
بعد عامين من التداعيات الاقتصادية التي انعكست بشكل مباشر على القطاعات الإنتاجية والخدمية في مدينة بيت لحم، في أعقاب الحرب على قطاع غزة وما تبعها من انحسار شديد في النشاط السياحي، تستعد المدينة لدخول موسم عيد الميلاد باعتباره أحد أهم المواسم الاقتصادية السنوية. ويعوّل القطاع الخاص في المدينة على هذا الموسم لاستعادة جزء من الحركة التجارية والمبيعات، بعد فترة طويلة من الركود الذي أصاب الأسواق المحلية.
وتحظى بيت لحم بأهمية خاصة لكونها مسقط رأس السيد المسيح، حيث توجد فيها كنيسة المهد المقامة فوق المغارة التي وُلِدَ فيها، ما حوّلها إلى مركزٍ روحي وسياحي يؤمّه كلّ عام آلاف الزوّار والحجّاج من جميع أنحاء العالم للاحتفال بعيد الميلاد ثلاثة مرات، وفقًا للتقويم الغربي والشرقي والأرمني. ويعتمد اقتصاد المدينة بشكل كبير على السياحة الدينية وصناعة التحف التراثية والمنحوتات الخشبية، خصوصًا في موسم عيد الميلاد الذي تنعكس آثاره الاقتصادية على قطاعات عدّة، كالتجارة، والفنادق، والخدمات.
إيرادات محافظة بيت لحم من عرب الداخل خلال فترة عيد الميلاد تبلغ 35%، مقابل إيرادات تتراوح بين 19% و23% من الحجاج الأجانب.
هذا العام، عادت أجواء الاحتفال بعيد الميلاد بعد توقف استمر عامين بسبب الحرب على غزة، وتزامن ذلك مع إقامة سوق الميلاد، الذي حظي بإجماع شعبي ورسمي وديني، في خطوة تهدف إلى تنشيط الاقتصاد المحلي وحركة التجارة، في ظل تحديات مستمرة تواجه البلدية والقطاعين الخاص والحكومي في المدينة.

بلدية بيت لحم بالأرقام: تمويل الأعياد، أعداد الزوار، وكلفة التعافي
قال رئيس بلدية بيت لحم، ماهر قنواتي، إن الوضع المالي للبلدية صعب جدًا في هذه المرحلة، في ظل تراكم ديون مستحقة على المواطنين وجهات أخرى تُقدّر بنحو 70 مليون شيكل. وأوضح أن البلدية قبل الحرب، كانت تبدأ استعداداتها لموسم الأعياد اعتبارًا من شهر مايو/أيار من كل عام، إلا أن قرار استئناف الاحتفالات هذا العام اتُّخذ قبل أيام قليلة فقط.
وكشف قنواتي أن البلدية كثّفت خلال الفترة الأخيرة اتصالاتها مع المدن الشريكة، التي يبلغ عددها 109 مدينة حول العالم، مشيرًا إلى طرح فكرة تتمثل في قيام كل مدينة بتسجيل رسالة قصيرة موجّهة إلى فلسطين ومدينة بيت لحم، لا تتجاوز مدتها 12 ثانية، على أن تُعرض هذه الرسائل خلال احتفالات عيد الميلاد.
وأضاف أنه سيقوم بنشر ما بين 7 إلى 10 مقاطع فيديو يوميًا، يوجّه من خلالها رسائل إلى العالم، يدعو فيها إلى زيارة مدينة بيت لحم، التي ستسمرّ فعاليات عيد الميلاد فيها حتى الثامن عشر من شهر يناير/كانون الثاني. وتوقع قنواتي أن يتراوح عدد الحجاج في ليلة إضاءة شجرة الميلاد، بتاريخ السادس من ديسمبر/كانون الأول، ما بين 10 آلاف إلى 15 ألف حاج، مشيرًا إلى أن تمويل موسم الأعياد يعتمد في الأساس على مزيج من التبرعات والتمويل الرسمي والرعاة من القطاع الخاص.

وأوضح قنواتي أن ميزانية الأعياد تُغطّى عادة من الميزانية العامة للبلدية، حيث يقدّم الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعمًا يتراوح بين 50 و70 ألف دولار، فيما يساهم مجلس الوزراء بمبلغ يتراوح ما بين 40 ألفًا و50 ألف دولار. إلى جانب ذلك، يوجد رعاة لحفل إضاءة الشجرة، من بينهم بنك فلسطين الذي يقدّم قرابة 50 ألف دولار، وشركة جوال التي تساهم بمبلغ يتراوح بين 40 ألفًا و50 ألف دولار، وبناءً على مجموع هذه المساهمات المالية يتم تحديد أوجه الصرف.
وعدّد قنواتي تفاصيل النفقات المطلوبة لهذا الموسم، والتي تشمل تجهيز نظام صوت تبلغ تكلفته 100 ألف شيكل تقريبًا، والمقاعد، والزينة الخاصة بالأعياد، إضافة إلى أجور العاملين في موسم عيد الميلاد الذي يبلغ عددهم قرابة 270 موظفًا، موزعين ما بين رجال أمن وموظفين وعمال. وأشار قنواتي إلى أن التحضيرات جاءت بناءً على اجتماع موسّع عُقد ضمن إطار لجنة الأعياد، تقرّر خلاله إقامة سوق الميلاد في مركز السلام، المخصّص لعرض المنتجات الفلسطينية، لافتًا إلى توزيع 7 آلاف دعوة خاصة على الأديرة والكنائس والمؤسسات المختلفة.
وأكد قنواتي أن البلدية لم تُزيّن هذا العام المدينة بشكل كامل، مقتصرةً على تزيين ساحة المهد وإضاءة شجرة الميلاد فحسب، مع السعي لإدخال أجواء الفرح من خلال الفعاليات التي ستُقام خلال موسم العيد، مثل العروض الموسيقية التي ستشارك فيها جوقات المدارس، في ظل حاجة الناس للأمل والبهجة، بحسب تعبيره.

وعلى صعيد المؤشرات السياحية، قدّر قنواتي عدد زوار كنيسة المهد خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2025 بنحو 14,469 زائرًا أجنبيًا، و10,490 سائحًا محليًا، و5,688 زائرًا من عرب الداخل، بعدد إجمالي بلغ 30,647 زائرًا، وصلوا عبر 392 حافلة. كما قدّر عدد نزلاء محافظة بيت لحم خلال الشهر ذاته بنحو 12,000 نزيل أجنبي، و190 نزيلًا محليًا، و3,254 من نزلاء عرب الداخل.
ونوّه قنواتي إلى أن البلدية جعلت مواقف السيارات على بعد مسافة قصيرة من كنيسة المهد، لجعل الزوار يمشون مسافة قصيرة في طريقهم إلى الكنيسة، للتأكد من مرورهم بالمحال التجارية في الطريق، على أمل أن يُسهِمَ ذلك في زيادة مبيعات أصحاب المحال التجارية، بعد تكبّد القطاع السياحي خسائر يومية تقترب من مليون 500 ألف دولار بسبب الحرب. وأشار إلى أن مركز الباصات سيكون متاحًا، إلى جانب موقف تابع للطائفة الأرمنية، حيث تستوعب هذه المواقف ما بين 6 آلاف و7 آلاف سيارة.
وأضاف قنواتي: “حتى هذه اللحظة، نحن لسنا جاهزين بالشكل المطلوب، ولا تتوفر لدينا ميزانيات كافية، لكننا نأمل بالحصول على دعم إضافي من الرئاسة والصندوق القومي، حيث جرى تحويل قرابة 40 ألف دولار حتى الآن”. وفيما يتعلق بالاستقبالات الرسمية، أوضح قنواتي أن الرابع والعشرين من ديسمبر سيشهد استقبال البطريرك، فيما سيتم في السادس من يناير استقبال بطاركة الروم والسريان وفق التقويم الشرقي، على أن يجري في الثامن عشر من يناير استقبال البطاركة الأرمن.

من 4% إلى 20% نسبة إشغال الفنادة: مؤشرات تعافٍ سياحي
قال المتحدث باسم وزارة السياحة والآثار، جريس قمصيه، إن المؤشرات المتوفرة لدى الوزارة تُظهر تحسنًا نسبيًا في أعداد الزوار إلى مدينة بيت لحم مقارنة بالعام الماضي. وأوضح أن إحصائيات النصف الأول من عام 2025 أظهرت أن نسبة الإشغال في الفنادق الفلسطينية بلغت نحو 20%، مقابل ما بين 3% و4% فقط خلال عام 2024، عقب اندلاع الحرب على قطاع غزة.
وأضاف قمصيه أن فترة عيد الميلاد الحالية ستشهد نسب إشغال فندقي أكبر، مدفوعة بشكل أساسي بقدوم الزوار من الداخل، معتبرًا أن موسم الأعياد يشكّل فرصة لإعادة تفعيل القطاع السياحي، على أن تبدأ عودة السياحة الفعلية تدريجيًا مع بداية شهر شباط/فبراير. وبيّن أنه خلال أسبوع العيد تتوقع الوزارة حضور 80 ألف إلى 100 ألف زائر للمشاركة في الفعاليات والاحتفالات، سواء من الزوار الأجانب أو من المواطنين القادمين من مختلف المناطق، مشيرًا إلى أن الحضور الأكبر سيكون من الداخل.
وأشار المتحدث باسم الوزارة إلى أن وزارة السياحة والآثار تدير حاليًا الفعاليات بالتعاون مع شركائها، وفي مقدمتهم بلدية بيت لحم ومحافظة بيت لحم، التي تعمل على ضبط الحالة الأمنية ومنع أي تجاوزات، إلى جانب المؤسسات الكنسية، والمجموعات الكشفية، ومؤسسات المجتمع المدني. وأكد أن الوزارة تسعى من خلال هذه الفعاليات إلى إيصال رسالة محبة وسلام إلى العالم، إلى جانب تنظيم جولات سياحية لوفود قادمة من عدة دول.

وعلى صعيد الاستثمار، كشف قمصيه عن وجود استثمارات فندقية جديدة مستمرة منذ فترة الحرب، حيث يجري العمل على إنشاء 15 فندقًا بطاقة استيعابية تصل إلى 1,600 غرفة، وبرأس مال يُقدّر بنحو 85 مليون دولار، مشيرًا في الوقت ذاته إلى عدم توفر مخصصات مالية إضافية للوزارة بسبب الأزمة المالية التي تواجهها الحكومة، إذ تُمنَح الأولوية حاليًا لرواتب الموظفين، فيما يتم تنفيذ معظم الأنشطة بالشراكة مع القطاع الخاص.
وبيّن قمصيه أن قطاع السياحة يساهم سنويًا بما يتراوح بين 10% و13% من إجمالي الدخل القومي. وأوضح أنه في الظروف الطبيعية، وفي غياب الحروب، تصل نسبة الإشغال الفندقي في بيت لحم والقدس إلى ما بين 80% و90%، ما ينتج عنه دخل يومي لمدينة بيت لحم يُقدّر بنحو مليوني دولار، موزعة على محلات التحف، والفنادق، ومكاتب السياحة، والمطاعم. في المقابل، أشار قمصيه إلى أن تراجع نسبة الإشغال الفندقي تحت 30%، يؤدي إلى انخفاض الدخل اليومي في بيت لحم إلى نحو 600 ألف دولار فقط.

78 فندقًا، إشغال 19–23%، واعتماد 35% على فلسطينيي الداخل
قال رئيس غرفة تجارة وصناعة بيت لحم، سمير حزبون، إن مدينة بيت لحم تحتفل بعيد الميلاد ثلاث مرات وفق التقاويم المختلفة، حيث يُحتفل أولًا حسب التقويم الغربي، ثم وفق التقويم الشرقي في السادس من يناير/كانون الثاني، وأخيرًا لدى الطائفة الأرمنية في الثامن عشر من الشهر نفسه، مؤكدًا أن هذه الفترة تمثّل موسمًا دينيًا وتجاريًا في آنٍ واحد بالنسبة للمدينة.
وأوضح حزبون أن الطاقة الاستيعابية لفنادق بيت لحم البالغ عددهم 78 فندقًا تقارب 6 آلاف غرفة، مشيرًا إلى أن نسب الحجوزات الحالية تتراوح بين 19% و23% للحجوزات الأجنبية، مع توقعات بأن تكون نسبة الحضور من عرب الداخل مرتفعة هذا الموسم، وهو ما يعزز التوقعات الإيجابية للحركة التجارية.
وبيّن رئيس الغرفة أن المدينة تضم نحو 60 محلًا للتحف الشرقية، ونحو 156 مطعمًا ما بين سياحي وشعبي، إضافة إلى الباعة المتجولين الذين يُتوقع أن ينخرطوا في النشاط التجاري خلال موسم الأعياد. كما أشار إلى وجود 6 بازارات تُقام في مواقع مختلفة، من بينها مركز السلام، ودير السالزيان، وفندق سانت إلياس، ومدينة بيت جالا، إلى جانب 9 محال متخصصة ببيع زينة أعياد الميلاد.

وأشار حزبون إلى أن غرفة تجارة وصناعة بيت لحم قدمت مساهمة للبلدية بهدف المساعدة في إضاءة شجرة الميلاد، إلى جانب تقديم مساعدات لعائلات محتاجة وللأيتام، تراوحت بين مساعدات نقدية وهدايا، وذلك في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المجتمع، والمتمثلة بعدم انتظام رواتب موظفي السلطة الفلسطينية، وعدم قدرة العمال الفلسطينيين على العمل في إسرائيل، إلى جانب اعتداءات المستوطنين. وأشار حزبون إلى أن العمال خلال موسم الأعياد يعملون لساعات طويلة تتراوح ما بين 14 و18 ساعة يوميًا، فيما تصل ساعات العمل في يومي الثالث والعشرين والرابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول إلى 24 ساعة عمل متواصلة، نتيجة ذروة النشاط التجاري.
وأكد حزبون أن الغرفة تعمل على الترويج لمحافظة بيت لحم وتسويقها سياحيًا وتجاريًا من خلال تطبيق “بوابة بيت لحم”، المتاح للتحميل المجاني على الهواتف الذكية، والذي يوفر معلومات سياحية وتجارية شاملة باللغتين العربية والإنجليزية، مع العمل على إضافة لغات أخرى لاحقًا. وأضاف أن إيرادات محافظة بيت لحم من عرب الداخل خلال فترة عيد الميلاد تبلغ 35%، مقابل إيرادات تتراوح بين 19% و23% من الحجاج الأجانب.
وفيما يتعلق بسلاسل التوريد، أوضح أن البضائع المستوردة تصل عبر الموانئ الإسرائيلية، وتحديدًا ميناءي أشدود وحيفا، ثم تُنقل إلى بيت لحم عبر معبر ترقوميا التجاري، مشيرًا إلى أن تكلفة الحاوية الواحدة تترتب عليها أعباء إضافية تتراوح بين 4 آلاف و6 آلاف شيكل. وشدّد على أن أي إغلاق للحواجز من شأنه أن يؤدي إلى خسارة الموسم التجاري، لافتًا إلى أنه حتى الآن لم تَحدُث إغلاقات، معربًا عن أمله في استمرار فتح الحواجز، بما في ذلك حاجز قبة راحيل، لضمان دخول الحجاج والزوار خلال موسم الأعياد.
وتأتي هذه الاستعدادات في ظل واقع ميداني معقّد، إذ تعاني محافظة بيت لحم من إغلاق وحصار فعلي، مع وجود 143 حاجزًا وبوابة حديدية تُقيّد حركة المواطنين وتنقّلهم داخل المحافظة وخارجها، ما يفرض تحديات إضافية على الحياة اليومية والنشاط الاقتصادي في المدينة خلال موسم الأعياد.

أقل من 30% إشغال يعني خسارة
قال إلياس العرجا، نائب رئيس جمعية الفنادق، ومالك فنادق “بيت لحم” و”المهد” و”أنجل” مع عائلته، إن الفنادق واصلت العمل خلال فترة الحرب رغم غياب الحجاج، مع الحرص على الحفاظ على جزء من الموظفين من خلال تشغيلهم بنظام الدوام الجزئي. وأوضح أنه يملك حاليًا عددًا كافيًا من الموظفين لتغطية متطلبات موسم الأعياد، ولا توجد حاجة لتشغيل طواقم إضافية.
وأشار العرجا إلى أن الجهود الحالية تتركز على الترويج لمدينة بيت لحم باعتبارها مدينة آمنة للحجاج ولا تشهد حربًا، لافتًا إلى قيامهم بتحضيرات محدودة شملت توفير الإضاءة في الفندق بشكل كامل، ونصب شجرة الميلاد، إضافة إلى تنظيف الغرف وصيانتها من حيث المياه والكهرباء وأجهزة التلفاز. وبيّن أن ميزانية هذه التجهيزات بلغت نحو 6 آلاف شيكل، مؤكدًا الاكتفاء بهذه التحضيرات البسيطة بسبب الخسائر التي تكبّدها الفندق خلال فترة الحرب.

وأضاف أن تكلفة التزيين والإضاءة مع الشجرة في المواسم السابقة كانت تصل إلى نحو 20 ألف دولار، إلا أن هذه السنة لم يكن هناك يقين بوجود أعداد كافية من الزوّار تبرر هذا الحجم من الإنفاق. وأكد العرجا أن نسبة إشغال غرف فنادقه في تاريخي السادس والسابع من الشهر الحالي تجاوزت 60%، فيما ارتفعت نسب الإشغال خلال أيام الثالث والعشرين والرابع والعشرين والخامس والعشرين من ديسمبر/كانون الأول إلى أكثر من 70%.
وأوضح العرجا أن فندق “بيت لحم” الذي يملكه يضم 220 غرفة بطاقة استيعابية تصل إلى نحو 450 نزيلًا، مشيرًا إلى أن تكلفة الغرفة للزائر الذي يأتي بمفرده تبلغ نحو 124 دولار لليلة، في حين تتراوح تكلفة الإقامة للزائر ضمن مجموعة ما بين 90 و110 دولارات، بحسب الموسم، علمًا أن الزوار معفيون من ضريبة القيمة المضافة.
وأكد أن أي نسبة إشغال تقل عن 30% تؤدي إلى تكبّد فندق “بيت لحم” خسائر تشغيلية، موضحًا أن الفندق لا يحقق أرباحًا في الوقت الحالي. وكشف أن خسائر الفندق خلال عام 2025 تُقدّر بنحو 400 ألف شيكل، مع إمكانية تعويض قرابة 200 ألف شيكل منها خلال موسم الأعياد، مشيرًا إلى أن هذه الخسائر ناتجة عن التكاليف التشغيلية اليومية التي لا يمكن وقفها، مثل الكهرباء والمياه والحد الأدنى من أجور العمال، حتى في فترات غياب العمل والإيرادات.

وبيّن العرجا أن إيرادات موسم الأعياد ستُسهم في تقليص حجم الخسائر، لكنها لن تحقق أرباحًا فعلية، لافتًا إلى أن غالبية الحجاج المتوقع وصولهم هذا الموسم سيكونون من الهند ونيجيريا ورومانيا، وأن متوسط مدة إقامة الحاج الواحد تبلغ أربع ليالٍ. وختم العرجا بالقول إن عدد موظفي الفندق قبل جائحة كورونا كان يقارب 80 موظفًا، فيما لا يتجاوز عدد العاملين حاليًا 10 موظفين فقط.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن خسائر الفنادق نتيجة الحرب على قطاع غزة تُقدَّر بنحو نصف مليار دولار. كما تُظهر البيانات أن أربعة فنادق فقط من أصل 74 فندقًا في مدينة بيت لحم واصلت العمل خلال فترة الحرب. وفي هذا السياق، يبلغ عدد الغرف الفندقية في الضفة الغربية والقدس نحو 10 آلاف غرفة، يتركز نصفها في محافظة بيت لحم. ويعمل في قطاع السياحة في الضفة الغربية أكثر من 21 ألف عامل، تأثرت مصادر دخلهم بشكل مباشر بتراجع النشاط السياحي خلال الفترة الماضية.
بازار سانت إلياس: 40 كشكًا وعائد صفري
قال رائد الأطرش، صاحب شركة فنادق سانت إلياس في بيت ساحور، إن التحضيرات لموسم أعياد الميلاد جاءت بشكل غير مخطط له مسبقًا، حيث جرى البدء بالتحضيرات من خلال تجهيز الساحة الخلفية للفندق، التي كانت تُستخدم سابقًا كموقف سيارات مستأجر، لتحويلها إلى موقع لإقامة بازار الميلاد. وأوضح أن فكرة إقامة البازار طُرحت بتاريخ العشرين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني، ما فرض تحضيرات سريعة ومكثفة لإنشاء سوق خاص بعيد الميلاد خلال فترة زمنية قصيرة.
وأشار الأطرش إلى أن العمل جرى بجهد كبير، مؤكدًا أن الهدف من إقامة البازار لا يتمثل في تحقيق عائد مالي، وإنما في المشاركة المجتمعية، حيث سيضم السوق عروضًا لفرق فنية مثل فرقة “فوزي وموزي”، دون تحميل هذه الفرق أي مقابل، على أن تعود العوائد المالية للفرق نفسها، إضافة إلى مشاركة فرق من معهد إدوارد سعيد، ومغنين من بيت ساحور، من بينهم أمجد خير.

وبيّن أن البازار سيضم نحو 40 كشكًا، ويهدف إلى إيصال رسالة أمل إلى المجتمع ومحاولة إدخال الفرحة إلى قلوب الأطفال. وأوضح أن تكلفة تركيب المنصة في موقع البازار بلغت نحو 20 ألف شيكل، فيما تُقدّر التكلفة الإجمالية لإقامة البازار بنحو 60 ألف شيكل تقريبًا، مؤكدًا أن هذه التكاليف لن تعود عليه بأي أرباح مالية.
وأضاف الأطرش أن إقامة البازار تأتي في إطار المسؤولية المجتمعية تجاه المجتمع المحلي، لافتًا إلى أن الدخول إلى البازار سيكون مجانيًا، خلافًا لما هو معمول به في بازارات أخرى، وسيدفع كل من يرغب باستئجار كشك مبلغ 1000 شيكل مقابل أربعة أيام.
مقالات ذات صلة: “تنكة الزيت بـ1500 شيكل” : الجفاف والاحتلال يعكّران موسم الزيتون في بيت جالا










