
تشهد كلاليت، أكبر صندوق للمرضى في البلاد، واحدة من أكثر أزماتها الإدارية تعقيدًا منذ سنوات، بعدما تحوّل التوتر بينها وبين وزارة الصحة إلى مواجهة علنية واتهامات متبادلة بالتجاوزات وسوء النية. ففي رسالة رسمية شديدة اللهجة بعث بها مجلس إدارة كلاليت إلى الوزارة ومديرها العام موشيه بار سيمان طوف، اتهمت الإدارة الوزارة بالعمل وفق «شبهات مصالح خارجية» وبمحاولة «فرض السيطرة على الصندوق بوسائل تنظيمية متطرفة وغير متناسبة».
تأتي هذه التطورات بعدما أعلن المدير العام لوزارة الصحة مؤخرًا توصيته إلى وزير الصحة أريئيل بوسو بضرورة تشكيل لجنة تحقيق خارجية لفحص أزمة الإدارة داخل كلاليت. ووفق ما جرى تداوله، لم تتجاوب كلاليت حتى الآن مع هذه الخطوة، بل ردّت بإجراءاتها الخاصة ورفضت الامتثال لبعض أوامر الوزارة.
الأزمة تفجّرت على نحو خاص بعد سلسلة استقالات كبيرة داخل الصندوق. فمنذ تولّي يوحنان لوكر رئاسة مجلس إدارة كلاليت في مارس 2020، غادر ثلاثة مديرين عامين منصبهم كان آخرهم إيلي كوهين الذي ترك منصبه الشهر الماضي قبل عامين من انتهاء ولايته الرسمية. ولم تقتصر الاستقالات على المديرين العامين، بل شملت في الأشهر الأخيرة ثلاث قيادات عليا بينهم مدير شؤون المجتمع، ومديرة المستشفيات والمدير المالي.
وزارة الصحة لم تخفِ امتعاضها من هذا التدهور الإداري، إذ استخدم المدير العام للوزارة صلاحياته بموجب البند 37 من قانون التأمين الصحي الوطني الذي يتيح للوزارة التدخل متى ما وُجد أن إدارة صندوق المرضى لا تُدار بشكل مناسب. وبناءً على ذلك، صدرت توجيهات لوقف تعيين مدير عام جديد حتى تنتهي لجنة التحقيق من أعمالها.
غير أن كلاليت اعترضت بشدة على المسار الحكومي، معتبرة أنه فاقد للشرعية القانونية ويعكس مساعي للسيطرة على الصندوق بطرق تنظيمية استثنائية. وأوضحت في رسالتها أن خطوة وزارة الصحة تشكل «تدخلاً سافرًا» في شؤونها الداخلية، خاصةً بعدما طلبت الوزارة من كلاليت إنهاء تعاقدها مع القاضي المتقاعد يورام دنتسيغر الذي استعانت به لإعداد توصيات لتحسين الإدارة الداخلية. إذ ترى كلاليت أن دور دنتسيغر يقتصر على تقديم رؤى مستقبلية ولا علاقة له بالتحقيق في ممارسات الماضي، بينما أصرّت الوزارة على إقالته أو تكليفه برئاسة لجنة التحقيق الحكومية.
في هذا السياق، صعّد مجلس إدارة كلاليت من لهجته، مؤكدًا في رسالته أن وزارة الصحة تواصل ممارسة ضغوط مباشرة على القاضي دنتسيغر «عبر طرح تساؤلات حول أدائه»، وهو ما وصفته بأنه «تدخل غير مشروع في عمل المجلس». في المقابل، أوضح مصدر رفيع في وزارة الصحة أن الموقف الرسمي لا يزال ثابتًا بضرورة المضي قدمًا في تشكيل لجنة تحقيق مستقلة باعتبارها «الإطار الوحيد القادر على فحص جميع المزاعم» المتعلقة بأزمة كلاليت.
ولم يقتصر التوتر على المستويات الإدارية العليا، بل انتقل أيضًا إلى أوساط العاملين أنفسهم. إذ أعلن رئيس رئيس اللجنة القطرية لموظفي صندوق كلاليت، بروسبر بن حمو، أنه سيتخذ خطوات تنظيمية تصعيدية إذا لم تتراجع الوزارة عن نيتها استخدام البند 37 ضد الصندوق، مشيرًا إلى أن استمرار هذا النزاع قد يضر بالاستقرار المهني لموظفي كلاليت وبجودة الخدمات الطبية المقدمة لملايين المستفيدين.
مقالات ذات صلة: هكذا نجحت كلاليت في تقديم أفضل الخدمات الطبية لمؤمّنيها خلال فترة الطوارئ











