/
/
“استغرق الأمر عقودًا لإيصال إسرائيل إلى مكانة تُعتبر فيها جزءًا من أوروبا، لكنها على وشك تدمير كل ذلك”

“استغرق الأمر عقودًا لإيصال إسرائيل إلى مكانة تُعتبر فيها جزءًا من أوروبا، لكنها على وشك تدمير كل ذلك”

أصبحت أيرلندا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تسنّ تشريعاً يحظر استيراد منتجات الشركات الإسرائيلية العاملة في المستوطنات. ويشير الخبراء الاقتصاديون إلى أن فرض حظر أوروبي على التجارة مع إسرائيل قد يؤدي إلى خسائر بمليارات الدولارات. لكن القلق الإسرائيلي لا يقتصر على الجانب التجاري، إذ إنّ هناك مخاطر حقيقية بنهاية عصر اندماجها في المجال العلمي الأوروبي.
أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
مظاهرة مؤيدة لفلسطين في دبلن، أيرلندا- الصورة: ويكيميديا
مظاهرة مؤيدة لفلسطين في دبلن، أيرلندا- الصورة: ويكيميديا

في خطوة قد تكون بداية منعطف حاد في علاقة إسرائيل مع أوروبا، أصبحت أيرلندا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تسنّ تشريعاً يحظر استيراد منتجات الشركات الإسرائيلية العاملة في المستوطنات القائمة على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، حيث جاء القرار التاريخي مدفوعاً بالرغبة في “إلهام دول أوروبية أخرى للانضمام إلى الحملة”، وفقًا لما صرّح به وزير الخارجية الأيرلندي سيمون هاريس، وهو ما يثير قلقاً حقيقياً لدى صناع القرار في تل أبيب من تحوّل الحظر التجاري إلى سياسة أوروبية شاملة.

وتبدو أوروبا في طريقها لاتخاذ خطوات أكثر حسماً، إذ أعلن الاتحاد الأوروبي، في بيان رسمي، أنه “لا يمكن التسامح مع العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، أو استخدام القوة المفرطة وقتل المدنيين”، مؤكداً أن “استهداف البنية التحتية المدنية أمر مرفوض”، ومطالباً بالعودة إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن وفتح المجال أمام المساعدات الإنسانية.

وتشير تقديرات البروفيسور دان بن دافيد، الخبير من جامعة تل أبيب، إلى أن فرض حظر أوروبي على التجارة مع إسرائيل قد يؤدي إلى خسائر بمليارات الدولارات. وقال بن دافيد في حديثه لصحيفة “يديعوت أحرونوت” إن “الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لإسرائيل، وإذا بدأت القيود تفرض، فإن قدرتنا على شراء وبيع المنتجات ستتقلص بشكل خطير”. وأضاف: “قد نبقى على المواد الغذائية الأساسية، ولكن كيف سنشتري الطائرات المقاتلة أو التكنولوجيا المتقدمة؟ إنها نهاية الانتماء إلى العالم الأول”.

وأضاف بن دافيد: “استغرق الأمر عقودًا لإيصال إسرائيل إلى مكانة تُعتبر فيها جزءًا من أوروبا، مع أننا في الشرق الأوسط، وهذا يشمل اتفاقيات مثل اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي. نحن على وشك تدمير ما بنيناه عقودًا”.

القلق الإسرائيلي لا يقتصر على الجانب التجاري، بل أيضاً من تداعيات ثقافية وأكاديمية عميقة، حيث تتسارع وتيرة المقاطعة الأكاديمية للجامعات ومراكز البحث الإسرائيلية. فوفقاً لتقارير نشرتها صحيفة كالكاليست، تجاوز عدد المؤسسات الأكاديمية التي قطعت علاقاتها مع نظيراتها في إسرائيل حاجز الـ20، في تصعيد يعكس غضباً متزايداً في الأوساط العلمية العالمية إزاء العدوان الإسرائيلي على غزة وسياسات الاستيطان في الضفة الغربية.

وبناء على ذلك، تلوح في الأفق خسارة استراتيجية أكبر: تعليق مشاركة إسرائيل في برنامج Horizon Europe للأبحاث العلمية، الذي تبلغ ميزانيته 95.5 مليار يورو خلال سبع سنوات، وتشارك فيه إسرائيل فمنذ 25 عاماً، حيث كان باحثوها ضمن الأكثر حصولاً على منح ERC المرموقة، التي تصل قيمتها إلى أكثر من مليوني دولار، إذ يمنح هذا البرنامج الأكاديمي مكانة عالمية وشبكات تعاون دولية لا تقدر بثمن. وقد حازت إسرائيل على 225 منحة بحثية ضمن البرنامج بين عامي 2007 و2024، بمعدل قبول فاق 20%، متقدمة بذلك على معظم دول الاتحاد. ولذلك، فإنّ أي قرار بإخراجها من البرنامج سيعني نهاية عصر من الاندماج العلمي الأوروبي، وخسارة الأدمغة والمواهب إلى جامعات في دول بديلة.

ويشير تقرير صادر عن وزارة العلوم  والتكنولوجيا إلى تراجع بنسبة 21% في عدد المنشورات العلمية المشتركة لباحثين إسرائيليين مع نظرائهم حول العالم بين عامي 2022 و2024، في مؤشر مباشر على تداعيات المقاطعة المتنامية.

وسط هذا التصعيد، تتوالى الأصوات الأوروبية المطالبة بمراجعة اتفاقيات الشراكة المختلفة مع إسرائيل. وقالت كايا كالاس، كبيرة دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي، إن أغلبية واضحة من وزراء الخارجية يؤيدون إعادة النظر في الاتفاقيات بسبب “الوضع الكارثي في غزة”، مشددة على أن المساعدات الإنسانية يجب أن تتدفق دون عوائق، على نطاق واسع.

مقالات ذات صلة: إسبانيا تقود تحالفًا دوليًا لحظر بيع الأسلحة لإسرائيل وتعليق اتفاق الشراكة التجاري مع الاتحاد الأوروبي

مقالات مختارة