
أثار وزير المالية بتسلئيل سموتريتش موجة من الجدل بعد تهديده الأخير للبنوك الإسرائيلية بالتدخل في حال امتثالها للعقوبات الأوروبية المفروضة على بعض المستوطنين في الضفة الغربية. ويخشى خبراء في القطاع المالي أن تؤدي هذه التهديدات إلى نتائج خطيرة قد تضعف ارتباط النظام المصرفي الإسرائيلي بالنظام المالي العالمي، وتؤثر سلبًا على قدرة الزبائن على إجراء معاملات مالية خارج البلاد، مثل تحويل واستقبال الأموال والحصول على قروض من مؤسسات أجنبية.
تعود جذور الأزمة إلى عام 2024 عندما فرضت إدارة بايدن عقوبات على عدد من المستوطنين وجهات متورطة في أحداث عنف في الأراضي المحتلة، تبعتها لاحقًا عقوبات مشابهة من الاتحاد الأوروبي وكندا وبريطانيا. لاحقًا، مع مجيء إدارة ترمب، أُلغيت العقوبات الأمريكية، لكنها بقيت سارية من قِبل بقية الدول.
ووفقًا لموقع غلوبس، فإنّه رغم أن العقوبات للوهلة الأولى قد توحي بأنها صارمة للغاية، إلا أن من تطبق عليهم هذه العقوبات لا يُمنعون من تنفيذ جميع المعاملات البنكية. إذ يستطيع الأشخاص الخاضعون للعقوبات الاحتفاظ بحسابات جارية، وتلقي الرواتب، ودفع المستحقات الحكومية والمشتريات الأساسية، لكنهم يواجهون قيودًا في مجالات معينة، خصوصًا فيما يتعلق بتحويل العملات الأجنبية والتعاملات الدولية.
يحذر خبراء قانونيون من أن سن قانون في إسرائيل يجبر البنوك على تجاهل العقوبات الدولية قد يورط النظام المصرفي الإسرائيلي كله في انتهاك العقوبات، وهو ما قد يؤدي إلى قطع علاقات البنوك الإسرائيلية مع النظام المالي العالمي، ويضر بشكل خاص الزبائن الذين يعتمدون على خدمات مالية دولية.
البنوك من جهتها حريصة على الامتثال لهذه العقوبات، رغم عدم وجود قانون محلي يجبرها على ذلك، وذلك في إطار سياسات إدارة المخاطر التي تنتهجها لحماية علاقاتها مع الأنظمة المصرفية العالمية.
تزامن تهديد سموتريتش مع قرب إصدار تعليمات جديدة من بنك إسرائيل للبنوك حول كيفية التعامل مع العقوبات. وبحسب خبراء تحدثوا لموقع غلوبس، فإن رسالة وزير المالية جاءت بهدف التأثير على الخطاب السياسي الداخلي وإيصال رسالة لجمهوره السياسي بأنه يقف بوجه الضغوط الأوروبية، رغم معرفته بأن النظام المصرفي العالمي لا يحتمل تجاهل العقوبات دون عواقب قاسية.
في خطابه العلني، حاول وزير المالية التقليل من خطورة العقوبات الأوروبية، وادعى أن مخاطرها ضئيلة مقارنة بالعقوبات الأمريكية التي سبق له أيضًا أن عارضها رغم اعترافه بخطورتها الكبيرة.
التوتر بين سموتريتش والبنوك حول هذا الملف بدأ فعليًا منذ العام الماضي، عندما فُرضت العقوبات الأمريكية لأول مرة. في حينها صرح وزير المالية قائلاً: “لسنا جمهورية موز تابعة للولايات المتحدة”، وطلب من بنك إسرائيل العمل على إيجاد حلول لصالح الزبائن المتضررين من العقوبات.
في النهاية، أصدر بنك إسرائيل تعليماته الرسمية التي أبقت على حرية البنوك في اتخاذ القرار بشأن الامتثال للعقوبات الدولية، لكنها فرضت عليها معايير مهنية صارمة تتيح لكل بنك دراسة كل حالة بشكل منفصل وعدم رفض تقديم الخدمات بشكل تلقائي دون فحص مفصل للزبون وطلباته.
بحسب خبير مصرفي تحدث لموقع غلوبس، سيضطر كل بنك إلى تقييم كل زبون بشكل منفصل وفق معايير عدة، مثل: الدولة التي فرضت العقوبات، شدة العقوبة، طبيعة نشاط الزبون (شخص أم شركة)، ونوع الخدمة المصرفية المطلوبة. في بعض الحالات قد يُسمح للزبون بتنفيذ معاملات أساسية مثل دفع الفواتير اليومية، لكنه قد يُمنع من تحويل الأموال إلى الخارج أو من إجراء صفقات بالعملات الأجنبية أو الأوراق المالية. بكلمات بسيطة، سيكون على البنوك أن تتعامل مع كل ملف على حدة وتبحث عن توازن بين الامتثال للقانون وحماية مصالحها الدولية.
بالتوازي مع ذلك، تتراكم دعاوى قضائية ضد البنوك من جانب زبائن تأثروا بهذه القيود. بعض الزبائن يطالبون بتعويضات مالية كبيرة نتيجة الأضرار التي لحقت بهم جراء تقييد حساباتهم البنكية ومنعهم من تنفيذ معاملات مالية حيوية. ورغم رفع إدارة ترامب العقوبات الأمريكية، إلا أن هذه الدعاوى لا تزال قائمة أمام المحاكم، حيث يسعى أصحابها للحصول على قرارات قضائية لصالحهم لتعويضهم عن الأضرار.
مقالات ذات صلة: علامة “ساقط” لكل البنوك التجارية في توفير وملائمة الخدمات المالية للزبائن العرب











