/
/
جمعية وهمية ورجل أعمال إسرائيلي: كشف تفاصيل رحلة 150 غزاوي من رامون لجنوب أفريقيا

جمعية وهمية ورجل أعمال إسرائيلي: كشف تفاصيل رحلة 150 غزاوي من رامون لجنوب أفريقيا

أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
581049161 1301761851980264 7327720626031917930 n
حنان جرار، سفيرة فلسطين في جنوب أفريقيا، تقابل ركاب الطائرة في جوهانسبرغ. الصورة: صفحة سفارة فلسطين على فيسبوك

 

بعد أيام من فضح وكالة أسوشييتد برس تفاصيل رحلة جوية مشبوهة نقلت 150 فلسطينياً من غزة عبر مطار رامون قرب إيلات إلى جنوب أفريقيا من دون وثائق، كشفت صحيفة هآرتس معلومات جديدة أكثر خطورة حول جمعية تدّعي أنّها جمعية خيرية تقف خلفها شبكة تعمل على تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة مقابل مبالغ مالية، وبعلم جهات رسمية إسرائيلية.

تدّعي الجمعية، التي تحمل اسم “المجد”، في موقعها الإلكتروني أنّها تأسست في ألمانيا وتملك مكاتب في القدس الشرقية، لكن التحقيق كشف أن هذه الادعاءات غير صحيحة، وأن الجهة المسؤولة عنها فعلياً هي شركة استشارات مسجلة في إستونيا. الجمعية تنقل الفلسطينيين من غزة إلى دول مثل إندونيسيا وماليزيا وجنوب أفريقيا مقابل 2000 دولار للراكب الواحد على متن طائرات مستأجرة. واتضح أيضًا أن مديرية “الهجرة الطوعية” التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية أحالت الجمعية إلى مكتب “منسق أعمال الحكومة في المناطق” لتنسيق خروج الفلسطينيين، وهو المكتب الذي يعمل تحت إدارة الوزير الثاني في وزارة الدفاع، بتسلئيل سموتريتش، الذي دعا علناً لتهجير سكان غزة وإقامة مستوطنات على أنقاض بيوتهم.

طُلِبَ من كل متقدم من غزة تحويل مبلغ يتراوح بين 1500 و2700 دولار، ثم يتم ضمه إلى مجموعة واتساب يتلقى عبرها التعليمات، ومن بينها موعد التجمع داخل غزة، ونقطة الانطلاق نحو معبر كرم أبو سالم.

في الأشهر الأخيرة غادرت عدة رحلات من مطار رامون أقلّت مجموعات تضم عشرات الفلسطينيين من قطاع غزة، وكانت “المجد” هي الجهة المنظمة لهذه الرحلات. ورغم أن الجمعية تُعرِّف نفسها بأنها جمعية خيرية تعمل على إجلاء المسلمين من مناطق القتال، إلا أن التحقيقات بينت أن نشاطها لا يستند إلى أي توثيق، وأن الادعاءات المنشورة في موقعها حول مساعدات قدمتها في تركيا وسوريا لا تدعمها أدلة، وبأن خلف الجمعية يقف رجل الأعمال الإسرائيلي تومر ينار ليند، الذي يحمل أيضاً الجنسية الإستونية، وكان مسؤولاً عن تنظيم الرحلة الأخيرة التي ضمت 153 فلسطينياً تمّ نقلهم أولاً إلى العاصمة الكينية نيروبي على متن طائرة رومانية قبل سفرهم على متن طائرة أخرى هبطت في جوهانسبورغ في جنوب أفريقيا.

عند وصولهم إلى جنوب أفريقيا، احتُجز الركاب لأكثر من 12 ساعة بسبب غياب المستندات الضرورية، بما في ذلك عدم وجود ختم خروج من مطار رامون وعدم امتلاك تذاكر عودة. وبحسب شهادات الفلسطينيين الذين كانوا على الطائرة، فإن العائلات – وبينهم أطفال – بقيت طوال ساعات الاحتجاز من دون طعام أو ماء، واضطرت لتحمّل ظروف صعبة وقاسية إلى أن سمحت لهم السلطات بالدخول.

في هذا الصدد، أكدت سفارة فلسطين في جنوب أفريقيا في بيان أن العملية نظمتها “منظمة غير مسجلة ومشبوهة” استغلت الوضع المأساوي في غزة وأخذت الأموال من العائلات ثم تخلّت عنها. وحذرت وزارة الخارجية الفلسطينية سكان القطاع من الوقوع في مصائد “تجار الدم ووكلاء التهجير”.

579899170 1301761608646955 8340226348630336749 n
الركاب بعد السماح لهم بدخول جنوب أفريقيا. الصورة: صفحة سفارة فلسطين على فيسبوك

 

شركة مشبوهة تعمل تحت مظلة “الهجرة الطوعية”

المديرية المسماة “الهجرة الطوعية” أُنشئت بقرار من الكابينت في مارس العام الماضي بهدف تخطي الإجراءات الأمنية المتعلقة بخروج سكان غزة، إلا أن نشاطها بقي غامضاً. يرأس المديرية نائب المدير العام لوزارة الدفاع كوبي بليتشتاين، وهي ذات الجهة التي أحالت “المجد” وغيرها من الجمعيات إلى مكتب “منسق أعمال الحكومة في المناطق”. وتشير هآرتس إلى أن جمعيات أخرى حاولت تنفيذ مخططات مشابهة لكنها لم تنجح.

التقصي حول موقع “المجد” كشف أن النسخة القديمة منه حملت شعار شركة “تالنت غلوبوس” المسجلة في إستونيا، وأن هذه الشركة هي التي تنظم خروج المجموعات الفلسطينية. وتبين أن الشركة، التي تدّعي العمل في الاستشارات وتوظيف القوى العاملة، تستخدم صوراً من الإنترنت دون أي دلالة على نشاط فعلي، كما أن عناوينها وأرقام هواتفها إما غير صحيحة أو غير فعالة. السجلات الرسمية في إستونيا تشير إلى أن مؤسس “تالنت غلوبوس” هو تومر ليند نفسه، وأنه أنشأ أربع شركات في بريطانيا خلال العقد الأخير، ثلاث منها غير نشطة. كما أسس أخيراً شركة استشارات جديدة يُفترض أنها تعمل من دبي لكن رقم هاتفها غير صحيح أيضاً. ورغم رفضه إعطاء أي تفاصيل خلال مكالمة هاتفية من لندن مع صحيفة هآرتس، فإنه لم يُنكر أنه شارك في تنظيم عمليات التهجير هذه.

الرمال غزة
تحولت الحياة في غزة إلى جحيم -الصورة: ويكيميديا

 

في غزة، انتشر رابط موقع الجمعية قبل أشهر، وتقدم كثيرون بطلبات للخروج بعد أن تحولت الحياة في القطاع إلى جحيم حقيقي. وبعد الموافقة الأولية، كان يُطلب من كل متقدم تحويل مبلغ يتراوح بين 1500 و2700 دولار، ثم يتم ضمه إلى مجموعة واتساب يتلقى عبرها التعليمات، ومن بينها موعد التجمع داخل غزة، ونقطة الانطلاق نحو معبر كرم أبو سالم.

المجموعة الأولى التي ضمت 57 شخصاً غادرت في 27 مايو، وتوجهت بحافلات إلى المعبر قبل نقلها بالطائرة إلى بودابست ومنها إلى إندونيسيا وماليزيا. المجموعة الثانية التي ضمت 150 فلسطينياً غادرت في 27 أكتوبر بالطريقة نفسها تقريباً، لكن وجهتهم كانت نيروبي ثم جوهانسبورغ.

الشركات الجوية المتورطة قدمت روايات متناقضة. شركة “فلاي يو” الرومانية أقرت بأنها نقلت الفلسطينيين إلى كينيا لكنها قالت إن وكيل سفر إسرائيلي هو الذي حجز الرحلات، بينما شركة “غلوبال إيروايز” التي تدير طائرات “ليفت” قالت إن وكيل سفر خارجي أبلغها أن الركاب قادمون لزيارة قصيرة لا تحتاج إلى تأشيرة. وزارة الدفاع الإسرائيلية رفضت التعليق على القضية.

القصة برمتها تكشف عن شبكة معقدة استغلت مأساة الفلسطينيين لتحقيق أرباح مالية، بينما كانت جهات في وزارة الدفاع على علم بالقضية وتنخرط في التنسيق، ما يثير أسئلة خطيرة حول دور الاحتلال في دفع مسار التهجير قدماً.

مقالات ذات صلة: مرحلة جديدة من التطبيع العسكري: افتتاح مصنع مغربي لإنتاج مسيّرات انتحارية إسرائيلية

مقالات مختارة