
رغم السمعة التي بنتها تيليغرام كتطبيق آمن يحفظ خصوصية مستخدميه، إلا أن الواقع يبدو مختلفًا بشكل مقلق، خصوصًا في ظل الارتفاع الحاد في تعاون الشركة مع السلطات الحكومية حول العالم. تظهر البيانات أن الربع الأول من عام 2025 شهد طلبات من حكومات مختلفة للحصول على معلومات عن 22 ألف مستخدم لتطبيق تيليغرام، معظمهم من الهند. وهذه الأرقام تعكس تحولًا دراماتيكيًا في سياسات الشركة خلال الفترة الأخيرة.
بحسب موقع ذاماركر، فخلال النصف الثاني من عام 2024، تلقت فيسبوك من الحكومة الإسرائيلية طلبات للحصول على بيانات 2268 مستخدمًا إسرائيليًا، وتمت الموافقة على 83% من هذه الطلبات. إجمالًا، تلقت ميتا خلال تلك الفترة طلبات حول بيانات 600 ألف حساب حول العالم خلال ستة أشهر فقط. أما شبكة إكس فقد تلقت 20 ألف طلب ووافقت على نصفها. ويتم نشر هذا البيانات ضمن تقارير الشفافية التي تصدرها هذه الشركات.
في المقابل، ورغم أن شركة تيليغرام كانت تروج لنفسها كمنصة أكثر أمنًا وخصوصية، إلا أن شفافيتها أصبحت محدودة. ومن خلال ما يعرف بـ”بوت الشفافية”، تعرض تيليغرام لمستخدميها جزءًا بسيطًا فقط من المعلومات المرتبطة بالدولة التي ينتمون إليها، دون نشر قاعدة بيانات مفتوحة كباقي الشركات، وهو ما دفع نشطاء في مجال الخصوصية إلى استخراج البيانات الأولية ونشرها عبر منصات مثل GitHub لإتاحتها للجميع.
التغيير الكبير في سياسة تيليغرام بدأ بعد اعتقال مؤسسها بافل دوروف في أغسطس الماضي. منذ ذلك الحين بدأت الشركة تعلن رسميًا عن تعاونها مع حكومات متعددة وتسليم بيانات مستخدمين بناء على طلبات رسمية، وهو ما يثير مخاوف كبيرة خصوصًا في أوساط نشطاء حقوق الإنسان والمعارضة السياسية في دول مثل إسرائيل، حيث يعتمد الكثيرون على التطبيق للتنسيق والتنظيم بعيدًا عن أعين السلطات.
حتى الآن، لا توجد تقارير منشورة عن طلبات من إسرائيل للحصول على بيانات من تيليغرام، إلا أن المراقبين يحذرون من أن هذا قد يتغير بسرعة في ظل التوترات السياسية والتراجع المستمر في مؤشرات الديمقراطية في إسرائيل. تأتي هذه التحذيرات وسط اتهامات لرئيس الحكومة الإسرائيلية بمحاولة استخدام الأجهزة الأمنية لملاحقة المتظاهرين، كما صرح مؤخرًا رئيس سابق لجهاز الشاباك.
أما الحل الأكثر أمانًا الذي يوصي به تقرير ذاماركر، فهو تطبيق “سيغنال” Signal، الذي يوفر تشفيرًا كاملًا للمحادثات ولا يحتفظ بأي بيانات تعريفية باستثناء آخر وقت تم فيه استخدام الحساب. حتى عنوان بروتوكول الإنترنت (IP) لا يُسجل لدى سيغنال، وعندما تتلقى الشركة أوامر قضائية مثل تلك التي وردت مؤخرًا من محكمة مقاطعة سانتا كلارا في كاليفورنيا، تكون البيانات التي تقدمها محدودة للغاية وتقتصر فقط على وقت آخر اتصال.
بخلاف ذلك، يتمتع سيغنال بمستوى من الحماية يفوق تيليغرام وحتى واتساب، فرغم التشفير الكامل للمحادثات على واتساب End-to-end encryption إلا أنه لا يزال يحتفظ ببيانات وصفية مثل هوية الأطراف المتواصلة وأوقات الاتصالات. مع ذلك، لا يخلو سيغنال من بعض القيود مثل ضرورة امتلاك رقم هاتف وعدم إمكانية إنشاء أكثر من حساب واحد، لكنه يبقى الخيار الأفضل حاليًا للناشطين والمعارضين في إسرائيل مقارنة بتيليغرام.
مقالات ذات صلة: البرازيل تدشن عصراً جديداً وتمنح مواطنيها الحق في بيع بياناتهم الشخصية











