
أعلنت حكومة النرويج أنها أمرت صندوق الثروة السيادي الوطني بإعادة تقييم شاملة لكل استثماراته في إسرائيل، وذلك على خلفية تقرير صحفي كشف أن الصندوق مستثمر في شركة إسرائيلية تقدم خدمات صيانة لطائرات الجيش الإسرائيلي التي تشارك في الهجمات على قطاع غزة.
الجدل تفجّر بعد أن نشرت صحيفة “أفتنبوستن” النرويجية تحقيقًا أظهر أن صندوق الثروة، الذي يُعد أكبر صندوق استثمار حكومي في العالم، يمتلك حصة في شركة “محركات بيت شيمش” الإسرائيلية، التي توفر خدمات فنية لطائرات قتالية تُستخدم في القصف المستمر على غزة. وبلغت نسبة حصة الصندوق في هذه الشركة 2.1% في عام 2024، مقارنة بـ1.3% في عام 2023، ما يعكس تصاعدًا في حجم الاستثمار رغم تصاعد جرائم الحرب بحق الفلسطينيين.
الصندوق، الذي تُقدّر قيمة أصوله بـ1.9 تريليون دولار، يملك حاليًا استثمارات في 65 شركة إسرائيلية، تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 2.1 مليار دولار حتى نهاية العام الماضي، ويُعد لاعبًا مؤثرًا على المستوى العالمي، حيث يمتلك حوالي 1.5% من جميع الأسهم المتداولة في الأسواق العالمية.
وزير المالية النرويجي ينس ستولتنبيرغ، وهو المسؤول السياسي المباشر عن الصندوق، أكد أن هناك تساؤلات جدية حول مدى التزام الصندوق بمعاييره الأخلاقية، التي تحظر الاستثمار في أي شركة يثبت أنها تساهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أو في جرائم حرب. وأضاف في مؤتمر صحفي من العاصمة أوسلو أنه طلب من إدارة الصندوق ومن المستشار الأخلاقي الخارجي إجراء مراجعة شاملة لجميع استثمارات الصندوق في الشركات الإسرائيلية.
من جهتها، أعلنت المتحدثة باسم الصندوق لينا ألتودت، أن الصندوق “سيبدأ فورًا فحصًا معمقًا” لسلوكياته الاستثمارية في إسرائيل، خصوصًا بعد تنامي الغضب الشعبي والسياسي داخل النرويج منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023. يُشار إلى أن الصندوق سبق أن سحب استثماراته من شركات إسرائيلية أخرى ترتبط بالاحتلال في الضفة الغربية.
رئيس الوزراء النرويجي يوناس غار ستوره عبّر بدوره عن قلقه الشديد من التقرير، وقال إن المعلومات التي أُوردتها الصحيفة تستدعي تحركًا عاجلًا. ورغم تأكيده على أن حكومته لا تدعم المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، فإنه شدد على أن بلاده ترى في الممارسات الإسرائيلية في غزة انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي.
الأزمة تأتي في وقت سياسي حساس في النرويج، حيث تقود حزب العمل الحاكم انتخابات البرلمان المقررة الشهر المقبل، بينما تطالب أحزاب المعارضة مثل حزب الخضر بإقالة مدير الصندوق نيكولاي تانغن، الذي من المفترض أن يبدأ ولاية ثانية مدتها خمس سنوات في الخريف المقبل.
يُذكر أن النرويج كانت من أوائل الدول الأوروبية التي اعترفت رسميًا بالدولة الفلسطينية في ربيع 2024، إلى جانب إيرلندا وإسبانيا. كما أعلنت كل من فرنسا وبريطانيا وكندا عن نية مشابهة للاعتراف بفلسطين خلال سبتمبر المقبل، بينما تواصل إسرائيل الاستعداد لما تصفه بـ”الاحتلال الكامل” لقطاع غزة، بحسب ما تناقلته وسائل الإعلام.
مقالات ذات صلة: الاحتلال الكامل لغزة يهدد بانهيار الاقتصاد الإسرائيلي ويكشف مأزقًا سياسيًا وأخلاقيًا متفاقمًا











