
بدو أن مشروع «المدينة الإنسانية» المخطط له في جنوب قطاع غزة يفاقم الخلافات بين وزارة المالية والجيش بشأن حجم ميزانية الدفاع للعامين المقبلين، في وقت يزداد فيه التوتر بين وزارة المالية وقيادة الجيش حول أرقام ضخمة يُنظر إليها على أنها مبالغ فيها وتعاني من سوء التقدير.
قبل أيام قليلة، كشف وزير الدفاع يسرائيل كاتس عن خطة لإقامة “مدينة إنسانية” مغلقة فوق أنقاض مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بهدف “ فصل السكان المدنيين عن منتسبي حركة حماس”، حيث تقضي الخطة في مرحلتها الأولى بتفريغ منطقة الممر الإنساني في المواصي، ونقل نحو 600 ألف من الفلسطينيين إلى هذه المنطقة الجديدة، التي وصفتها صحيفة هآرتس بمعسكر اعتقال، وأن هدفها تهجير سكان غزة تحت غطاء إنساني.
وعودة إلى الاقتصاد، الخلاف الأساسي يتمحور حول مطلب وزارة الدفاع بزيادة موازنتها بمبلغ ضخم يصل إلى 60 مليار شيكل على مدار العامين المقبلين، وذلك دون احتساب تكاليف «المدينة الإنسانية»، المتوقع أن تُعقّد بشكل كبير الخلافات القائمة أصلًا بين الوزارتين. وقد رفضت وزارة المالية الجزء الأكبر من هذا المبلغ البالغ 60 مليار شيكل، مؤكدة أن جزءًا من النفقات التي يطالب بها الجيش مضمنة أساسًا في الميزانية المعتمدة لعام 2025، خاصة تلك المتعلقة بتجديد المخزون العسكري عقب الحرب الأخيرة مع إيران، إذ ترى الوزارة أن شراء المخزونات العسكرية خُطّط له مسبقًا في الموازنة ولا يجوز اعتباره بندًا مضاعفًا لتحصيل أموال إضافية.
الخلاف لا يتوقف عند ذلك، فبحسب موقع ذاماركر يمتد الخلاف إلى موضوع آخر يتعلق بتكلفة أيام الخدمة الاحتياطية. حيث ترى وزارة المالية في تقديرات الجيش مبالغة كبيرة، خاصة فيما يتعلق بتكاليف أيام خدمة الاحتياط، التي تراها مضخمة بمليارات الشواكل. ووفق التقدير المعدّل الذي يعرضه مسؤولو المالية، فإن التكلفة الحقيقية لأيام الاحتياط تقلّ بنحو سبعة إلى ثمانية مليارات شيكل عمّا يُعلنه الجيش. كما يقول مسؤولون في وزارة المالية إن الجيش نفسه اعترف في اجتماعات مغلقة بأن أرقام وزارة المالية دقيقة، لكن قيادة الجيش توضح أن موافقتها على حسابات الوزارة لا تعني بالضرورة الإقرار بوجود خطأ، بل تُعدّ مجرّد قبول بأن الحساب البديل مشروع في ظل اختلاف طرق الحساب.
ورغم الجدل حول الأرقام، برزت أيضًا اتهامات داخلية بهدر محتمل في منظومة الاحتياط، إذ تُشير وزارة المالية إلى أن بعض جنود الاحتياط يحصلون على تعويضات مالية تتجاوز بكثير عدد الأيام الفعلية التي يقضونها في الخدمة، بهدف تحفيزهم على الاستمرار في المشاركة. وتستند الوزارة في ذلك إلى معطيات سوق العمل، التي تُظهر أن نسبة غياب الموظفين في القطاعين العام والخاص أقل بكثير من عدد أيام الاحتياط المبلّغ عنها رسميًا، وهو ما تعتبره المالية دليلًا على تضخيم الأرقام.
ولا يتوقف الخلاف عند هذا الحد، بل يمتد إلى هيكلية الرقابة على عقود المشتريات الدفاعية. ففي الوقت الراهن، يملك المراقب المالي لوزارة المالية الذي يعمل في داخل وزارة الدفاع حق الرقابة والمصادقة على صفقات المشتريات الكبيرة، غير أن مسؤولي المالية يقولون إنهم يُجبَرون غالبًا على توقيع العقود في اللحظة الأخيرة بعد أشهر من العمل عليها، ما يجعل رفضها أمرًا شبه مستحيل. ومع تراكم مخالفات تجاوز الميزانية في صفقات الشراء والتي وصلت في مجموعها إلى عشرات مليارات الشواقل، بدأ المراقب يرفض بعض العقود في الآونة الأخيرة، ما فجّر أزمة بين وزارة المالية والجيش، الذي يتهم المالية بإعاقة خطط التسلّح والتجهيز.
ويُرجّح مراقبون أن يُحال هذا الخلاف، إلى جانب كامل ملف ميزانية الدفاع للعامين المقبلين، إلى مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للبت فيه نهائيًا، خاصة مع بدء التحضيرات لتقديم مشروع ميزانية عام 2026 إلى الحكومة. ووفق الجدول الزمني المحدّث، من المتوقع أن يُعرض المشروع على الكابينيت للمصادقة في شهر سبتمبر المقبل، أي بتأخير يصل إلى شهر مقارنة بالموعد المعتاد لإقرار الميزانية سنويًا.
مقالات ذات صلة: اتهمها بمعاداة السامية وإهانة اليهود: مؤسس غوغل يهاجم الأمم المتحدة بسبب غزة











