/
/
التأجيل الإسرائيلي لمشروع خط أنابيب “نيتسانا” يضع مصر في موقف حرج لتأمين الغاز

التأجيل الإسرائيلي لمشروع خط أنابيب “نيتسانا” يضع مصر في موقف حرج لتأمين الغاز

أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
أحد حقول الغاز الإسرائيلية (صورة توضيحية)- المصدر: ويكيميديا
أحد حقول الغاز الإسرائيلية (صورة توضيحية)- المصدر: ويكيميديا

تواجه مصر تحديات متصاعدة في قطاع الطاقة بعد أن أعلنت شركة “نيو ميد إنيرجي”، إحدى الشركات المشغلة لحقل ليفياثان، عن تأجيل مشروع خط أنابيب “نيتسانا” حتى النصف الأول من عام 2028 بدلاً من بدء تشغيله في عام 2025 كما كان مخططاً. وقد جاء ذلك بعد خلافات بين الشركات المشغلة وسلطة الغاز الطبيعي بشأن توزيع الكميات وتكاليف المشروع، ما يعمّق أزمة الغاز في مصر التي تعاني أساساً من تراجع الإنتاج المحلي وارتفاع الطلب الداخلي.

مشروع نيتسانا كان سيشكل ركيزة أساسية في رفع القدرة التصديرية الإسرائيلية من الغاز إلى مصر من 1.6 مليار قدم مكعبة يومياً إلى 2.2 مليار قدم مكعبة يومياً، حيث يربط الشبكة الجنوبية للغاز في إسرائيل بشبكة الغاز المصرية في شرق سيناء عبر خط أنابيب بطول 65 كيلومتراً وبطاقة استيعابية تصل إلى 600 مليون قدم مكعبة يومياً. ووفقاً للتقديرات، فإن صادرات الغاز الإسرائيلي إلى مصر بلغت في الربع الأول من عام 2025 نحو مليار قدم مكعبة يومياً، وكان يفترض رفعها إلى 1.6 مليار قدم مكعبة بحلول نهاية العام، عبر تحديث خطوط الأنابيب ومحطات الضغط في الأردن، إلا أن هذا المخطط بات مجمداً إلى أجل غير مسمى.

الأزمة لا تتوقف عند الجانب الفني فقط، بل تمتد إلى خلافات اقتصادية وسياسية أوسع. الشركاء الإسرائيليون في حقلي ليفياثان وتمار يسعون إلى إعادة التفاوض على الأسعار مع الجانب المصري، لرفعها من أقل من 6 دولارات إلى مستويات أعلى لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مستغلين حاجة مصر المتزايدة للغاز في ظل أزمة إنتاج محلي خانقة. وتفيد تقارير بأن إسرائيل تضغط لزيادة صادراتها إلى مصر بنسبة 25% في محاولة لتعزيز مكانتها كمصدر إقليمي رئيسي للغاز، بينما تجد القاهرة نفسها أمام خيارات معقدة لتأمين الإمدادات مع حلول ذروة الاستهلاك في الصيف.

وزارة البترول المصرية أعلنت مؤخراً وصول وحدة التخزين وإعادة التغييز العائمة “إنرغوس باور” إلى مصر قادمة من ألمانيا، بسعة 174 ألف متر مكعب. هذه الوحدة، التي استأجرتها القاهرة من شركة “نيو فورتريس إنرجي” الأمريكية، هي واحدة من أربع وحدات تعتزم مصر تشغيلها لتعزيز وارداتها من الغاز المسال، فيما لا تزال اثنتان منها قيد التسليم.

في المقابل، تواجه الحكومة المصرية عبئاً مالياً إضافياً في ظل سعيها لاستيراد ما بين 40 إلى 60 شحنة غاز طبيعي مسال بتكلفة قد تصل إلى 3 مليارات دولار، حسبما كشفت مصادر مطلعة لوكالة رويترز. حيث تخوض القاهرة مفاوضات مكثفة مع شركات طاقة وتجارة عالمية لتأمين هذه الشحنات في ظل تراجع إنتاج الغاز إلى أدنى مستوياته منذ تسع سنوات، ما أعاد مصر إلى موقع “المستورد الصافي” بعد أن كانت تتطلع إلى تصدير الغاز إلى أوروبا قبل أعوام قليلة فقط.

بيانات “ستاندرد آند بورز غلوبال كوموديتي إنسايتس” تظهر أن مصر اشترت بالفعل 1.84 مليون طن من الغاز المسال في عام 2024، فيما يشكل الغاز الإسرائيلي حالياً ما بين 40% إلى 60% من واردات الغاز المصرية وما بين 15% إلى 20% من إجمالي الاستهلاك المحلي، وفقاً لإحصاءات مبادرة البيانات المشتركة (جودي).

ومع ارتفاع سعر الغاز المسال عالمياً إلى أكثر من 13 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية مقابل نحو 6 دولارات فقط للغاز الإسرائيلي، تزداد صعوبة الخيارات أمام القاهرة. الحكومة المصرية تحاول حالياً تنويع مصادر التوريد عبر مفاوضات مع قطر والجزائر وأرامكو السعودية وشركات تجارة عالمية، إلا أن نجاح هذه المفاوضات لا يزال غير مضمون في ظل المنافسة الشديدة على الغاز في الأسواق الدولية، خصوصاً مع اقتراب ذروة الطلب خلال أشهر الصيف.

مقالات مختارة