
نشر موقع غلوبس تحليلًا يتوقع فيه التبعات الاقتصادية لرد إيراني بالصواريخ الباليستية على إسرائيل، حيث شهدت الأسواق المالية حالة من التوتر مع ازدياد الحديث عن استعدادات إسرائيلية محتملة لشن هجوم على إيران. وظهر ذلك جليًا في تراجع سعر صرف الشيكل، لكن العواقب لا تتوقف عند ذلك. ففي حال وقوع هجوم متبادل بين البلدين، مهما كان حجمه، فإنّ التقديرات داخل قطاع الطيران تشير بشكل مؤكد إلى أن معظم شركات الطيران الأجنبية ستتوقف عن العمل في إسرائيل، خشية من تصعيد أوسع في المنطقة، وهو ما له تأثيرات اقتصادية تتجاوز قطاع السياحة، إذ يحتاج رجال الأعمال إلى السفر من أجل عقد صفقات مع الشركات حول العالم.
التجارب السابقة تؤكد هذه الفرضيات المتعلقة بشركات الطيران الدولية بحسب موقع غلوبس. ففي بداية الشهر الماضي، سقط صاروخ حوثي في نطاق مطار بن غوريون بعد إطلاقه من اليمن، الأمر الذي أدى إلى إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي لنحو نصف ساعة فقط، ورغم ذلك سارعت عدة شركات طيران إلى إلغاء رحلاتها، واستمرت حالات الإلغاء بين 48 و72 ساعة، وبعض الشركات لم تستأنف رحلاتها حتى الآن. من الواضح أن أي حوافز تقدمها إسرائيل لا تقنع هذه الشركات بالبقاء حين تتدهور الأوضاع الأمنية، خاصة بعد واقعة سقوط صاروخ لم يتم اعتراضه داخل حدود المطار.
سبق للحوثيين أن حذروا الشركات الأجنبية في شهر مارس من التحليق في الأجواء الإسرائيلية، إلا أن هذه التحذيرات لم تلقَ آذانًا صاغية حتى بدأت الصواريخ تتساقط فعليًا. وفي خطوة غير معتادة، عرض سلاح الجو الإسرائيلي تحقيقاته بشأن فشل الاعتراض الصاروخي أمام ممثلي شركات الطيران، بل رافقهم في جولات داخل منشآت صناعية دفاعية لإظهار قدرات الردع الإسرائيلية، لكن ذلك لم يُسهم كثيرًا في تسريع عودة الشركات.
في أكتوبر الماضي، تسببت موجة من الهجمات الصاروخية في إغلاق المجال الجوي لساعات، وأدى ذلك إلى انخفاض حاد في عدد الرحلات الأجنبية. وحتى شركات الطيران الإسرائيلية تأثرت، خصوصًا تلك التي تعتمد على طائرات مستأجرة والتي يغادر طاقمها الأجنبي البلاد فور اندلاع التوتر. وزارة المواصلات حاولت معالجة الأزمة بتعزيز الرحلات من أثينا ولارنكا، لكن الرحلات البديلة لم تكن متاحة فعليًا في اليوم التالي.
في حال شنت إسرائيل هجومًا ضد إيران، فإن الرد قد لا يكون فوريًا، إلا أن كثيرًا من شركات الطيران تفضل إلغاء الرحلات استباقيًا بدل انتظار التصعيد، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار التوصيات الأوروبية السابقة. ففي سبتمبر الماضي، دعت المفوضية الأوروبية ووكالة سلامة الطيران شركات الطيران إلى تجنب التحليق في أجواء لبنان وإسرائيل بعد مقتل حسن نصر الله. لكن بعض الشركات لم تنتظر حتى صدور التحذيرات، فشركة “ويز إير” أوقفت رحلاتها بعد أن عادت طائرة من لندن إلى نقطة الانطلاق، وتبعتها شركات مثل “إير فرانس” وغيرها.
بعيدًا عن المخاوف الأمنية المباشرة، لا تخفي الشركات أن قرارها اقتصادي بحت. الطيران إلى إسرائيل لم يعد مجديًا في ظل تقلب الأوضاع. وهذا ما أكده الرئيس التنفيذي لشركة “ريان إير” الذي صرّح مؤخرًا بأن شركته بدأت تفقد صبرها تجاه السوق الإسرائيلي، وأنها تفضل استخدام طائراتها في وجهات أوروبية أكثر استقرارًا. ونتيجة لذلك، ألغت الشركة رحلاتها إلى إسرائيل خلال فصل الصيف.
من المعروف أن الخطوط الجوية إلى إسرائيل تُعد من بين أكثر الخطوط ربحية، خاصة خلال موسم الصيف والأعياد اليهودية، ولكن في ظل قلة الطائرات عالميًا، فإن استثمارها في منطقة غير مستقرة يُعد مخاطرة لا ترغب فيها الشركات، وهو ما يفسر سلوكها التحوطي الذي يتجاوز أحيانًا توصيات الجهات الرسمية.
مع بدء موسم السفر الصيفي، تتركز الأنظار على عدد من الشركات التي تُعد بمثابة مؤشر لسلوك السوق. شركة “لوفتهانزا” الألمانية، التي تُعد رائدة في أوروبا، أعلنت مؤخرًا عن استئناف رحلاتها إلى إسرائيل، في خطوة قد تؤثر على قرار شركات أخرى. كذلك، مصير الرحلات الأميركية معلق بقرارات شركتي “يونايتد” و”دلتا”، إذ إن توقفهما يعني أن شركة “إل عال” الإسرائيلية ستتحمل وحدها مسؤولية الخطوط مع نيويورك، وهي خطوط تُستخدم لأغراض سياحية وتجارية على حد سواء، ما يجعلها ذات تأثير اقتصادي واسع.
أما شركة “ويز إير”، التي تُعد حاليًا الوحيدة من بين شركات الطيران منخفض التكلفة الثلاث الكبرى التي لا تزال تعمل في إسرائيل، فإن قرارها المرتقب بشأن استمرار الرحلات أو تعليقها قد تكون له تبعات كبيرة على أسعار التذاكر وتوافرها خلال الأشهر المقبلة.
مقالات ذات صلة: الهجوم الإسرائيلي على إيران والردّ الإيراني بمئات الصواريخ على إسرائيل يهزّان الأسواق











