/
/
“برقُ سحابةٍ لم تُمطِر”: هل تحققت الصفقات التجارية الضخمة التي وعدت السعودية بها ترمب في 2017؟

“برقُ سحابةٍ لم تُمطِر”: هل تحققت الصفقات التجارية الضخمة التي وعدت السعودية بها ترمب في 2017؟

أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands

في مايو 2017، خلال أول زيارة خارجية له كرئيس للولايات المتحدة، أعلن دونالد ترامب عن اتفاقيات ضخمة مع المملكة العربية السعودية، شملت صفقة أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار، واستثمارات إجمالية قُدرت بـ350 مليار دولار على مدى عشر سنوات. وقد أثارت هذه الأرقام وقتها ضجة إعلامية كبيرة، لكن، خلال السنوات التالية، أُثيرت تساؤلات حول مدى تحقق هذه الوعود على أرض الواقع، وإن كانت فقط للاستهلاك الإعلامي. 

1024px Abdel Fattah el Sisi King Salman of Saudi Arabia Melania Trump and Donald Trump May 2017
زيارة ترمب للسعودية في فترة رئاسته الأولى عام 2017- الصورة: ويكيميديا

الصفقة الدفاعية التي أُعلن عنها في 2017 تضمنت رسائل نوايا لشراء أسلحة أمريكية بقيمة 110 مليارات دولار فورًا، مع توقعات بصفقات إضافية تصل إلى 350 مليار دولار خلال العقد التالي.

ومع ذلك، تبين لاحقًا أن هذه الاتفاقيات كانت في معظمها عبارة عن نوايا غير ملزمة، ولم تُترجم إلى عقود فعلية. فبحلول عام 2018، كانت الصفقات المؤكدة لا تتجاوز 14.5 مليار دولار، ما يشير إلى فجوة كبيرة بين الإعلانات والواقع. 

وقد ساهمت عدة عوامل في تعطيل تحقيق هذه الصفقات بالشكل المعلن. من بينها، التوترات السياسية بين الولايات المتحدة والسعودية، خاصة بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في 2018، والذي أدى إلى ضغوط داخلية في واشنطن لإعادة تقييم العلاقات مع الرياض، وزيادة عزلة ولي العهد السعودي على الساحة الدولية. وقد أُثيرت تحفظات في الكونغرس بشأن مبيعات الأسلحة للسعودية، في ظل القلق من استخدامها في الحرب التي كانت تشنها السعودية على اليمن.

إدارة الرئيس جو بايدن، التي تولت الحكم في 2021، اتخذت موقفًا أكثر حذرًا تجاه السعودية، واتسمت العلاقات بين الإدارتين بالبرود الشديد، خصوصًا بعد أن تعهد بايدن، خلال حملته الرئاسية، بجعل المملكة السعودية دولة “منبوذة” بسبب “سجل حقوق الإنسان القاتم لديها”، وهو ما زاد من التقارب السعودي الصيني، وأثر على تنفيذ بعض الاتفاقيات السابقة بين واشنطن والرياض.

كذلك، فإنّ التحديات الاقتصادية التي واجهت السعودية، بما في ذلك انخفاض أسعار النفط وتداعيات جائحة كورونا، قد تكون أثرت على قدرتها على الالتزام بالاستثمارات المعلنة.

خلال الزيارة الأخيرة قبل يومين للرئيس ترمب إلى الرياض، تم الإعلان عن حزمة استثمارات جديدة بقيمة 600 مليار دولار، تشمل صفقة أسلحة بقيمة 142 مليار دولار، بالإضافة إلى استثمارات في مجالات الذكاء الاصطناعي، والبنية التحتية، والطاقة. هذه الصفقات تأتي في إطار جهود السعودية لتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط، وتعزيز شراكتها مع الولايات المتحدة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة.

ورغم التشابه في الأرقام والقطاعات بين صفقات عام 2017 وعام 2025، إلا أن الصفقات الجديدة تُعتبر في الغالب مبادرات منفصلة عن تلك التي أُعلن عنها في 2017. التغيرات في الإدارة الأمريكية، والتحولات في أولويات السعودية الاقتصادية، تشير إلى أن هذه الاتفاقيات تُبنى على أسس جديدة، مع التركيز على مجالات تتصدر الاستثمارات حاليًا، على خلاف السنوات الماضية، مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، بدلاً من الاعتماد الكامل على الصفقات الدفاعية.

تجربة 2017 تُظهر أن الإعلانات الضخمة لا تضمن التنفيذ الفعلي، خاصة في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية. ورغم أنّ اتفاقات عام 2025 تبدو أكثر فرصةً للتحقيق، خاصة في ظلّ الحرب التجارية التي بدأها الرئيس الأمريكي ضد دول العالم، والتي تحاول العديد من الدول التفاوض بشأنها  وتخفيفها عبر زيادة استثماراتها بالولايات المتحدة، فلا شيء يضمن حقًا تنفيذ العديد منها بعد، خصوصًا في ظلّ تقارب سعودي صيني تعمّق خلال فترة رئاسة بايدن.

مقالات ذات صلة: أباطرة التكنولوجيا يحلّون مكان أباطرة النفط في “الزواج الكاثوليكي” بين أمريكا والسعودية

مقالات مختارة