
في ظل الحرب الحالية مع إيران، بدأ الجيش الإسرائيلي منذ شهر أكتوبر الماضي بتفعيل قانون الطوارئ الذي يتيح له تجنيد مركبات مدنية مملوكة لأفراد وشركات. وقد شمل هذا التجنيد آلاف المركبات بأنواعها المختلفة، بعضها يُستخدم في الحياة اليومية للأعمال أو للنقل الشخصي، ما أثار تساؤلات كثيرة بين أصحاب المركبات حول حقوقهم، التعويضات، وطبيعة استخدام مركباتهم.
القاعدة القانونية التي يعتمد عليها الجيش في هذا التجنيد تستند إلى “قانون تسجيل المعدات وتجنيدها للجيش لعام 1987“، والذي يتيح تجنيد معدات ومركبات حتى دون موافقة مسبقة من أصحابها، خاصة في حالات الطوارئ، إذا رأى وزير الدفاع أن ذلك ضروري “لحماية أمن الدولة”.
ما هو مسموح بتجنيده لاستخدام الجيش لا يقتصر فقط على التندرات أو الشاحنات والتي أفاد العديد من أصحابها خلال الفترة الحالية أنهم تلقوا طلبات من الجيش لتسليمها له، بل تشمل كل أنواع السيارات الخاصة، والمركبات التجارية، والشاحنات، والدراجات النارية، والجرارات، والرافعات، بل وحتى المعدات الهندسية مثل آلات الحفر، وآلات استخراج الحجارة، ومعدات البناء، والتحميل والشحن، والمضخات وقطع هذه المعدّات، بل ويمتد الأمر أيضًا إلى المنشآت كالكراجات والمستودعات والمختبرات.
وفي حالة المركبات، يُطلب من مالك السيارة إحضارها إلى نقطة محددة يحددها الجيش، وهناك توضع عليها لوحة مؤقتة وتُحوّل عمليًا إلى مركبة عسكرية.
في حالات الطوارئ، لا يوجد سقف زمني واضح لمدة استخدام المركبة من قبل الجيش، على عكس الوضع العادي حيث لا يجوز استخدامها لأكثر من 14 يومًا سنويًا. كما يُسمح للجيش بإجراء تعديلات على المركبة مثل الطلاء، واللحام، وحفر ثقوب، أو تركيب أجهزة اتصال، ما قد يؤدي إلى انخفاض في قيمتها السوقية أو تلفها.
وبحسب القانون، فإن وزارة الدفاع، لا شركة التأمين، هي المسؤولة عن دفع رسوم استخدام للمركبة وكذلك تعويضات في حال تعرضها لأضرار. لكن آلية التقييم غير واضحة تمامًا، وبحالة عدم وجود جدول للأسعار أعلن أثناء إصدار هذه الأوامر، يتم اعتماد التسعيرة والتعويض بحسب ما يحدّده مخمّن، ويجب على صاحب المركبة تقديم فاتورة إصلاح رسمية وتقارير المخمّن لاستلام المبلغ.
يمكن تقديم اعتراض على قرار التجنيد من خلال لجنة خاصة داخل وزارة الدفاع، لكن فعالية هذه الآلية أثناء الحرب تبقى محدودة، خصوصًا مع سرعة وتيرة القرارات الميدانية. كما يجوز لصاحب المعدّات أو المركة تقديم اعتراض لـلجنة الاستئنافات على رسوم الاستخدام والتعويضات، إذا رأى، من وجهة نظره، أنّ رسوم الاستخدام لا تغطي تكلفة الاستخدام أو الضرر الذي لحق بالمركبة أو المعدّات. وتتكون لجنة الاستئناف من 3 مخمّنين ومحامي ينوب عن وزارة الدفاع. ويجوز للجنة قبول الاستئناف، بشكل كامل أو جزئيّ، أو رفض الاستئناف وتقليل نسبة رسوم الاستخدام أو التعويضات المحدّدة.
وينطبق الأمر تمامًا على المركبات المستأجرة من شركات الليسينغ، التي يمكن أيضًا تجنيدها، بل إن الجيش يفضّلها أحيانًا نظرًا لجودتها وسهولة الوصول إلى أعداد كبيرة منها. هناك اتفاقيات مسبقة مع شركات الليسينغ تسمح للجيش بتجنيد آلاف المركبات خلال أيام.
ومن لا يلتزم بتسليم سيارته (أو المعدات المطلوبة) للجيش في حالات الطوارئ، أو يقدّم معلومات كاذبة، أو يتعمّد إتلاف هذه المعدّات، يُعتبر مخالفًا للقانون ويُعرّض نفسه لعقوبة جنائية قد تصل إلى السجن أو دفع غرامة. وإذا أُدين الشخص بتهمة خرق هذا الواجب، وتبيّن أنه لم يسلّم المعدّات في الموعد الذي حدّده أمر التجنيد، يمكن للمحكمة أن تلزمه، إلى جانب العقوبة الأساسية، بدفع تعويض لخزينة الدولة يعادل ثلاثة أضعاف المبلغ الذي كان سيحصل عليه مقابل استخدام معدّاته من قبل الجيش.
تجدر الإشارة إلى أن بعض المركبات المجندة قد تكون وسيلة رزق أساسية لأصحابها، الأمر الذي يضيف عبئًا اقتصاديًا على المواطنين خلال فترة الحرب، خصوصًا مع قيود الجبهة الداخلية على الاقتصاد.











