
تقترب إسرائيل من إتمام خطوة تكنولوجية جذرية مع بدء العد التنازلي لإغلاق شبكات الاتصالات من الجيلين الثاني 2G والثالث 3G بشكل كامل بحلول نهاية عام 2025، في خطوة تهدف إلى تخصيص تردداتها لصالح شبكات الجيل الرابع والخامس المتطورة. لكن خلف هذا التحول تكمن أزمة حقيقية لفئات واسعة من السكان، خصوصًا كبار السن، الذين ما زالوا يعتمدون على هذه الشبكات القديمة، وسط مخاوف من تداعيات اجتماعية واقتصادية عليهم لا يستهان بها.
تشير بيانات وزارة الاتصالات إلى أن قرابة مليون هاتف خلوي، أي ما يعادل نحو 10% من إجمالي الهواتف المحمولة في البلاد، ما زال يعمل على شبكات الجيلين الثاني والثالث. وتتمثل النسبة الأكبر من مستخدمي هذه الأجهزة في كبار السن، الذين يواجهون صعوبة في التكيف مع الهواتف الذكية الأحدث، ويفضلون الهواتف القديمة الأبسط مثل هواتف نوكيا.
وستتأثر أيضًا الأنظمة التقنية التي تعتمد على شرائح الاتصال القديمة مثل أنظمة الري، البوابات الإلكترونية وأجهزة طبية كأجهزة إزالة الرجفان. كذلك، يمتد التأثير إلى قطاعات أخرى من الجمهور مثل الحريديم الذين يستخدمون هواتف “الكوشير”، وهي هواتف تعمل وفق قيود دينية خاصة وتشتغل أساساً على الشبكات القديمة.
تعود بداية القرار إلى عام 2020 عندما اتخذت وزارة الاتصالات، بقيادة وزير الاتصالات حينها يوعاز هندل، قراراً استراتيجياً بإغلاق الشبكات القديمة وتحرير الترددات بهدف دعم التوسع في تقنيات الجيل الرابع والخامس. وفي يونيو 2021، أعلن الوزير عن خطة تدريجية مدروسة تمنح الجمهور والشركات سنوات للاستعداد التدريجي لهذا التغيير، حيث تم حظر استيراد الأجهزة الداعمة للجيلين الثاني والثالث اعتباراً من يناير 2022، ثم تم في يناير 2023 وقف تسجيل أجهزة جديدة من هذه الأنواع في شبكات الاتصال.
رغم الجدول الزمني الطويل نسبياً، إلا أن جهات عدة لم تستثمر الوقت الكافي للاستعداد، حيث لا يزال عدد ضخم من الأجهزة القديمة في الخدمة. بحسب آخر المعطيات من شركات الاتصال، فإن نحو 1.2 مليون جهاز كانت ما تزال تعمل حتى أكتوبر الماضي، وقد خرج منها 200 ألف جهاز من الخدمة منذ ذلك الحين، ليبقى نحو مليون هاتف معرض لخطر الانقطاع الكامل وأن يصبحوا خارج التغطية عند إتمام عملية الإغلاق المرتقبة بنهاية ديسمبر 2025.
ملف الإغلاق أثار أيضاً خلافاً سياسياً مع الأحزاب الدينية. فقد طالبت أحزاب شاس ويهدوت هتوراه، في إطار المفاوضات الائتلافية، بتأجيل الإغلاق خشية التأثير على جمهور ناخبيها المعتمد على الأجهزة الكوشير. ورغم التفاهمات مع وزير الاتصالات الحالي شلومو كرعي لإعطاء المجتمع الحريدي فترة إضافية للاستعداد وتحديث أجهزتهم، إلا أن الجدول الزمني النهائي بقي كما هو مع تأجيل مؤقت للمرحلة الثانية من الخطة لستة أشهر.
حالياً، تواصل وزارة الاتصالات التنسيق مع شركات الهواتف المحمولة لإتمام عملية الانتقال النهائية، حيث يُفرَض على الشركات إبلاغ المستخدمين عبر مختلف الوسائل كالإعلانات الصحفية، وفواتير الاشتراك الشهرية، والمواقع الإلكترونية الرسمية للشركات، بهدف رفع مستوى الوعي وتقليل المفاجآت مع اقتراب موعد الإغلاق.
القرار رغم خلفيته التكنولوجية يحمل في طياته آثاراً اجتماعية قد تكون أكثر تعقيداً من مجرد تحديث شبكة اتصال. فالفئات الأكثر ضعفاً تظل الطرف الأكثر عرضة للتضرر من هذا التحول، خاصة في ظل محدودية الموارد المالية لدى بعضهم وصعوبة التأقلم مع التقنيات الحديثة، ما يثير تساؤلات واسعة حول مدى جاهزية الدولة لتقديم حلول عملية تضمن عدم ترك هذه الشرائح بلا اتصال مع العالم حولهم.
مقالات ذات صلة: 60 مليون شيكل: سيلكوم تحقق أعلى أرباح فصلية منذ عشر سنوات











