
تواجه إسرائيل أزمة عسكرية متصاعدة بعد إعلان المستشار الألماني فريدريش ميرتس وقف تزويدها بأي معدات عسكرية يمكن أن تُستخدم في الحرب على غزة، في خطوة تضيف ألمانيا، إحدى أكبر حلفاء إسرائيل التاريخيين، إلى قائمة متنامية من الدول التي فرضت قيودًا على تصدير السلاح إليها، ومنها إيطاليا وكندا وهولندا وأستراليا. إلا أن تأثير القرار الألماني أكبر بكثير من هذه الدول، نظرًا لأن برلين هي ثاني أكبر مزوّد سلاح لإسرائيل بعد الولايات المتحدة، فهي مسؤولة عن تزويدها بنحو 30% من وارداتها العسكرية، مقابل 65% من واشنطن.
وبحسب تقرير لموقع كالكاليست الاقتصادي، فمنذ اندلاع الحرب على غزة، قدّرت قيمة السلاح والمعدات الأمنية التي صدّرتها ألمانيا لإسرائيل بنحو نصف مليار يورو. وتشمل هذه الصادرات أسلحة بحرية متطورة، أبرزها أربع سفن صواريخ من طراز “ساعر 6” صُنعت من قبل شركة TKMS الألمانية بقيمة 430 مليون يورو، إضافة إلى ثلاث غواصات جديدة من شركة “تيسين كروب” بقيمة تقارب 3 مليارات يورو، من المقرر تسليمها خلال العقد المقبل.
كما تلعب ألمانيا دورًا حيويًا في سلاحة المدرعات الإسرائيلية، إذ تصمم وتصنع شركة MTU الألمانية محركات دبابات “ميركافا” وناقلات الجند “إيتان” و”نمر”، التي يتم شحن محركاتها من ألمانيا إلى الولايات المتحدة لاستكمال تجهيزها، ثم بيعها لإسرائيل ضمن صفقات تموَّل من المساعدات العسكرية الأميركية.
وقف تزويد هذه المحركات، بحسب التقرير، قد يشلّ قدرة الجيش الإسرائيلي على تشغيل دباباته ومدرعاته التي استُهلكت في حرب مستمرة منذ عام و10 أشهر، في وقت تحتاج فيه هذه الآليات لصيانة شاملة أو استبدال محركاتها. وقد حاولت وزارة الدفاع الإسرائيلية وشركة “إلبيت معرخوت” إيجاد بدائل عبر تصنيع بعض المكونات محليًا، وإنشاء مركز وطني لإنتاج المواد اللازمة للصناعات العسكرية، إلا أن هذه الجهود تصطدم بحدود تقنية وصناعية، خاصة في إنتاج المحركات أو القنابل الخارقة للتحصينات العميقة.
على الصعيد الاقتصادي، انعكس القرار الألماني مباشرة على سوق الأسهم، إذ تراجعت أسهم “إلبيت معرخوت” بنسبة 5.8%. الصناعات العسكرية الإسرائيلية، التي حققت العام الماضي رقمًا قياسيًا في الصادرات بلغ 14.8 مليار دولار بفضل الطلب الأوروبي المتزايد على السلاح بسبب الحرب في أوكرانيا، إذ يخشى من تأثير “دومينو” يقود دولًا أخرى لفرض قيود مشابهة، وهو ما قد يبطئ صفقات قائمة ويعرقل صفقات مستقبلية.
رغم ذلك، لا يشمل الحظر الألماني الصفقة التاريخية التي ستبيع بموجبها شركة “صناعات الفضاء الإسرائيلية” منظومة “حيتس 3” الدفاعية لبرلين بقيمة 14 مليار شيكل، وهي صفقة متعددة السنوات، حيث يبدي سلاح الجو الألماني اهتمامًا أيضًا بالنسخة الأحدث “حيتس 4”. لكن في ظل تصاعد الغضب الدولي من المجازر في غزة، يتزايد القلق في تل أبيب من أن تتقلص حتى هذه المساحة المحدودة للتعاون العسكري، لتجد إسرائيل نفسها أكثر عزلة وأقل قدرة على تصدير أسلحتها أو تعويض النقص فيها.
مقالات ذات صلة: الاحتلال الكامل لغزة يهدد بانهيار الاقتصاد الإسرائيلي ويكشف مأزقًا سياسيًا وأخلاقيًا متفاقمًا











