
يسعى وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لإحداث تغييرات واسعة وصفتها بعض التقارير الصحفية بـ”الثورة”، وتستهدف قطاع منتجات الألبان في البلاد، وهو قطاع يعمل منذ سنوات طويلة وفق تخطيط حكومي بحيث تُحدِّد الدولة كمية الحليب التي يمكن لكل مزارع إنتاجها، إضافة إلى تحديد السعر الذي يُباع به الحليب الخام للمصانع. هذا الأسلوب، الذي كان معمولًا به في أوروبا حتى إلغائه عام 2015، يُعدّ أحد أسباب ارتفاع أسعار الحليب والجبنة وغيرها من منتجات الألبان مقارنة بدول أخرى، إذ تشير التقديرات الحكومية إلى أنّ أسعار منتجات الألبان في البلاد أعلى بنحو 48% من معدّل دول الـOECD.
بحسب تقرير لموقع غلوبس الاقتصادي، تقوم الخطة الجديدة التي يقترحها سموتريتش على إحداث تغيير جوهري في النظام الحالي المتبّع، وتمكين المزارعين القادرين على الإنتاج بتكلفة أقل من الاستمرار في المهنة بشروط جديدة، بينما تُقدَم تعويضات مالية للمزارعين الذين يجدون صعوبة في تغطية تكاليفهم، حتى يتمكنوا من الخروج من هذا القطاع دون مشاكل اقتصادية. وبحسب الخطة المقترحة، ستشتري الدولة الحليب من المزارعين القادرين على الإنتاج بتكلفة منخفضة بسعر ثابت تضعه الحكومة. هذا السعر سيكون أقل من السعر الذي يحصلون عليه اليوم، لكنه سيظلّ أعلى من السعر المدفوع للمزارعين لو كان السوق يعمل بحرية كاملة. وإذا احتاجت مصانع الألبان إلى كميات إضافية، فستكون حرة في شراء ما ينقصها من مزارعين آخرين بأسعار يحددها العرض والطلب.
الخطة تتضمن أيضًا فتح المجال أمام إنشاء مزارع جديدة لتربية الأبقار أو توسيع مزارع قائمة، وهو أمر كان ممنوعًا لسنوات طويلة. الهدف من ذلك هو زيادة كمية الإنتاج وخفض التكلفة النهائية التي يدفعها المواطنون في المتاجر. ومع هذا التغييرات الجديدة، تأمل وزارة المالية أن يتحوّل قطاع منتجات الألبان إلى قطاع تنافسي يشبه ما يجري في دول كثيرة، بدل اقتصاره على عدد محدود من المزارع ذات الحصص الثابتة.
رد فعل المزارعين ومقترح وزارة الزراعة
رد فعل المزارعين كان غاضبًا، فقد أعلنوا رفضهم للخطة وامتنعوا عن حضور الاجتماعات التي دعت إليها وزارة المالية، مؤكدين أنهم لم يحصلوا على تفاصيل كافية حول التغيير الذي قد يهدد مصدر دخلهم.
وفي مواجهة هذا الرفض من قبل المزارعين، طرحت وزارة الزراعة خطة بديلة تقترح تخصيص نحو 300 مليون شيكل سنويًا لتطوير مزارع الأبقار القائمة، إضافة إلى إجراء تحديثات في مصانع الألبان وخطوط الإنتاج، بدل القيام بتغيير شامل في هذا القطاع. كما تقترح وزارة الزراعة أيضًا السماح بدمج مزارع الأبقار الصغيرة معًا لتصبح مزارع أكبر وأكثر قدرة على العمل بكفاءة، وتسهيل استقدام عمال أجانب للعمل في المزارع، إضافة إلى برنامج يتيح للمزارعين كبار السن الخروج من المهنة بشكل تدريجي مع تعويضات، لكن بميزانية أقل من البرنامج الذي يقترحه سموتريتش.

الجبن قد يصبح أرخص قريبًا!
وأمام استمرار الخلاف، قرر وزير المالية القيام بخطوة جديدة لها تأثير مباشر على الأسعار التي يدفعها الناس في المتاجر، وهي زيادة كمية الجبنة المستوردة المعفاة من الجمارك من 6,500 طن إلى 19,500 طن. هذا يعني أن الجبنة المستوردة ستصبح متوفرة بكميات أكبر وقد تُباع بسعر أقل. لكن هذه الخطوة ستضر بالمزارعين المحليين، وقد تكون تمهيدًا لفتح السوق أمام الاستيراد بشكل واسع قبل تنفيذ الإصلاح الكامل الذي يقترحه سموتريتش.
جميع خطط سموتريتش المتعلقة بقطاع منتجات الألبان لن تُنَفَّذ في القريب العاجل، إذ يحتاج تنفيذها إلى المصادقة أولًا على قانون التسويات وميزانية الدولة لعام 2026. لكن، يؤكّد المقرّبون من سموتريتش أنه مصمم على المضي قدمًا بالخطة حتى النهاية، ويرون أن الشركات الكبرى التي تسيطر على قطاع منتجات الألبان تقاوم أي تغيير يستفيد منه المواطنون.
مقالات ذات صلة: خال من اللاكتوز والكوليسترول: إطلاق “حليب جديد” يُنتج من دون أبقار











