تواجه إسرائيل تحديًا ماليًا متزايدًا في تغطية التزاماتها في مجال شراء السلاح من الولايات المتحدة، في ظل ارتفاع أسعار الطائرات والمروحيات وناقلات الجند، وفي ظل محدودية أموال المساعدات العسكرية الأمريكية مقارنة بالصفقات المطلوبة. تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة في مؤتمره مع بنيامين نتنياهو حول غزة، التي قال فيها إن “أمن إسرائيل سيكون مغطى وسنكون هناك لمساعدتها”، أثارت الانتباه داخل وزارة الدفاع الإسرائيلية وبين شركات السلاح الأمريكية، باعتبارها إشارة إلى أن الدعم المقبل قد يترافق مع شروط وضغوط سياسية، وأخرى تتعلق بالسياسة الجمركية.
بحسب صحيفة داماركر، ترتبط إسرائيل باتفاق مساعدات عسكرية أمريكية تبلغ قيمته السنوية 3.8 مليار دولار، إلا أن الجزء الأكبر من هذه الأموال مرهون مسبقًا بتعاقدات سابقة، حيث تلتزم إسرائيل بدفع نحو 15 مليار شيكل سنويًا لسداد صفقات ضخمة سبق أن وُقعت. لذلك، لا يتبقى سوى هامش ضيق لتمويل صفقات جديدة.
أحد الأمثلة البارزة على الفجوة بين حجم صفقات السلاح التي ترغب فيها إسرائيل وبين قدرتها الفعلية على تمويلها هو الصفقة التي ستُعرض قريبًا على الكونغرس وتشمل شراء 30 مروحية هجومية من طراز أباتشي بقيمة تقارب 4 مليارات دولار، إلى جانب أكثر من 3,000 ناقلة جند مدرعة بحوالي ملياري دولار.وبحسب تحليل داماركر، فحتى لو وافق الكونغرس على الصفقة، فإن قدرة إسرائيل على تمويل الصفقة محدودة للغاية، إذ تسمح لها أموال المساعدات الحالية بشراء حوالي 10 مروحيات فقط.
صفقة أخرى تتعلق بطائرات مقاتلة من طراز F-15IA، حيث اتُفق مؤخرًا على تسريع توريد أول سرب مكون من 25 طائرة بقيمة 5.2 مليار دولار. وبينما كان مقررًا أن يصل السرب الأول قبل عام 2035، تم تقديم موعد التسليم إلى 2031-2032. كما تنص الاتفاقية على خيار شراء سرب ثانٍ يُتوقع وصوله في 2033-2034، غير أن مصدر تمويله غير واضح حتى الآن. التعديلات الجديدة رفعت التكلفة بمئات ملايين الدولارات مقارنة بالاتفاق الأصلي الموقع عام 2024 بسبب زيادة أسعار الأنظمة المدمجة.
إلى جانب ذلك، تسعى إسرائيل بحسب داماركر للحصول على ست مروحيات نقل ثقيل إضافية من طراز “يسعور” (سيكورسكي CH-53) تُضاف إلى 12 مروحية سبق التعاقد عليها والمقرر تسليمها بين 2028 و2030، رغم أن الميزانية لهذه الدفعة الجديدة غير متوافرة بعد.
اتفاق المساعدات الحالي ينتهي في 2028، ومن المنتظر بدء التفاوض على اتفاق جديد العام المقبل. إلا أن هناك مخاوف جدية في إسرائيل من أن إدارة ترامب ستشترط على تل أبيب دفع جزء من تكاليف صفقات السلاح من ميزانيتها الداخلية بالشيكل، بدلًا من الاعتماد الكامل على أموال المساعدات الأمريكية كما كان الحال في الماضي.
هذه التوجهات الأمريكية تعززها خطوات أخرى، منها قرار ترامب في أغسطس بفرض رسوم جمركية بنسبة 15% على الصادرات الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة، في محاولة للضغط على إسرائيل لتقليص فائضها التجاري الذي يبلغ نحو 7 مليارات دولار لصالحها. واشنطن ترى أن شراء إسرائيل أسلحة أمريكية مباشرة بتمويل ذاتي سيُقلص هذا الفائض ويبرر لاحقًا تخفيض الرسوم.
مقالات ذات صلة: موجة الاعتراف بفلسطين تهز الاقتصاد الإسرائيلي وتفتح للفلسطينيين فرصًا جديدة
