
قبل أيام من زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الولايات المتحدة ولقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بدأت أنقرة خطوات اقتصادية تشير إلى رغبتها في تعزيز العلاقات التجارية مع واشنطن. فقد أعلنت الحكومة التركية عن إلغاء الرسوم الجمركية الإضافية التي فرضتها عام 2018 على مجموعة واسعة من السلع الأميركية، شملت السيارات والفواكه والأرز والتبغ والمشروبات الكحولية والمنتجات الكيماوية. هذه الرسوم كانت قد جاءت كإجراء انتقامي ضد قرار إدارة ترامب آنذاك بفرض ضرائب على واردات الحديد والألمنيوم من تركيا.
وزارة التجارة التركية أوضحت أن الرسوم بقيت قائمة خلال السنوات الماضية وتم تعديلها عدة مرات وفق مسار العلاقات الثنائية، لكنها ظلت تشكل حاجزًا أمام التجارة. الإلغاء الحالي يعكس توجهًا جديدًا يهدف إلى الوصول إلى الهدف المشترك المعلن بين البلدين، وهو رفع حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار سنويًا، بعد أن بلغ حجم التجارة في عام 2024 نحو 30 مليار دولار فقط.
في المقابل، لم تتخلَّ تركيا عن سياساتها الحمائية تمامًا، إذ فرضت رسومًا جمركية جديدة تتراوح بين 25% و30% على استيراد السيارات من دول أخرى لا تربطها بها اتفاقيات تجارة حرة، بينما استثنت دول الاتحاد الأوروبي.
صفقة ضخمة بين الخطوط الجوية التركية وبوينغ الأمريكية
إلغاء الرسوم على المنتجات الأميركية ترافق مع تسريبات إعلامية حول قرب إعلان صفقة ضخمة بين شركة الخطوط الجوية التركية وشركة بوينغ الأميركية. وتشير التقارير إلى أن المفاوضات وصلت إلى مراحل متقدمة وأن الإعلان قد يتم خلال زيارة أردوغان إلى واشنطن. الصفقة قد تتضمن شراء ما يصل إلى 250 طائرة تجارية من طرازات “737 ماكس” و”787 دريملاينر”، في خطوة تهدف إلى مضاعفة أسطول الشركة خلال العقد المقبل وتعزيز مكانة إسطنبول كمركز طيران عالمي ينافس مطارات كبرى مثل دبي.
وبحسب تصريحات مدير الاتصال في الخطوط الجوية التركية Turkish Airlines يحيى أويستن، فإن الشركة لم تحسم قرارها بعد، لكن مصادر مقربة من المفاوضات تؤكد أن إطار الاتفاق تم وضعه بالفعل مع بوينغ، ومن المرجح أن يُعلن عنه قريبًا.
كما تشمل المحادثات طلبات لشراء مقاتلات “إف-16″، مع احتمالية محاولة الوصول إلى حلول بشأن الخلاف القديم حول مقاتلات “إف-35″، حيث كانت تركيا شريكًا رئيسيًا في برنامج إنتاج هذه المقاتلة، لكنها استُبعدت منه عام 2019 بعد إصرارها على شراء منظومة الدفاع الروسية “إس-400″، وهو ما دفع واشنطن إلى إلغاء صفقة “إف-35” وفرض عقوبات بموجب قانون “كاتسا”. وهي تسعى الآن إلى تعزيز قدرات سلاحها الجوي في ظلّ تحديات الأمن القومي التي أثارتها الحرب الإسرائيلية على إيران، والهجوم على الدوحة.

في السياق نفسه، تشير بيانات الخطوط الجوية التركية إلى أن الشركة تملك اليوم أسطولًا يضم 491 طائرة، نقلت خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري أكثر من 51 مليون مسافر. ومع الصفقة المحتملة، تسعى الشركة إلى مضاعفة قدرتها التشغيلية وتوسيع شبكتها العالمية، وهو ما يعزز الطموح التركي بتحويل إسطنبول إلى مركز طيران محوري على مستوى العالم.
الانعكاسات الاقتصادية لهذه القرارات بدأت تثير اهتمام السوق المحلي أيضًا، إذ يتوقع مراقبون أن تشهد أسعار السيارات الأميركية في تركيا انخفاضًا ملحوظًا بعد إلغاء الرسوم الجمركية الإضافية. ويُنتظر أن يطاول هذا الانخفاض سيارات “تسلا” الكهربائية، حيث من المتوقع أن يتراجع سعر طراز “تسلا موديل Y ستاندرد رينج”، الذي يُباع حاليًا بحوالي 2.3 مليون ليرة تركية (نحو 55.6 ألف دولار)، نتيجة إلغاء ضريبة إضافية تراوحت سابقًا بين 30% و40%.
مقالات ذات صلة: تعرفوا على السيارة الكهربائية التي تسعى تركيا لـ”اجتياح” أوروبا بها











