
يكشف تقرير جديد صادر عن لجنة رؤساء الجامعات في إسرائيل عن واقع غير مسبوق يواجه المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب على غزة، إذ يسجّل التقرير نحو ألف حالة مقاطعة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، وهو رقم يعكس حجم التحوّل في الموقف الأوروبي تجاه إسرائيل. ويشير التقرير إلى أنّ المقاطعة لم تتراجع رغم وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر، حيث ارتفعت بشكل كبير خلال الصيف الماضي واستمرت بالاتساع حتى بعد توقف الخرب.
ويُظهر التقرير أنّ عشر جمعيات أكاديمية في أوروبا تتخذ منذ مطلع 2024 إجراءات تمنع باحثين وطلابًا إسرائيليين من المشاركة في نشاطاتها. وتشمل جمعيات متخصصة في الطب والآثار والتمريض وعلم الاجتماع والإعلام وغيرها، حيث تفرض بعضها شروطًا قبل السماح لهم بالمشاركة، من بينها طلب عدم ذكر اسم الجامعة الإسرائيلية التي ينتمون إليها عند المشاركة، إضافة إلى التوقيع على بيانات علنية تنتقد الممارسات الإسرائيلية في غزة أو تعلن دعمًا صريحًا للحقوق الفلسطينية.
وتظهر هذه التطورات بوضوح في دول أوروبا الغربية، إلا أن التحول الأبرز سُجّل في إيطاليا التي شهدت ارتفاعًا حادًا في عدد حالات المقاطعة الأكاديمية، خصوصًا بعدما أصبح ملف الحرب على غزة جزءًا من النقاش السياسي للأحزاب الإيطالية، مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية.
ويقول التقرير إنّ المقاطعة لم تتراجع بعد وقف إطلاق النار، لأنّ موقف الكثير من الجامعات الأوروبية من إسرائيل تغيّر بشكل جذري خلال الحرب، وبقي كما هو حتى بعد توقف القتال، بل ربما أصبح أسوأ. وبحسب التقرير، ما حدث في غزة ترك أثرًا كبيرًا على الأوساط الأكاديمية الأوروبية لن يُمحى بسهولة، حيث إنّ الصورة السلبية التي تشكّلت عن إسرائيل خلال الحرب أصبحت راسخة إلى حدّ أنّ الخطوات الدبلوماسية لم تعد قادرة على تغييرها.
ويمتد تأثير المقاطعة كذلك إلى برنامج “هورايزن”، وهو أكبر برنامج أوروبي لتمويل البحث العلمي. ورغم أنّ إسرائيل ما زالت عضوًا رسميًا فيه، إلّا أنّ نحو عشرين فريقًا بحثيًا في دول مثل إسبانيا وبلجيكا وإيطاليا قرروا عدم التعاون مع باحثين إسرائيليين، سواء بالانسحاب من المشاريع المشتركة أو برفض ضمّ باحثين إسرائيليين إلى شراكات جديدة. كما شهد عام 2025 انخفاضًا ملحوظًا في عدد المنح المقدمة للباحثين الإسرائيليين الشباب، إلى جانب تراجع الدعوات الموجهة لهم للمشاركة في مشاريع بحثية جديدة ومحاولات استبعادهم من مشاريع قائمة.
ويخلص التقرير إلى أنّ استمرار توسّع أنماط المقاطعة قد يضع المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية أمام واقع من العزلة المتصاعدة، وهو واقع قد ينعكس على حضورها العلمي عالميًا. ويشير التقرير إلى أنّ هذا الاتجاه لن يتراجع سريعًا، لأنّه بات مرتبطًا بتغيرات أعمق في الوعي الأوروبي، حيث اكتسبت السردية الفلسطينية حضورًا أكبر داخل النقاشات الأكاديمية الأوروبية خلال العام الأخير.
مقالات ذات صلة: الدول العربية في مقدمة المشترين: قفزة كبيرة في مبيعات الأسلحة الإسرائيلية











