
بعد رحلة طويلة استمرت 47 عامًا، قرر جيري غرينفيلد، أحد مؤسسي علامة البوظا الشهيرة Ben & Jerry’s، الاستقالة من الشركة. السبب الرئيسي وراء هذه الخطوة هو شعوره بأن استقلالية الشركة اختفت منذ أن استحوذت عليها شركة Unilever في عام 2000، ومحاولات الأخير إسكاته عند التعبير عن رأيه بشأن القضايا الأخلاقية والعامة.
في رسالة مؤثرة نشرها شريكه المؤسس بن كوهين على منصة X، أوضح غرينفيلد أن القرار كان من أصعب القرارات في حياته، لكنه لم يعد قادرًا على البقاء في شركة فقدت قيمها الأساسية. وقال: “ما جعل Ben & Jerry’s أكثر من مجرد شركة للبوظا هو قدرتها على الحفاظ على استقلاليتها والعمل وفق قيمها. هذه الاستقلالية كانت شرطًا أساسيًا عندما بعنا الشركة لـUnilever، لكنها اليوم لم تعد موجودة”.
منذ البداية، تميزت Ben & Jerry’s بدمج رسالتها الاجتماعية مع نشاطها التجاري. فقد دعمت قضايا حقوق الإنسان، والأقليات. لكن السنوات الأخيرة شهدت صدامات متكررة مع Unilever. أبرز هذه الصدامات جاء عام 2021، عندما قرر غرينفيلد وبن كوهين وقف بيع منتجات الشركة في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية، ما أثار ضجة سياسية وإعلامية. وأثيرت الضجة مجددًا بعد أن اتهم الشريكان إسرائيل لاحقًا بارتكاب إبادة جماعية في غزة، وهو موقف غير مألوف لشركة أمريكية كبيرة وأدخل العلامة التجارية في جدل عالمي يتجاوز صناعة البوظا.

رد Unilever لم يتأخر على خطوة وقف البيع في المستوطنات، ففي عام 2022 باعت حقوق إنتاج وتسويق منتجات Ben & Jerry’s في إسرائيل لرجل الأعمال آفي زينغر، الذي كان يمتلك الامتياز المحلي منذ عام 1988. قرار الشركة الأم بتمكين زينغر من الاستمرار في السوق الإسرائيلي رغم اعتراض المؤسِّسَين زاد التوتر وأشعرهما بأن نفوذهما داخل الشركة أصبح محدودًا جدًا.
إلى جانب الخلافات السياسية، كان هناك جانب اقتصادي أيضًا. ففي فبراير الماضي، حاول المؤسسان شراء Ben & Jerry’s من جديد، بالتزامن مع استعداد Unilever لفصل وحدة البوظا الخاصة بها والتي تضم علامات مثل Magnum وWall’s. وكشف بن كوهين أن الشريكين سعيا لإبرام صفقة لبيع العلامة لمستثمرين بقيمة تتراوح بين 1.5 و2.5 مليار دولار، لكن المحاولة فشلت.
اليوم، رحيل غرينفيلد يترك علامة فارقة في تاريخ Ben & Jerry’s. فبالنسبة له ولشريكه، لم تكن الشركة مجرد مصنع للبوظا، بل وسيلة للتأثير الاجتماعي والتعبير عن المواقف. ومع غياب هذا البعد، يرى غرينفيلد أن العلامة تحولت إلى مجرد جزء صغير من إمبراطورية Unilever العالمية، التي تهتم بالربح أكثر من القيم.
مقالات ذات صلة: إسبرطة تتحقق: مستقبل إسرائيل التجاري مع الاتحاد الأوروبي معلّق بخيوط إيطالية











