
تشهد أسعار المواد الغذائية في البلاد ارتفاعات كبيرة، على الرغم من التراجع الكبير في أسعار المواد الخام في الأسواق العالمية وانخفاض سعر الدولار خلال العام الأخير. وتُظهر بيانات دائرة الإحصاء المركزية أن مؤشر المواد الغذائية ارتفع في أكتوبر بنسبة 1.4% مقارنة بشهر سبتمبر، في حين سجّل المؤشر العام للأسعار ارتفاعًا أقل بكثير بلغ 0.5%. كما ارتفعت أسعار الخضار والفواكه بنسبة لافتة وصلت إلى 3.9% خلال الشهر نفسه مقارنة بالشهر الماضي.
وعند النظر إلى التغيّر السنوي، يتضح أن أسعار المواد الغذائية في أكتوبر 2025 ارتفعت بنسبة 4.1% مقارنة بأكتوبر 2024، وهي وتيرة أعلى بكثير من ارتفاع المؤشر العام الذي بلغ 2.5%. وفي المقابل، شهدت أسعار الخضار والفواكه انخفاضًا ملحوظًا بنسبة 5.1% خلال الاثني عشر شهرًا الماضية.
وتكشف البيانات عن ارتفاعات بارزة في أسعار عدد من السلع الأساسية خلال آخر 12 شهر. فقد قفز سعر الكاكاو بنسبة 25%، وارتفع سعر القهوة بنسبة 15%، بينما زادت أسعار الشوكولاتة والحلويات بنسبة 9%. كما سجّلت الزبدة ارتفاعًا بنسبة 7%، ومنتجات الألبان 6%، واللحم البقري 4.5%. وتأتي هذه الزيادات رغم أن أسعار المواد الخام الأساسية — مثل الأرز والسكر والكاكاو وزيت النخيل والقمح — تراجعت عالميًا، كما هبط سعر الدولار بنحو 14% خلال العام الأخير، وهو ما كان يُفترض أن ينعكس بانخفاض أسعار المنتجات المستوردة والمواد الأولية للصناعة المحلية.
ويُعزى جزء من الارتفاع في أكتوبر إلى انتهاء التخفيضات الواسعة التي رافقت موسم الأعياد اليهودية، إلا أن المؤشرات الحالية تشير إلى إمكانية دخول سوق المواد الغذائية في موجة جديدة من الغلاء. فقد أعلنت شركة شتوفيتس في نهاية أكتوبر عن رفع أسعار مجموعة من منتجاتها بنسبة تراوح بين 8% و12%، وتبعتها شركة بوظة شتراوس التي رفعت أسعار منتجاتها حتى 9%. ورغم أن هذه الزيادات لا تزال محصورة في سلع محددة، إلا أن التجربة خلال السنوات الماضية تُظهر أنه عندما يبدأ مورّد كبير برفع الأسعار، فإن موجة الغلاء تمتد عادة إلى سلع وشركات أخرى، وغالبًا ما تستغل السوبرماركتات الكبيرة هذه الزيادات لرفع أسعارها على المواطنين بما يفوق ارتفاع أسعار المورّدين، بهدف تعزيز هوامش الربح.
وقد جاءت هذه الزيادة بعد شهرين من الانخفاضات الملحوظة في الأسعار. ففي أغسطس، خلال ذروة موسم السفر إلى الخارج، خفّضت السوبرماركتات الأسعار بسبب تراجع الطلب. وفي سبتمبر، قامت السوبرماركتات بإطلاق تخفيضات أكبر لأنّ نسبة المبيعات كانت أقل من المتوقع خلال فترة الأعياد. إلا أن أكتوبر شكّل نقطة تحوّل واضحة مع عودة الأسعار إلى الارتفاع، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية في عدد منها بنسب وصلت إلى 4% في بعض المتاجر.
ويقول البروفيسور إيتاي أتر من كلية الإدارة في جامعة تل أبيب في حديثه مع موقع داماركر الاقتصادي، إن موجة الغلاء الحالية ليست مجرد انعكاس لقرارات الشركات والمورّدين، بل نتيجة مباشرة لغياب سياسة حكومية واضحة في مجال مكافحة غلاء المعيشة. ويشير إلى أن تكلفة المعيشة تتصدر باستمرار قائمة القضايا التي تقلق الجمهور، ومع ذلك لم تُنفّذ الحكومة أي إصلاح جوهري حتى الآن. ويضيف أن الوعود التي سبقت الانتخابات لمعالجة هذه الأزمة لم تتحول إلى خطوات فعلية، ما يترك السوق مكشوفًا لقرارات المورّدين وشبكات التسويق دون وجود رقابة فعّالة.
مقالات ذات صلة: التأمين الوطني: ربع الأسر العربية في البلاد تعاني من الجوع











