
أعلن بنك إسرائيل هذا الأسبوع عن قراره بالإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير عند مستوى 4.5%، وذلك للمرة الحادية عشرة على التوالي منذ يناير 2024. القرار لم يفاجئ الأسواق المالية أو المحللين الاقتصاديين، وجاء متسقًا مع مؤشرات اقتصادية بارزة في الآونة الأخيرة، من بينها ارتفاع التضخم وبيانات نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول من عام 2025.
ورغم التوقعات السابقة بأن البنك قد يتجه نحو خفض الفائدة في النصف الثاني من العام، إلا أن استمرار معدل التضخم السنوي فوق نطاق هدف البنك (الذي يتراوح بين 1% و3%) دفع لجنة السياسة النقدية إلى التريث. مؤشر أسعار المستهلك لشهر أبريل ارتفع بنسبة 1.1%، ليصل معدل التضخم السنوي إلى 3.6%، فيما بلغ معدل التضخم للسلع والخدمات غير القابلة للتداول 4.2%، وهي فئة تُعد أكثر ارتباطًا بالعوامل الداخلية في الاقتصاد، كونها لا يمكن تصديرها أو استيرادها بين الدول، وتُستهلك في نفس المكان الذي يتم إنتاجها أو تقديمها فيه، ولا تدخل في التجارة الدولية، وبالتالي فإن أسعارها تتأثر بالعوامل المحلية، مثل الإيجارات وأسعار المواصلات وفواتير الكهرباء والماء وأقساط المدارس وغيرها.
البنك أشار في بيانه إلى عدة عوامل رئيسية تشكّل مخاطر لعدم تراجع التضخم أو حتى تسارعه، وهي استمرار الحرب في غزة، ونقص الأيدي العاملة والرحلات الجوية، وتراجع شروط التجارة العالمية، والتقلب في سعر صرف الشيكل.
ورغم هذه الأوضاع، أظهرت البيانات الاقتصادية الأخيرة مؤشرات إيجابية. الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من 2025 ارتفع بنسبة 3.4% على أساس سنوي، بينما نما الناتج التجاري بنسبة 4.4%. ومع ذلك، لا يزال الناتج المحلي دون مستواه الذي كان متوقعًا له قبل الحرب، بفجوة تقدّر بنحو 4%.
لكن على الجانب الآخر، شهد الاستهلاك الخاص تراجعًا بنسبة 5%، فيما انخفض الاستهلاك الخاص للفرد بنسبة 6.1%، وهي مؤشرات تشير إلى تباطؤ في الزخم الاستهلاكي، خاصة بعد طفرة مؤقتة في نهاية 2024 بسبب الإسراع في شراء السيارات قبل رفع الضرائب.
فيما يتعلق بسوق العمل، لا يزال يوصف بأنه “ضيق”، لكن ظهرت بوادر تباطؤ. فقد انخفضت نسبة الوظائف الشاغرة إلى الباحثين عن عمل، وبلغ معدل البطالة الموسع 3.4% في أبريل، مرتفعًا عن 2.9% في يناير. كما تراجع معدل التشغيل للفئة العمرية 25-64 مقارنة بما قبل الحرب. وارتفعت الأجور الاسمية (دون احتساب التضخم) بنسبة 4.3% خلال أول ثلاثة أشهر من العام مقارنة بما قبل الحرب، لكن الأجر الحقيقي (بعد خصم تأثير التخضم) لم يُظهر ارتفاعًا ملموسًا، وبقي دون مسار النمو المتوقع.
أما على مستوى قطاع التكنولوجيا، فقد استمرت الاستثمارات في الارتفاع، وسجلت مستويات أعلى مما كانت عليه قبل اندلاع الحرب. في المقابل، تراجع أداء قطاع البناء، وانخفضت مساهمته في الناتج المحلي، كما هبطت صادرات السلع بنسبة 14.5% في أبريل.
بنك إسرائيل أشار إلى أن النشاط الاقتصادي العام يواصل تعافيه بشكل تدريجي رغم الضبابية السياسية والأمنية، لكنه شدد على أن أي تغيير في سياسة الفائدة سيكون مشروطًا بتراجع معدل التضخم إلى داخل النطاق المستهدف، واستمرار الاستقرار في الأسواق المالية، وانتظام السياسة المالية العامة.
مقالات ذات صلة: الربع الأول من 2025: الاقتصاد الإسرائيلي ينمو بنسبة 3.4%، لكنّ الاستهلاك الخاص يتراجع 5%











