
خفض الاحتياطي الفيدرالي مساء أمس الأربعاء سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة مئوية ليصل إلى 4%، في خطوة جاءت متوافقة مع توقعات الأسواق لكنها اتُّخذت في ظل ضبابية اقتصادية ناجمة عن استمرار تعطيل عمل الحكومة الفيدرالية. كما أعلن الاحتياطي الفيدرالي أنه سيتوقف في ديسمبر عن بيع السندات الحكومية التي كان يستخدمها لتقليص السيولة في السوق، أي أنه سيُنهي برنامج “التشديد الكمي”. وتُعد هذه المرة الثانية على التوالي التي يخفض فيها الفائدة بعد خطوة مماثلة في سبتمبر، وذلك بعد تسعة أشهر من تثبيت الفائدة دون تغيير.
في مستهل المؤتمر الصحفي، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن إغلاق الحكومة الفيدرالية حال دون نشر بيانات اقتصادية كاملة، لكن الأرقام حتى الآن تُظهر أن سوق العمل ومستوى الأسعار ما زالا تقريبًا على حالهما مقارنة بالاجتماع السابق. وأضاف أن البيانات التي نُشرت قبل الإغلاق الحكومي تُظهر أن النشاط الاقتصادي الأمريكي ربما يسير على مسار أكثر استقرارًا مما كان متوقعًا، مدعومًا بزيادة الإنفاق الاستهلاكي.
وأكد باول أن المجلس لم يحسم قراره بعد بشأن خفض إضافي للفائدة في الاجتماع المقبل المقرر في 10 ديسمبر، مشيرًا إلى وجود خلافات واسعة بين أعضاء اللجنة حول المسار الأنسب. وقال: “الخفض الإضافي في ديسمبر ليس أمرًا مفروغًا منه، بل العكس تمامًا”. وأوضح أنه إذا استمر تعطيل الحكومة ولم يتمكن الاحتياطي الفيدرالي من الحصول على بيانات جديدة، فقد يكون ذلك سببًا إضافيًا لتبنّي سياسة حذرة والإبقاء على الفائدة دون تغيير.
وأشار باول إلى أن مستوى الفائدة الحالي قد يكون مناسبًا للوضع الاقتصادي الأمريكي، بعد سلسلة التخفيضات التي أجراها البنك في أسعار الفائدة خلال الربع الأخير من عام 2025، مؤكدًا أن الاحتياطي بات الآن أقرب إلى ما يُعرف بمستوى الفائدة “الحيادية” التي لا تشجع الاقتصاد على التوسع المفرط ولا تبطئه بشكل مفرط أيضًا. وأوضح أن بعض أعضاء اللجنة يعتقدون أنه من الأفضل التوقف مؤقتًا لمراقبة تأثير الخفضين الأخيرين قبل اتخاذ أي خطوة جديدة.
وبحسب بيانات الأسواق، فقد تراجعت توقعات المستثمرين لخفض جديد في ديسمبر إلى 69% بعد تصريحات باول، مقارنة بـ 90% في صباح الأربعاء، بينما ارتفعت احتمالات الإبقاء على الفائدة دون تغيير إلى 29% مقابل 9% فقط سابقًا.

وفي ما يخص سوق العمل، أوضح باول أن عدد الوظائف الجديدة التي تُضاف كل شهر أصبح أقل بكثير مما كان عليه في بداية العام، وأن سوق العمل أصبح أضعف وأقل نشاطًا، وهو ما يعني أن مخاطر فقدان الوظائف ارتفعت في الأشهر الأخيرة. إضافة إلى ذلك، أوضح باول أن مستوى التخضم الحالي، إذا تمّ استبعاد تأثير الرسوم الجمركية، ليس بعيدًا كثيرًا عن هدف البنك البالغ 2%، معتبرًا أن أثر الرسوم على الأسعار قد يكون محدودًا ومؤقتًا.
وحول تأثير الإغلاق الحكومي، قال باول إن تبعاته على الاقتصاد ستكون مؤقتة: “إذا استمر الإغلاق فسيؤدي إلى إبطاء النشاط الاقتصادي، لكن هذا الأثر يمكن أن ينعكس بمجرد انتهاء الأزمة”.
أما بيان لجنة السوق المفتوحة التابعة للاحتياطي الفيدرالي، التي تتخذ قرارات الفائدة، فقد أظهر أن القرار جرى بأغلبية عشرة أعضاء مقابل معارضة عضوين. فقد دعا عضو المجلس ستيفن ميرن، المعيّن من قبل الرئيس دونالد ترامب، إلى خفض أكبر للفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، بينما عارض رئيس فرع الفيدرالي في سانت لويس جيفري شميد أي خفض من الأساس. وأكد البيان أن اللجنة تدرك حجم الضبابية الناتجة عن نقص البيانات الاقتصادية، لذلك جاءت لهجتها أكثر تحفظًا من البيانات السابقة.
في ختام تصريحاته، قال باول إن الاحتياطي الفيدرالي يمتلك في الوقت الراهن معلومات كافية لتقدير الاتجاه العام للاقتصاد، لكنه حذّر من أن استمرار تعطيل الحكومة قد يؤدي إلى غياب بيانات أساسية عن شهر أكتوبر، ما سيصعّب اتخاذ قرارات دقيقة في ديسمبر. وأضاف أن هناك مصادر بيانات خاصة يمكن الاعتماد عليها جزئيًا، لكن الوضع يبقى غير مثالي، لأن البنك يحتاج إلى صورة شاملة ومحدثة قبل أي خطوة جديدة في سياسته النقدية.
مقالات ذات صلة: فيتش تعدّل توقعاتها للبنوك الإسرائيلية إلى مستقرة بعد فترة من الاضطراب











