
يواجه الاقتصاد الفلسطيني أزمة نقدية متفاقمة تهدد النظام المالي والتجاري برمته، بعد أن بلغ تراكم الشيكل في البنوك الفلسطينية مستويات حرجة تهدد تمويل التجارة واستقرار العمليات البنكية.
في بيان رسمي صدر أمس الخميس، أوضحت سلطة النقد، وهي الهيئة المسؤولة عن القطاع المصرفي الفلسطيني، أن البنوك الفلسطينية باتت غير قادرة على استيعاب المزيد من النقد (الكاش) بعملة الشيكل، نتيجة تعذّر شحن هذا الفائض إلى البنوك الإسرائيلية، بسبب القيود التي يفرضها الاحتلال على سقف الشحن النقدي، حيث لم تستجب إسرائيل للزيادة الطبيعية في الاقتصاد الفلسطيني، الذي يتطلب رفع كمية الأموال المسموح بشحنها للبنوك الإسرائيلية، ما أدى إلى اختلال في قدرة البنوك على تصريف الفائض.
هذا الخلل البنيوي لا يطال القطاع البنكي فقط، بل يمتد إلى المواطن العادي، الذي بات يواجه صعوبة في تنفيذ عملياته المالية البنكية بالشيكل، بسبب القيود التي تفرضها البنوك على اسقبال أمواله بالشيكل، فيضطر إلى اللجوء لعمليات صرف مكلفة، أبرزها شراء الدولار والدينار الأردني من السوق السوداء التي نشأت مستغلة هذا الوضع.
وأكدت سلطة النقد أن المصارف الفلسطينية تتكبّد خسائر متواصلة بسبب هذه القيود، إذ يتطلب الأمر تخزين كميات ضخمة من النقد لا يمكن تحويلها للبنوك الإسرائيلية أو إعادة توظيفها في تمويل التجارة أو دعم القطاع الخاص الفلسطيني وما يرافق ذلك من تكاليف تتطلب التخزين الملائم والآمن لها. وقد يترتب على هذا الجمود انكماش حاد في حجم السيولة المتاحة لتمويل التجارة، محليًا ودوليًا، ما يعني مزيدًا من الركود الاقتصادي وتراجع الأداء العام للاقتصاد الفلسطيني في مرحلة حرجة أصلاً.
وفي مسعى لاحتواء الأزمة، أفادت سلطة النقد أنها خاطبت جميع الجهات ذات العلاقة، بما فيها المؤسسات الدولية والمالية، من أجل الضغط على إسرائيل لرفع القيود والسماح بنقل الشيكل إلى البنوك الإسرائيلية، لكن دون أي استجابة تُذكر حتى الآن.
البيان وجّه نداءً عاجلًا إلى المجتمع الدولي، مشددًا على أن الوقت ينفد، وأن الأزمة بحاجة إلى تحرك دولي فوري لإجبار إسرائيل على احترام التزاماتها تجاه العملة التي تصدرها وتُتداول في الأراضي الفلسطينية. كما شددت سلطة النقد على أن هذه الأزمة ليست مجرد مسألة تقنية مالية، بل تهديد مباشر للاستقرار الاقتصادي والمالي والسياسي في فلسطين، إذ تمسّ جوهر العلاقة النقدية بين الجانبين، وتكشف عن أدوات السيطرة غير المعلنة التي يستخدمها الاحتلال لخنق الاقتصاد الفلسطيني.
مقالات ذات صلة: بسبب السلطة الفلسطينية: 1.6 مليار شيكل أرباح شركة الكهرباء في الربع الأول من 2025











