجديد كان شاملًا للعديد من الأرقام والتفاصيل المقلقة، من ضمنها أن نسبة موظفي الهايتك من جميع الباحثين عن عمل في البلاد ارتفعت من 6% فقط عام 2019، إلى 10.9% اليوم ومعظمهم تمّ فصلهم لا استقالوا. كذلك، فإن نسبة الموظفين المخضرمين من ذوي الخبرة العالية ضمن الباحثين عن عمل ازدادت بشكل لافت، وفي المجالات الأساسية كذلك، وهو ما يفنّد فرضية أنهم من صغار الموظفين.
أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
high tech
صورة توضيحية

يشير تقرير خاص جديد صادر عن مصلحة الاستخدام والتشغيل إلى أن قطاع الهايتك في البلاد، الذي لطالما تميّز بقوّته في سوق العمل، يواجه أزمة تشغيل غير مسبوقة منذ سنوات، حيث تضاعف عدد الباحثين عن عمل فيه بأكثر من الضعف خلال ست سنوات، مسجلًا قفزة بنسبة 112% من نحو سبعة آلاف باحث عن عمل في يناير 2019 إلى ما يقارب خمسة عشر ألفًا في أبريل 2025.

بحسب الأرقام التفصيلية، فقد وصل عدد العاملين في قطاع الهايتك الذين يبحثون عن عمل إلى 14,955 مع نهاية شهر أبريل الماضي، بينما كان عددهم في بداية عام 2019 حوالي 7,058 فقط. هذا يعني أن العدد تضاعف خلال السنوات الأخيرة. ولا يقتصر الأمر على ارتفاع العدد وحده، بل إن نسبتهم من بين جميع الباحثين عن عمل في البلاد ارتفعت أيضًا بشكل كبير، فبعد أن كانت نسبتهم 6% فقط عام 2019، أصبحت اليوم حوالي 10.9%. 

التقرير أظهر أن هذه الأزمة طالت شرائح أساسية من القوة العاملة؛ فقد ارتفع عدد الباحثين عن عمل من مجالات قواعد البيانات والشبكات بنسبة تتجاوز 223%، بينما ارتفع عدد الباحثين عن عمل من مطوري البرمجيات ومحللي التطبيقات بنحو 147% مقارنة بعام 2019. هؤلاء يمثلون معًا قرابة نصف الباحثين عن عمل في مجال الهايتك، ما يدل على أن الأزمة ليست سطحية أو هامشية بل تمس صلب هذا القطاع.

وبحسب مصلحة الاستخدام والتشغيل، فإن نسبة الموظفين المخضرمين من ذوي الخبرة العالية ضمن الباحثين عن عمل ازدادت بشكل لافت، وهو ما يفنّد الفرضية التقليدية بأن العاطلين عن العمل في هذا المجال هم أساسًا من فئة «الجونيور» أو صغار الموظفين. المثير أن الأرقام تُرجح أن الوضع على الأرض قد يكون أسوأ من ذلك، إذ أن الشباب الجدد الذين لم يكتسبوا بعد الأهلية الكافية للحصول على إعانات البطالة، لا يسجلون أنفسهم أصلًا في قاعدة البيانات الرسمية، ما يعني أن عشرات أو ربما مئات العاطلين الفعليين عن العمل غير محسوبين إحصائيًا.

ويتضح من الأرقام أن الأزمة تصاعدت بقوة منذ النصف الثاني من عام 2022، إذ شهدت هذه الفترة بداية تصحيح حاد لنمو غير مسبوق في عدد العاملين بقطاع الهايتك إبان سنوات جائحة كورونا. وقتها استوعب القطاع عشرات الآلاف من الموظفين بسرعة كبيرة لتلبية طلب عالمي على المنتجات والخدمات التقنية. لكن هذا النمو «غير الطبيعي» عاد وانعكس بعد نهاية الطفرة، ليكشف هشاشة القطاع أمام التقلبات العالمية والأزمات المحلية مثل الحرب الأخيرة مع إيران.

ويشير التقرير أنه في يناير 2019، كان هناك 1.6 فرصة عمل لكل باحث عن عمل، أما في أبريل 2025 فقد أصبح الوضع معكوسًا إذ انخفض المؤشر إلى أقل من وظيفة واحدة لكل باحث عن عمل (0.9)، ما يعني عمليًا أنه في مجال الهايتك قد تغير الأوضاع، بحيث لم يعد الموظفون هم من يملكون قوة التفاوض والقدرة على اختيار أماكن عملهم بسهولة، بل أصبحت الشركات هي الطرف الأقوى لأنها أصبحت هي التي تختار من توظف وتحدد الشروط بدقة، بسبب كثرة عدد الباحثين عن عمل مقارنة بعدد الوظائف المتاحة.

المعطيات تبرز كذلك تغيرًا لافتًا في التوازن بين من يتركون وظائفهم طوعًا ومن يفقدونها بسبب التسريح. ففي حين تضاعف عدد الباحثين عن عمل الذين فُصلوا من وظائفهم ليصل إلى 14,545 شخصًا في الربع الأول من 2025 مقارنةً بـ5,767 شخصًا في الربع الأول من 2022، لم يزد عدد الذين تركوا وظائفهم بمحض إرادتهم سوى بمعدل 1.7 مرة فقط. وهكذا ارتفع معدل المفصولين إلى المستقيلين من 3 إلى 4.8، ما يشير بوضوح إلى أن موجة فقدان الوظائف لم تعد خيارًا شخصيًا بل واقعًا فرضته ظروف السوق.

وفي جانب الأجور، أظهر التقرير قفزة واضحة في متوسط رواتب الباحثين عن عمل في هذا القطاع، أي متوسط الرواتب التي كانوا يتقاضونها قبل أن يفقدوا وظائفهم. فقد زاد معدل رواتبهم بنحو 39% بين يناير 2022 وأبريل 2025، ليصل إلى متوسط 20,900 شيكل شهريًا، مقارنةً بمتوسط رواتب الباحثين عن عمل في قطاعات أخرى والذي بلغ 11,700 شيكل فقط لنفس الفترة. بهذا اتسعت الفجوة بين رواتب الباحثين عن عمل من قطاع الهايتك وبقية الباحثين عن عمل من نحو 6,400 شيكل في 2022 إلى أكثر من 9,200 شيكل في 2025، أي بزيادة قدرها 52%.

أما من حيث التركيبة الديموغرافية، فقد لوحظ أن الفئة العمرية الأكثر تضررًا كانت بين سن 36 إلى 45 عامًا، وهي شريحة من الموظفين الذين يُفترض أن سنوات خبرتهم تحميهم من التسريح، ما يعكس عمق الأزمة وتجاوزها الفرضيات التقليدية في سوق العمل. 

كل هذه الأرقام ترسم مشهدًا غير مألوف لسوق العمل في قطاع كان يُصنّف طويلًا بأنه حصن الاستقرار الوظيفي والأجور العالية في إسرائيل. وتكشف الأرقام أن لولا انتعاش الصناعات الأمنية التي استوعبت آلاف المفصولين من شركات التقنية، لكانت الأزمة أعمق وأكثر حدة.

وبينما يرى بعض المحللين أن هذه الظاهرة قد تكون «تصحيحًا» طبيعيًا لفورة التوظيف خلال أزمة كورونا، يشير كثيرون إلى أنها باتت تحمل سمات أزمة بنيوية طويلة الأمد، خاصة مع انتقال السوق من سوق يُدير فيه الموظفون دفة التفاوض إلى سوق يفرض فيه أصحاب العمل شروطهم من جديد.

مقالات ذات صلة: الرواتب في قطاع الهايتك تتراجع 11%… وهذا هو متوسط الأجور في البلاد

مقالات مختارة