/
/
خطّة جولان وبن غفير ضد المجتمع العربي: اقتطاع 677 مليون من التعليم، و200 مليون من المواصلات، و142 مليون من الخدمات الاجتماعية

خطّة جولان وبن غفير ضد المجتمع العربي: اقتطاع 677 مليون من التعليم، و200 مليون من المواصلات، و142 مليون من الخدمات الاجتماعية

بدون أي نقاش مهني وعلى الرغم من معارضة الوزارات الحكومية، يخطط الوزيران ماي جولان و إيتمار بن غفير تقديم قرار إلى الحكومة اليوم (الخميس) لتحويل ميزانيات ضخمة قيمتها 2.5 مليار شيكل من الوزارات الحكومية كانت مخصصة للمجتمع العربي، لصالح الشرطة والشاباك.
أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
1
الوزيرة ماي جولان والوزير إيتمار بن غفير في الكنيست. تصوير: داني شيم طوف، الناطق بلسان الكنيست.

 

يسود الغضب في مجموعة الواتساب الخاصة بمديري عام الوزارات بسبب خطة الوزيرين ماي جولان وإيتمار بن غفير التي تقضي باقتطاع مئات الملايين من ميزانيات وزاراتهم من دون أي نقاش مهني معهم أو مع الوزراء. فبحسب مسودة المقترح الذي عممه الوزيرين في الأيام الأخيرة على وزراء الحكومة، والمقرر طرحه للتصويت اليوم (الخميس) في اجتماع الحكومة للموافقة على ميزانية الدولة، سيتم تحويل 2.5 مليار شيكل من ميزانية الخطة الخمسية لتقليص الفجوات في المجتمع العربي من الوزارات المخولة بتنفيذ الخطة، لصالح الشاباك والشرطة،بحجة مكافحة الجريمة في المجتمع العربي.

وبحسب مسودة القرار، سيُقتطع 677 مليون شيكل من ميزانية وزارة التعليم، كانت مخصصة لعدة أهداف، كتمويل المدارس والصفوف وروضات الأطفال، إضافة إلى 142 مليون شيكل من وزارة الشؤون الاجتماعية، كانت مخصّصة للعمل الاجتماعي ودعم الشباب المعرضين للخطر. وستخسر الوزيرة ميري ريغف ووزارة المواصلات 200 مليون شيكل مخصّصة للطرقات والمواصلات العامة ومحطة القطار في الطيرة. وسيقتطع من ميزانية وزارة الثقافة والرياضة 114 مليون شيكل مخصّصة لإقامة منشآت رياضية ودعم الرياضيين المتفوقين. ومن زارة البناء والإسكان سيقتطع 608 مليون شيكل، و ستُحرَم جهود التشغيل في المجتمع العربي من 187 مليون شيكل، إضافة إلى 26 مليون شيكل من ميزانية سلطة الابتكار كانت مخصصة للمجتمع العربي. كما سيتم اقتطاع المزيد من المبالغ من ميزانيات الإطفاء والإنقاذ، والسياحة، والاقتصاد، والطاقة، والزراعة، وغيرها. انظروا الرسم البياني.

Screenshot 2025 12 03 205914

في أعقاب نشر المسودة، أرسل المديرون العامون للوزارات الحكومية رسائل غاضبة إلى سكرتير الحكومة يوسي فوكس، وإلى الوزيرة جولان، وإلى مدير عام وزارة المساواة الاجتماعية عمي كوهين، الذي يترأس “اللجنة الدائمة” المفترض بها أن تُسهّل تنفيذ الخطة الخمسية، لكنها في الواقع تعرقلها. وفي هذه الرسائل يشتكي المدراء من أنهم لم يشاركوا في قرار الوزيرين ويحذرون من تبعات مدمّرة لهذه الخطوة على عمل وزاراتهم. وقال مدير عام إحدى الوزارات المعنية لموقع “شومريم”، طالبًا عدم ذكر اسمه: “ما تقوم به ماي جولان غير شرعي. فمنذ توليها المنصب وهي تضع عمدًا العصي في عجلات الخطة الخمسية، حتى تتمكن من تحويل ميزانية الخطة لصالح أمور أخرى”.

يتضح من الرسائل الداخلية التي وصلت لـ “شومريم” وتُنشر هنا لأول مرة، أن هناك إجماعاً في الوزارات الحكومية على أن الموافقة على خطة جولان وبن غفير لن تسهم في الحدّ من الجريمة، بل قد تتسبب في تفاقمها، كنتيجة لإلغاء مئات المشاريع المخصصة لتطوير المجتمع العربي، من التعليم وحتى التشغيل. وفي رسالة أرسلتها إيتي كيسوس، نائبة المدير العام في وزارة الرفاه، إلى صوفي كوهين، نائبة المدير العام لوزارة المساواة الاجتماعية، كتبت: “حتى اليوم، عدد البرامج التي تمولها الوزارة في السلطات المحلية يبلغ 303 برنامج. وفي حال تمرير القرار، ستتوقف هذه البرامج ما يضرّ بالعمل الكبير الذي أدى إلى تقليص الفجوات وساعد في مواجهة العنف والجريمة. الإغلاق الفوري لجميع البرامج سيضر بشكل كبير بتنفيذ خطة تطوير المجتمع العربي، وسينجم عنه أزمة ثقة بين الحكومة والسلطات والمواطنين”. وأضافت كيسوس أن القرار سيؤدي إلى إدخال السلطات المحلية العربية في حالة عجز، حيث “ستُضطر الوزارة إلى سحب جميع الميزانيات التي خُصصت للسلطات المحلية”.

في السياق ذاته، كتبت رئيسة الشعبة الاجتماعية في وزارة العدل، المحامية موران شنايدر، نيابة عن الطاقم المهني في الوزارة: “هذا المقترح، الذي صيغ من دون تنسيق أو حوار مسبق، ليس فقط حلّ غير فعّال لأزمة الجريمة في المجتمع العربي، بل قد يزيد الوضع سوءًا”. كذلك، أعرب آفي كوهين سكالي، مدير عام وزارة “الإعلام والشتات”، عن خيبة أمل كبيرة في رسالة لمدير عام وزارة المساواة الاجتماعية، لأن وزارة شؤون الشتات، المسؤولة عن معالجة شؤون البدو، موجودة ضمن قائمة الوزارات الحكومية التي ستتضرر من الخطة. كتب كوهين سكالي في أكتوبر: “لقد صُدِمنا عندما سمعنا عن مقترحكم بالصدفة الذي لم تشركوا وزارتنا فيه. ولا نفهم لماذا رأيتم أنّه لا ضرورة لإبلاغنا بالموضوع، خاصة مع المعرفة الشخصية والمهنية  التي بيننا والعلاقات المهنية الجيدة بين طواقيم وزارتينا”.

وفي رسالة أخرى أرسلها كوهين سكالي إلى مدير عام وزارة المساواة الاجتماعية بعد شهر، كتب: “غير مقبول أن تُطرَح خطة جوهرية كهذه، ذات تبعات مباشرة على قرار الحكومة رقم 1279 (المتعلق بخطة التطوير الاقتصادي للمجتمع البدوي في الجنوب)، من دون إجراء نقاش مهني بين الوزارات. اقتطاع الميزانيات سيعيق بشكل حقيقي جهودًا امتدت لسنوات طويلة وسيضرّ ببرامج هامّة أُطلَقَت بالشراكة مع السلطات المحلية والوزارات الحكومية وشركاء آخرين. نحن نرحّب بمواجهة الجريمة والعنف، لكن القيام بذلك يتطلّب بلورة خطة عمل متفق عليها، تُبنى على بيانات دقيقة ويُرصَد لها ميزانية خاصة، دون إلحاق ضرر كبير بخطط أخرى قيد التنفيذ”.

وفي رسالة أخرى أُرسلت الشهر الماضي، حذّر رئيس قسم التشغيل، ومديرة المعهد الحكومي للتأهيل التكنولوجي، ومسؤولون كبار آخرون في وزارة العمل، من أن اقتطاع ميزانيات الوزارة سيلحق ضررًا جسيمًا ببرامج التوجيه المهني، وتحسين مهارات اللغة العبرية في أماكن العمل، ودمج الأكاديميين والمهندسين العرب في قطاع الهايتك، وبمنظومة الكليات التكنولوجية وبمسارات التدريب المهني عالية الجودة.

حاول يوسي دايان، المدير العام لوزارة الطاقة والبنى التحتية، الذي ستخسر وزارته 90 مليون شيكل في حال تمرير القرار، أن ينال تعاطف جولان، فكتب في رسالة أرسلها إليها الشهر الماضي: “تحويل الميزانيات سيضر بتنفيذ الخطة متعددة السنوات لتقليص الفجوات في مجال الطاقة المستدامة وسيعيق التزام إسرائيل بالأهداف الوطنية لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة. أطلب تدخلك لمنع تحويل الميزانية”.

2
مظاهرة لسكان اللد ضد الجريمة في المدينة، عام 2023. تصوير: بيا بار كلوش.

 

الفراغ الذي تتسلل منه منظمات الجريمة

لفهم مدى عبثية الخطة التي يدفع بها الوزيران جولان وبن غفير، يجب علينا أن نعود إلى قراري الحكومة رقم 550 لتقليص الفجوات في المجتمع العربي، ورقم 549 للحد من الجريمة والعنف في المجتمع العربي، المصادَق عليهما في النصف الثاني من عام 2021. ورغم أن القرارات المتعلقة بالخطة الخمسية اتُخذت في عهد حكومة بينيت-لابيد، إلا أنها تستند إلى توصيات لجنة حكومية عيّنها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في عام 2019.

يقول عوفر دغان من جمعية “سيكوي-أفق” لتعزيز المساواة والشراكة بين اليهود والعرب، والتي شاركت بشكل فعّال في مراحل العمل على الخطة الخمسية وتابعت تنفيذها: “كان هناك لجنة حكومية جادة جداً في معالجة موضوع الجريمة والعنف، شارك فيها المدراء العامون للوزارات المعنية ورؤساء وحدات إنفاذ القانون، وتوصّلوا إلى نتيجة مفادها أن معالجة الجريمة بفعالية يتطلب عملًا مشتركًا يجمع بين الإنفاذ، والوقاية، ومعالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والمدنية الكامنة وراء العنف. على سبيل المثال، هناك نقص في الأطر والتدريبات المهنية المخصّصة للشباب غير المؤطرين، حيث تظهر الأبحاث أن نسبة الشباب (بين 18 و24 عامًا) خارج الأطر التعليمية أو المهنية تتراوح بين 30% و40%، وبعضهم ينتهي به الأمر في عالم الإجرام، ولذلك يجب توفير برامج لتدريبهم وتشغيلهم”.

سعت الخطة الخمسية إلى معالجة الأسباب الجذرية وراء تفشي الجريمة في المجتمع العربي في عدة مجالات، من التعليم والتشغيل والإسكان والمواصلات، وصولًا إلى الطاقة والبنى التحتية للمياه والمجاري والمنظومة البنكية. ويوضح دغان أن هناك تمييزًا في القروض المخصّصة للأعمال والسكن والاستثمارات في المجتمع العربي، ما يفتح الباب أمام جهات إجرامية تقدّم قروضًا في السوق السوداء. وهذه قضية يعالجها القرار 550″.

وبالتزامن مع المصادقة على القرار 550، صادقت الحكومة في عام 2021 على قرار إضافي هو قرار رقم 549، وهو خطة من خمس سنوات لمعالجة الجريمة والعنف تشمل دمج كل جهات الإنفاذ: الشرطة، سلطة الضرائب، سلطة مكافحة غسل الأموال وغيرها، لمعالجة منظمات الإجرام. يقول دغان: “هذا القرار لا يزال قائمًا وله ميزانية خاصة، وقد طُبِّق بالفعل بنجاح في عام 2022. فلأول مرّة منذ عقد، انخفض عدد القتلى في المجتمع العربي. لكن، حين تولّى بن غفير الوزارة، أوقف الجزء الأكبر من الخطّة، وعطّل تنفيذها. ميزانية الخطة كانت 2.5 مليار شيكل، لكنهم تجاهلوها بالكامل. والآن يريدون أخذ مبلغ مماثل — نحو 2.5 مليار شيكل — من الخطة الموازية (الخطة الخمسية 550) وتحويله لصالح الشرطة والشاباك”.

يوضح دغان أن جولان قامت بأمر مماثل أيضًا. فهي من جهة تعرقل تنفيذ القرار 550، الذي يقع تنفيذُه على عاتق وزارتها، ومن جهة أخرى تدّعي أن الخطة لا تُطبَّق، وبالتالي يجب تحويل ميزانياتها. يقول دغان: “منذ أن وصلت جولان إلى وزارة المساواة الاجتماعية، قامت بتجميد عمل ’اللجنة الدائمة‘، وهي اللجنة المسؤولة عن إزالة العوائق التي تمنع استغلال الميزانيات. أوقفت جولان اجتماعات اللجنة التي يجب أن تُعقد مرتين في السنة، ومنعت موظفي سلطة التطوير الاقتصادي في وزارتها من المشاركة في جلسات الكنيست، وهكذا عملت بشكل متعمّد على إلحاق الضرر بالخطة التي تقع مسؤوليتها ضمن وزارتها”.

3
الوزيرة ماي جولان مع رئيس الحكومة نتنياهو. الصورة: رويترز.

 

الوزير كيش هو الوحيد الذي اعترض حتى الآن

في الأصل، خُصّص للخطة الخمسية ميزانية تبلغ 27 مليار شيكل. وفي عام 2024، تم تقليص ميزانيتها بنسبة 15% بسبب “تكاليف الحرب”، في حين أن تقليص ميزانية باقي الوزارات بلغ في تلك السنة 5% فقط. في نهاية عام 2024، تم استغلال 39% من ميزانية الخطة. ورغم أن هذا الرقم يبدو منخفضًا، إلا أنه في الظروف الطبيعية، نسبة 39% في نهاية السنة الأولى أو الثانية من خطة تمتد لعدة سنوات تُعتبر نسبة مرتفعة، لأن المشاريع الكبيرة، كفتح الشوارع وبناء مؤسسات عامة، تستغرق وقتًا حتى تُنفّذ فعليًا. لذلك لو استمرت الخطة، كانت هذه النسبة سترتفع عامًا بعد عام. وبحسب تقارير صادرة عن مكتب رئيس الوزراء، كانت نسبة التنفيذ في الخطة الخمسية الأعلى مقارنة بجميع قرارات الحكومة الأخرى.

Screenshot 2025 12 03 211323

يوضح دغان: “تدعي ماي جولان أن هناك ميزانيات غير مستغلة، لكن ما تحاول فعله في الواقع هو الإضرار باستغلال ميزانيات عام 2025”. ويضيف: “يقوم قرار 550 على طريقة تمويل محددة: نصف المبلغ يأتي من الميزانية الأساسية للوزارة التي تنفّذ الخطة، والنصف الآخر يُخصَّص كميزانية إضافية تُحوِّلها وزارة المالية عبر لجنة المالية، عادة في نهاية السنة. لكن هذا العام، وزارة المالية لم تُحوِّل هذه الميزانية الإضافية بعد. وإذا نجحت جولان في تمرير القرار، فسوف تمنع استغلال هذه الأموال”.

هل ستنجح محاولة جولان وبن غفير في تحويل الميزانيات؟ مصادر سياسية تخشى أنه، رغم معارضة معظم وزراء الحكومة، يعتزم بن غفير وجولان طرح الموضوع للتصويت في جلسة الحكومة الخاصة بالمصادقة على الميزانية اليوم (الخميس). ووفقًا لهذه المصادر، قد يربطان دعمهما لتمرير الميزانية بموافقة الحكومة على القرار الذي قدّماه، وهي الطريقة نفسها التي استخدمتها جولان العام الماضي عندما حوّلت 66 مليون شيكل من الخطة الخمسية إلى أهداف أخرى.

وتقول مصادر سياسية إن ما يحدث ليس فقط خطوة فظة مهنيًا، بل هو أيضًا تحرك سياسي موجّه ضد وزراء من حزب جولان نفسه. فهي عمليًا تنقل أموالًا من وزارات يقودها وزراء من الليكود —مثل المواصلات، شؤون الشتات، التعليم وغيرها— وتحوّلها إلى وزارة يقودها زعيم حزب منافس، وذلك في سنة انتخابية. ويقول دغان: “جولان تعمل فعليًا على تنفيذ البند 94 من الاتفاق الائتلافي لحزب عوتسما يهوديت، الذي ينصّ على تحويل ميزانيات من خطة 550 لصالح معالجة الجريمة في المجتمع العربي”.

أكثر ما يثير الدهشة أنه، على الرغم من الضرر الذي يلحق بوزاراتهم، لم يعبر غالبية الوزراء عن معارضتهم علنًا لهذه الخطوة، وتركوا الساحة حتّى الآن للمدراء العامين في وزاراتهم. الاستثناء الوحيد هو وزير التعليم كيش، الذي خاطب سكرتير الحكومة فوكس هذا الأسبوع (يوم الاثنين) وكتب: “لن نوافق على أي تغيير في ميزانيات وزارة التعليم لعام 2026 المخصّصة ضمن القرار 550، لأن أي تغيير سيُلحق ضررًا كبيرًا ببرامج الوزارة في المجتمع العربي. وللتوضيح، فإن هذا الضرر سيؤدي إلى إقالة معلمين، وإغلاق صفوف، والإخلال بالالتزامات القائمة تجاه المزوّدين”.

لم نتلقى ردًا من الوزيرين بن غفير وجولان حتى موعد نشر المقال. وسننشر ردّهما فور إرساله.

المقال مترجم ومنشور في وصلة بإذن خاص من موقع شومريم

مقالات مختارة