يُصادف اليوم الاحتفال باليوم الدولي للتنوع في العالم، الذي تزداد الحاجة إليه بشكل كبير في عصرنا الحالي، في الوقت الذي تشهد فيه سياسات الشمولية في الغرب تراجعًا كبيرًا، ففي الولايات المتحدة أُلغيت مئات الوظائف المتعلقة بالتنوع والإنصاف والشمول، ولا يقل التحدي في إسرائيل عن نظيره حول العالم، فرغم أن المجتمع العربي يشكل نحو 21% من السكان، إلا أن نسبة اندماجه في الهايتك، والقطاع العام، ومراكز اتخاذ القرار لا تزال منخفضة جدًا.
في هذا التوقيت تحديدًا، عُقد بالأمس (20 أيار) مؤتمر IncluVision 2025 التابع لكو إمباكت – وهو المؤتمر السنوي للتنوع في القطاع الخاص في البلاد. وقد ركز المؤتمر على التنوع كأداة استراتيجية، وعلى الدمج كنهج عمل، وتناول سبل بناء سوق عمل أكثر عدلاً واحتواءً ومتانة، خصوصًا في ظلّ الحرب، والأزمة الاجتماعية، والخطاب المشحون، والتغيرات التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي الذي يُهدد بتوسيع الفجوات الاجتماعية والاقتصادية القائمة.
أقيم المؤتمر يوم الاثنين، 20 أيار، بأسلوب تشاركي دون محاضرات تقليدية، بل من خلال حلقات نقاش وورشات عمل تفاعلية أتاحت مشاركة فاعلة لمئات من المدراء والمديرات من القطاع العام وقطاع الأعمال والمجتمع المدني. وكان هدف المؤتمر الدفع نحو حوار حقيقي وفعّال يهدف إلى تحويل الأقوال إلى أفعال، انطلاقًا من الفهم بأن التنوع لا يمكن أن يتحقق دون اشتمال فعلي للجميع.
وفقًا لمعطيات دائرة الإحصاء المركزية ومركز الأبحاث والمعلومات بالكنيست، فإن العرب يشكلون نحو 21% من السكان، لكنهم يمثلون فقط 1.4% من العاملين في مجال الهايتك. أما في مجالات التخطيط والرقابة – التي تحدد البنى التحتية والتطوير والحيّز العام – فتبلغ نسبة العرب 3.2% فقط. وعلى الرغم من أن 60% من الطلاب العرب في مجال الحاسوب هنّ من النساء، إلا أن 0.5% منهن فقط ينجحن في الاندماج في سوق الهايتك. كما أن أكثر من 70% من النساء العربيات الحاصلات على شهادات تكنولوجية لا يعملن في هذا المجال، أو لا يدخلن في سوق العمل إطلاقًا.
إضافة إلى ذلك، تفيد بيانات المنتدى الاقتصادي العالمي (2023) أن 23% من الوظائف الحالية ستختفي بحلول عام 2027، وأكثر من 40% من المهارات المطلوبة في سوق العمل ستتغير، ورغم ذلك، فإنّ العديد من الشبان والشابات العرب يعانون من غياب الفرص وبرامج التدريب والتأهيل.
في افتتاح المؤتمر، تحدث الرؤساء المشاركون لـ لكو إمباكت، وليد عفيفي وإيال ماليس، ورئيس الهيئة لتطوير الاقتصاد في المجتمع العربي حسان طوافرة، والمدير العام لـ لكو إمباكت شادي حداد. لاحقًا، جرى حوار مفتوح بين دادي بيرلموتر، رئيس لجنة تعزيز رأس المال البشري في الهايتك، والدكتورة نسرين حداد حاج يحيى، المديرة الشريكة في NAS ومديرة مجال الأبحاث في “البيادر”، تحت عنوان: “التنوع هو القاعدة – والدمج هو الطريق.”
قالت د. نسرين حداد حاج يحيى: “أيها المدراء والمديرات الأعزاء، الفرصة بين أيديكم. كل شابة وشاب من المجتمع العربي ممن يصلون إلى مقابلة عمل هم ألماس غير مصقول. صحيح أنهم قد يأتون بعبرية بسيطة، أو دون خبرة سابقة، لكنهم يأتون مع طاقة وإمكانيات هائلة. وما يحتاجونه حقًا هو مدير واحد يرى إمكانياتهم الكامنة، ويؤمن بهم ويمنحهم فرصة. وعندما تُمنح هذه الفرصة، فهي لن تغيّر فقط حياتهم، بل ستُغيّر وجه المجتمع بأكمله”.
في وقت لاحق، عُقدت جولتان من ورشات العمل التطبيقية بإشراف خبراء من المجال التجاري والاجتماعي. وشكّل المؤتمر أيضًا ساحة لقاء لقادة من القطاعات التجارية، العامة، والمدنية – إلى جانب الشركاء الاستراتيجيين لـ لكو إمباكت – الذين بحثوا معًا سبل إحداث تغيير جوهري وواقعي ينطلق من داخل المنظمات، دون الاعتماد على التنظيم أو التشريع.
وقد صرّح شادي حداد، المدير العام لـ “كو إمباكت”: “في مشهد يسوده الضبابية وانعدام اليقين، التحدي ليس فقط في ترميم إعادة تأهيل، بل في تخيّل صورة أخرى له وبنائه من جديد. وعلينا أن نضمن أن يكون المجتمع العربي مشمولًا كشريكٍ متساوٍ ومركزي، وأن نستثمر الإمكانات البشرية الهائلة الكامنة فيه. إنّ التنوع والشمول والدمج ليست مجرد قيم هامة، بل هي شرط حتمي للمتانة الاقتصادية والتجارية والاجتماعية الحقيقية”.
مقالات ذات صلة: عوجن تختتم مؤتمر “نماء” لدعم المصالح في المجتمع العربي
