منذ اندلاع العمليات العسكرية ضد إيران، يتساءل آلاف المواطنين: “هل سأسترد المال الذي دفعته مسبقاً؟”، سواء كان اشتراكًا في نادٍ رياضي، أو قسط حضانة، أو تذاكر لحفل موسيقي لم يُقم.
ولكن ما الذي يقوله القانون الإسرائيلي في هذا الشأن؟ وهل يحق لك فعلاً أن تطالب باسترداد أموالك عندما يُلغى ما دفعت مقابله بسبب الحرب؟ للإجابة على هذا السؤال، علينا أن نغوص في عمق قانون العقود الإسرائيلي، وتحديداً في المبدأ المعروف باسم “إبطال العقد بسبب الإحباط” أو تعذر إتمام القعد لسبب خارج عن سيطرة الأطراف.

الحرب ليست “حدثًا غير متوقع” في نظر القانون
رغم أن الحرب تبدو للكثيرين حدثاً صادماً، إلا أن القضاء الإسرائيلي يرفض اعتبارها “حدثاً غير متوقع”. فوفقاً لما ورد في المادة 18 من قانون العقود (الجزاءات)، إذا وقع حدث غير متوقّع يجعل تنفيذ العقد مستحيلاً، من الممكن أن يُعفى الطرف المتأخّر من تنفيذ التزامه أو دفع تعويضات.
لكنّ المحكمة العليا قضت منذ عقود، بأن الحرب في السياق الإسرائيلي، ليست “حدثًا غير متوقّع”، بل هي جزء من الواقع المستمر. بعبارة أخرى: ما يبدو “استثنائياً” في بلدان أخرى، يُعتبر في إسرائيل جزءاً من الحياة اليومية.
هذا يعني عملياً أن مزوّدي الخدمات – من حضانات ونوادٍ رياضية ومنظمي الفعاليات – لا يمكنهم التذرّع بالحرب كمبرّر قانوني لإلغاء العقود يسمح لهم بعدم إعادة الأموال للزبائن، إلا في حالات نادرة جداً ترتقي إلى “ظروف استثنائية لا يمكن التغلب عليها”.
حتى بدون “إبطال العقد” – هناك حق في استرداد المال
رغم أن مبدأ “إبطال العقد بسبب الإحباط” نادراً ما يُطبّق، إلا أن القانون لا يزال يوفّر للمستهلكين أدوات قانونية للمطالبة بحقوقهم، وأبرزها:
1. الحق في الاسترداد حتى في حالة الإعفاء من التنفيذ
تنص المادة 18(ب) من نفس القانون على أنه “يمكن للمحكمة أن تأمر كل طرف بإعادة ما حصل عليه بموجب العقد، حتى لو ثبت أن العقد قد تمّ إبطاله”. بمعنى آخر: حتى لو قُبِلَ الادعاء بأن الطرف المزوّد غير ملزم بتقديم الخدمة، فلا يزال بإمكان المحكمة أن تطالبه برد الأموال التي حصل عليها.
بل ويتعدّى الأمر ذلك، إذ عندما لا يُعفى المزوّد أصلاً من تنفيذ التزامه (لأن الحرب لا تُعتبر حدثاً مُحبِطاً للعقد كما أوضحنا)، فإن احتمال إلزامه بإرجاع كامل المبلغ أو جزء منه يصبح أقوى.
2. مبدأ حسن النية والعدالة التعاقدية
القانون في إسرائيل لا يأخذ بعين الاعتبار النص الحرفي للعقد فقط، بل يُعطي وزناً كبيراً لروح النص ومضمونه ومبدأ حسن النية في تنفيذ العقود. إذا لم يتم تقديم الخدمة، ولم تُقدَم بدائل واقعية مثل تأجيل الموعد أو تجميد الاشتراك (بحيث يُعاد مثلًا تفعيل الاشتراك السابق في النادي الرياضي بعد انتهاء الظروف الاستثنائية)، فمن حق المستهلك – أخلاقياً وقانونياً – أن يطالب باسترداد أمواله.
3. شروط العقد نفسها
الكثير من العقود، خصوصاً عقود الحضانات وصالات الرياضة، وشركات الإنتاج، تتضمن بنوداً خاصة تتعلّق بحالات الطوارئ أو القوة القاهرة. فقد يكون العقد ينص مسبقاً على حلول في حالة وقوع حرب، مثل تجميد الاشتراك، أو إعادة المبلغ بشكل كامل أو جزئي.
ولهذا فإن الخطوة الأولى والأهم التي يتعين على المواطن القيام بها هي الرجوع إلى العقد وقراءته بدقة ليتأكد مما وافق عليه عند الإبرام.
ماذا عليك أن تفعل إذن؟
إذا دفعت أموالاً مسبقاً مقابل خدمات أُلغيت بسبب الحرب، فإليك الخطوات التي يُنصح بها قانونياً:
1. راجع العقد الذي وقعته مع مزوّد الخدمة – هل توجد بنود تتعلق بالحرب أو الطوارئ؟
2. توجّه إلى المزوّد برسالة رسمية أو مكتوبة (بريد إلكتروني أو رسالة موثقة) تطلب فيها استرداد أموالك أو الحصول على حل بديل.
3. احرص على توثيق كل الرسائل المتبادلة بينكما، لأنها قد يُستخدم لاحقاً كدليل إذا تمّ الجوء إلى القضاء.
4. إذا لم تحصل على ردّ واضح أو مُرضٍ، لا تتردد في الحصول على استشارة قانونية.
قد لا تُعتبر الحرب مبرّراً قانونياً لإلغاء العقود، ويُتيح لك القانون أن تطالب وتُفاوض وحتّى تُقاضي من امتنع عن إرجاع أموالك لك دون وجه حق. فالقانون، حتى في أوقات الحرب، يجب أن يبقى ملاذاً للعدالة، وليس غطاءً للتنصل من الالتزامات.
* المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة موقع وصلة للاقتصاد والأعمال