/
/
“شهد العسل”: من هندسة الحاسوب إلى هندسة خلايا النحل

“شهد العسل”: من هندسة الحاسوب إلى هندسة خلايا النحل

أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
mceu 19437704541755086587969 1
روان رفيق فياض، صاحبة مشروع “شهد العسل”

رغم تحديات الاحتلال والأوضاع الاقتصادية المتردية، تواصل المرأة الفلسطينية تحقيق قصص نجاح ملهمة. روان رفيق فياض من طولكرم شمال غرب الضفة الغربية، نموذج لهذا الإصرار، حيث حولت شغفها إلى مشروع ريادي تحت اسم “شهد العسل”، متجاوزة العقبات السياسية والاجتماعية والمهنية.

حصلت روان على درجة البكالوريوس في هندسة الحاسوب عام 2018، بدأت بعدها رحلة البحث عن فرصة عمل في مجال تخصصها، ورغم ندرة الفرص في السوق الفلسطيني، نجحت في العمل في قطاع الهايتك لفترة من الزمن، لكنها سرعان ما شعرت بعدم الانسجام مع بيئة العمل الروتينية خلف شاشات الحاسوب، وبدأت تبحث عن مجال أقرب إلى شغفها وطموحاتها.

تقول روان: “في عام 2020، قررت ترك العمل في مجال الهندسة والعمل على نفسي أكثر في مجال ريادة الأعمال وإدارة المشاريع والتسويق الالكتروني. وفي أحد التدريبات، أتيحت لي فرصة بالحصول على منحة تعطى للمشاريع الناشئة قيمتها  5000 دولار، فاستطعت من خلالها تطبيق فكرة مشروعي ‘شهد العسل’  على أرض الواقع وتأسيس المنحل بأدوات بسيطة. لكنني سرعان ما واجهت أولى التحديات متمثلة في جائحة كورونا. ورغم ذلك،  لم أتوقف عن استكمال المشروع وتحقيقه”.

جاءت فكرة روان من ملاحظة بسيطة لكنها عميقة، فقد لاحظت أن العسل رغم كونه يُستخدم منذ  قديم الزمان، إلا أنه ما زال يعرض ويستهلك بنفس الطريقة التقليدية تقول: خلال عمليات بحثي، تساءلت: ما هو المنتج الذي يحتاج إلى فكرة تعبئة وتغليف جديدة؟ فوجدت أن العسل مثالي لهذا النوع من التغيير“. ومن هنا، انطلقت روان لتطوير مشروعها “شهد العسل”، الذي لا يقتصر على إنتاج العسل الطبيعي فقط كمنتج صحي أو تجميلي، بل يمكن أيضًا تسويقه وبيعه في عبوات أنيقة ليشكل هدية مثالية في المناسبات، بأسعار تناسب الجميع.

50 خلية نحل في “شهد العسل”

بدأت روان مشروعها بـ11 – 15 خلية نحل، وسرعان ما تضاعف عدد الخلايا ليصل إلى 40 -50 خلية. زيادة عدد خلايا النحل يشكل تحديًا كبيرًا للمربين، لأن النحل يتأثر بالظروف المحيطة به، ومن هنا نشأت الحاجة إلى معدات متطورة أكثر. ولتحقيق نقلة نوعية في مشروعها، قررت روان دراسة الماجستير في تخصص “ريادة الأعمال الزراعية”متحدية آراء أكاديمية لم تشجعها على هذا التخصص لعدم توافقه مع خلفيتها الهندسية، لكن إصرارها على التوسع في المجال الريادي الزراعي أثمر لاحقا في تطوير نموذج مشروعها وتنميته بشكل أكثر احترافية. 

لهذا بدأت روان بالبحث عن طرق وأساليب تعبئة وتغليف حديثة لمشروعها بما يواكب التطور الرقمي الحديث الذي غذته وسائل التواصل الإجتماعي، حيث يمكن متابعة منتجاتها والتواصل مباشرة معها عبر صفحات المشروع، خصوصًا عبر تيك توك وإنستغرام.

وقد ساعد هذا الحضور الرقمي في زيادة انتشار المشروع وتعريف جمهور واسع بجودة منتجاتها وتغليفها المميز، ما ساهم في بناء قاعدة عملاء أوفياء وتوسيع نطاق الطلب.

mceu 8060757631755086569306
عبوات العسل المباعة ضمن المشروع

الحرب تعرقل المشروع

اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في عام 2023 أثّر سلبًا على المشروع. وشهد عام 2024 التحدي الأكبر للمشروع، حيث لم تتمكن روان من تحقيق خطتها التسويقية كما تريد، بسبب الحواجز والإغلاقات وتقييد حركة السكان والبضائع، إضافة إلى تآكل القدرة الشرائية للفلسطينيين الناجمة عن تدهور الاقتصاد الفلسطيني. ونتيجة لذلك، تراجعت المبيعات بشكل حاد، واضطرت روان إلى الكفاح من أجل الحفاظ على خلايا النحل وضمان استمرارية المشروع.

ورغم كل ما مرت به صعوبات وتحديات، تقول روان: “إنني سعيدة لأنني حققت ذاتي ووجدت مجالي الذي أحبه كمدربة في ريادة الأعمال والتسويق الإلكتروني وكصاحبة مشروع ريادي. وقد ألهمت نساءً أخريات وأصبحت مستشارة يلجأ إليّ الآخرون في دراسة مشاريعهم الخاصة ووضع الخطط التسويقية”.

mceu 67071516021755086548845 e1758812575596
أثبتت روان أن مهنة تربية العسل ليست حكرًا على الرجال

استطاعت روان أن تكسر الصورة النمطية السائدة حول مهنة تربية النحل، والتي لطالما اعتُبرت حكرًا على الرجال فقط، نظرا لطبيعتها التي تتطلب جهدًا بدنيًا والعمل في الحقول. غير أن روان أثبتت أن هذا المجال لا يقتصر على جنس دون آخر، بل هو مفتوح لكل من يمتلك الإرادة.

فقد خاضت تجربتها بشغف، وتعلمت تفاصيل المهنة، وأدارت مشروعها الخاص بإنتاج العسل  الطبيعي، حتى أصبح مصدر دخل لها ولعائلتها وشكلت نموذجا ملهما للكثير من الفتيات داخل مجتمعها، ودافعا لهن للانخراط في مشاريع مشابهة وتحقيق الاستقلال المهني والمالي. وبذلك، لا تسهم روان في إنتاج العسل فحسب، بل في إعادة تشكيل الوعي المجتمعي بدور النساء في القطاعات الزراعية والمهن التقليدية.

تطمح روان لأن يتحول “شهد العسل” إلى علامة تجارية فلسطينية مميزة تنافس في الأسواق المحلية والعالمية، وتُعبر عن جودة المنتج الفلسطيني بروح عصرية مبتكرة.

المقال منشور في وصلة بإذن خاص من موقع صبرا

مقالات مختارة