يواصل بن كوهين، أحد مؤسسي شركة البوظا الشهيرة “Ben & Jerry’s”، هجومه العلني على الشركة الأم “يونيليفر” Unilever، متهمًا إياها بأنها تخضع لضغوط سياسية وتسعى للتقرب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في الوقت الذي تمنع فيه أي تعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني. كوهين أعلن أنه سيطور بشكل مستقل نكهة جديدة من المثلجات مستوحاة من طعم البطيخ، الذي يُعتبر رمزًا عالميًا للتضامن مع فلسطين.
الخلاف بين مؤسسي “Ben & Jerry’s” و”يونيليفر” ليس جديدًا، بل يتجدد كل فترة بزخم أكبر. فبعد أن أعلن شريكه جيري غرينفيلد الشهر الماضي انسحابه من الشركة بسبب بمحاولات “يونيليفر” إسكات الانتقادات الموجهة للحرب الإسرائيلية على غزة، خرج كوهين ليؤكد أن يونيليفر أصبحت جزءًا من “حملة تتملق فيها الشركات الأمريكية ترامب”، واصفًا سلوكها بأنه هجوم مباشر على حرية التعبير.
في مقابلة مع صحيفة “الغارديان”، كشف كوهين أن “يونيليفر” منعت مجلس إدارة “Ben & Jerry’s” المستقل من المضي قدمًا في مشروع تطوير نكهة جديدة كان الهدف منها التعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني وغزة. وأوضح أن المجلس وافق على المشروع قبل نحو عام، لكن إدارة “يونيليفر” أوقفت الفكرة بدعوى أن “الوقت غير مناسب” لتسويق منتج كهذا. في المقابل، أوضحت شركة “ماغنوم”، الذراع المختصة بالمثلجات لدى “يونيليفر”، أن المجلس المستقل لا يملك صلاحية تنفيذ استراتيجية تجارية، وأن قرار المضي في أي منتج جديد يخضع حصريًا للإدارة التنفيذية.
كوهين، الذي لا يخفي معارضته الشديدة لترامب، قال إن الوقت الحالي يتطلب من الشركات والأفراد الذين يؤمنون بالعدالة والحرية والسلام أن يعبروا عن مواقفهم بوضوح، معتبرًا أن “السكوت في هذا التوقيت هو شكل من أشكال التواطؤ”. وأضاف أن كل المبادرات التي يؤمن بها — مثل برامج المساواة والتنوع، وتعليم التاريخ المتعلق بالأمريكيين من أصل أفريقي، والدفاع عن حق المتظاهرين في حرية التعبير — أصبحت تُقمع وتُمنع منذ عودة ترامب إلى الحكم.
شركة “Ben & Jerry’s”، التي تأسست عام 1978، اعتادت أن تطلق نكهات خاصة تحمل رسائل اجتماعية وإنسانية. ففي عام 2015 طرحت نكهة خصيصًا لقمة المناخ في باريس. وفي هذا الصدد، قال كوهين إنه بعدما مُنع من إنتاج مثلجات تحمل رسالة إنسانية، قرر أن يصنع بنفسه نكهة فلسطينية في مطبخه الخاص، تحت علامته الشخصية الخاصة. وأوضح أن البطيخ سيكون المكوّن الأساسي في النكهة الجديدة، لكونه أصبح رمزًا عالميًا للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وأنّ البوظا الجديدة لن تستخدم لأغراض تجارية، بل ستكون وسيلة لجذب الانتباه إلى قيم مثل السلام والكرامة والعدالة للشعوب.
الخلاف بين “Ben & Jerry’s” و”يونيليفر” يمتد لسنوات، إذ بدأ في عام 2021 حين قرر المؤسسان وقف بيع منتجات الشركة في المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية، وهو قرار أثار عاصفة من الانتقادات وأدى إلى بيع الامتياز المحلي في إسرائيل ورفع دعاوى قضائية متبادلة بين الطرفين. وفي عام 2022 أصبحت “Ben & Jerry’s إسرائيل” شركة مستقلة بالكامل، لا تربطها أي علاقة قانونية أو تجارية مع “يونيليفر” أو مع “Ben & Jerry’s” العالمية.
وفي الأشهر الأخيرة، حاولت الشركة الأصلية استعادة السيطرة على العلامة التجارية من “يونيليفر”، خاصة بعد إعلان الأخيرة نيتها فصل قطاع المثلجات وطرحه للاكتتاب العام، إلا أن الخطوة تأجلت بسبب إغلاق الحكومة الأمريكية في الشهر الماضي. ومع ذلك، لا يبدو أن الخلاف بين كوهين و”يونيليفر” سيتوقف قريبًا، فبينما يصرّ مؤسس المثلجات على أن التضامن مع الفلسطينيين “قضية أخلاقية قبل أن تكون سياسية”، تواصل الشركة التمسك بسياساتها التجارية التي تضع الحسابات الربحية قبل القيم الإنسانية.
مقالات ذات صلة: مؤسِّس Ben & Jerry’s الذي اتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية يستقيل بعد محاولات Unilever إسكاته
