
في البداية، حدثينا عن نفسك.
أنا رشا جابر، رئيسة فريق للتطوير في شركة الهايتك Bolt. قبل ذلك، كنتُ معلمة رياضيات في مدرسة ثانوية في الطيبة.
نشأت في الطيرة وكنت طالبة متفوقة. درَسْتُ الكيمياء، والأحياء، والتكنولوجيا الحيوية، بالإضافة إلى 5 وحدات رياضيات ولغة إنجليزية. وإلى جانب ذلك، كنت أشارك في العديد من الأنشطة اللامنهجية مثل كرة السلة والكاراتيه.
في الثانوية، بدأت أفكر ماذا أريد أن أدرس، والجميع كانوا يشيرون إليى بدراسة الطب. أنهيت شهادة البجروت بعلامة 117، لكني لم أرد أن أدرس الطب، لأن دراسته تستغرق ست سنوات ويتطلب العمل بنظام المناوبات. لذلك، سجلت في تدريس الرياضيات وعلم الحاسوب في مسار المتفوقين في بيت بيرل. وقد كان الجميع يقول لي: ‘أنتِ امرأة عربية وستتزوجين قريباً — الأنسب لكِ أن تصبحي معلمة”.
وكيف كانت تجربتك الدراسية؟
تفوقْتُ فيها وسرعان ما وجدتُ نفسي منجذبة أكثر لعلم الحاسوب من الرياضيات.كثيرون انسحبوا من الدراسة بسبب صعوبتها، لكن بالنسبة لي كانت الدراسة تسير بسلاسة.
بدأ أساتذتي في مساقات علم الحاسوب يقولون لي: ‘ماذا تفعلين هنا؟ اتركي هذا المجال وكوني مبرمجة’. لكنني لم أبدأ بالتفكير في هذا الأمر بجدية إلا في السنة الثالثة، ولم أرد أن أغير مسار دراستي مرة أخرى. أردتُ أن أبدأ العمل، وكنتُ على وشك الخطوبة من زميلٍ لي من المدرسة الثانوية. لم يكن والدي يريد أن أخطب قبل أن أبدأ العمل، فبدأتُ العمل كمعلمة في مدرسة ثانوية ثمّ خطبنا.
هل أحببتِ وظيفتكِ كمعلمة؟
أحببتُ التدريس، وحاولتُ أيضًا القيام بأمور مميزة مع الطلاب. طوّرتُ برامج حاسوبية وتطبيقات لمساعدتهم على الدراسة، وقمتُ أيضًا بالربط بين كرة السلة والرياضيات. لكنني شعرتُ أن هذا لا يكفيني. انتقلتُ لتدريس 5 وحدات، لكن ذلك لم يشكل تحدياً كافياً بالنسبة لي. كنتُ أعرف أنني أريد أكثر من ذلك.
في تلك الفترة، أخرني صديقٌ لي من الكلية أنه سيلتحق بدورة تأهيل للهايتك في جمعية “تسوفن-تشبيك”، وهي جمعية تساعد العرب على الاندماج في مجال الهايتك، وقررتُ القيام بأمر مشابه.
سجلتُ في دورة للأمن السيبراني ولغة “جافا” مخصصة لمن يحملون لقبًا في علم الحاسوب. قال لي المحاضر: “ينقصك الكثير من المعرفة، لكني مستعد لإعطائك فرصة لأن لديكِ المهارات والتفكير المناسب، ولكن اعلمي أن الأمر سيكون صعباً”. من اللقاء الأول، خرجتُ من اللقاء الأول وأنا أبكي. كان الجميع يحملون لقبًا في علم الحاسوب، ولم أفهم أي شيء. جاءني المرشد ليقنعني بالبقاء، فقلتُ له: “لا تقلق، لم يخطر ببالي أن أغادر”.
لقد كان الأمر صعباً للغاية، ففي الصباح كنتُ أدرّس في المدرسة، وفي الظهيرة كنتُ مع ابنتي، وفي المساء كنتُ في الدورة. انتهزتُ كل فرصة كانت متاحة لي في الدورة، وفي النهاية كنتُ أول شخص من الدورة يتلقى عرض عمل.

وهل قبلتِ العرض على الفور؟
ترددتُ كثيراً. لقد تلقيتُ عرضي عمل: أحدهما من “Bolt”، والآخر من شركة أخرى أكبر. في “تسوفن”، نصحوني بقبول عرض “Bolt”، على الرغم من أنهم في Bolt عرضوا عليّ مبلغاً أقل، لكنها شركة أصغر وستساعدني وستطورني. في النهاية، كانوا على حق.
لكن الكثيرين من حولي حثّوني ألا أترك التدريس. كان ذلك قبل نهاية السنة الثالثة لي في التدريس ولم أكن قد حصلت بعد على تثبيت في الوظيفة. صديقاتي قلن لي: ‘أنتِ مجنونة. كيف تتخلى أم لطفلة عن تثبيتها في وظيفتها؟!’.
ذهبتُ لأستشير والدي، وهو نفسه معلم رياضيات، فقال لي: ‘رشا! لا تثبيت ولا غيره، وقّعي حالًا على عقد العمل في الهايتك!’
في ذلك الوقت، كنتُ أتقاضى فعلياً 5,000 شيكل شهرياً كمعلمة. بينما كان راتبي الأول في الهايتك 17,000 شيكل.
ما هي التحديات التي واجهتكِ في العمل؟
لقد عملت بجد كبير في تلك الفترة. كنت المسلمة الوحيدة وتقريبًا العربية الوحيدة، لكن الجميع ساعدوني كثيرًا.
رئيس الفريق الذي استقبلني قال لي: لديكِ إمكانات، ولكن لديكِ أيضاً الكثير من الفجوات المعرفية ولن يكون الأمر سهلًا. كنتُ أصل إلى العمل مبكرًا، وأبقى ساعات إضافية، وطلبت – حتى قبل أن يصبح ذلك شائعاً في فترة الكورونا – أن يسمحوا لي بالاتصال بالعمل من المنزل في عطلات نهاية الأسبوع.
كنتُ أرتكب الكثير من الأخطاء، وفي مرحلة معينة قيل لي: إذا نجحتِ في المشروع الحالي – فهذا رائع، وإذا لم تنجحي – فسيقوم المدير التنفيذي بفصلك. دخلتُ إلى مكتب المدير التنفيذي وقلت له: ‘اسمع، أعرف أنني أفتقر إلى الكثير من الأشياء ولكني أعمل بجد. أعطني فرصة’. فقال لي: ‘لا أستطيع أن أقول لكِ لا، كما أن رئيس فريقكِ يقف في صفّك أيضًا. أمامكِ شهر لتثبتي نفسكِ’. عملتُ بجنون وأحياناً كنتُ أبقى في المكتب حتى منتصف الليل. بعد شهر، قرروا إبقائي.
شيئاً فشيئاً، تقدمتُ وأصبحتُ “آلة عمل”. بعد ذلك، أكملتُ دورة إدارية في “تسوفن”، وبعدها تمت ترقيتي إلى مديرة فريق تطوير.
أين ترين نفسك بعد 5 سنوات؟
أعتقد أنني سأظل في منصب إدارة التطوير في مجال الهايتك. أحب الإدارة وأبرع فيها.
في السنوات الأخيرة، أكملتُ درجة الماجستير في تقنيات التعلم من جامعة تل أبيب، وآمل أن أكون بعد خمس سنوات قد حصلتُ على درجة الدكتوراه في هذا المجال. وفي اليوم الذي سأترك فيه الهايتك، أريد أن أكون محاضرة.
كلمة أخيرة توجهينها للنساء العربيات.
هناك تصور بأن المرأة العربية يجب أن تعمل فقط في وظيفة تناسب الحياة الأسرية، مثل المعلمة. الآن بعد جائحة كورونا، حيث يمكن العمل من المنزل أيضًا، يبدو هذا التصور مضحكًا. الأفضل لكِ كأم أن تكوني في مجال الهايتك بدلًا من أن تكوني معلمة. لكنني أتمنى من كل شابة عربية أن تتبع أحلامها، وأن تعرف أن المرأة القادرة على الحمل والولادة، قادرة على فعل أي شيء.
قد يظن العرب أحيانًا بأنهم لا يُقبلون في العمل فقط لأنهم عرب. لكنني أنا لم أواجه ذلك. من الصعب الآن على الجميع أن يحصلوا على وظيفة جديدة، بما في ذلك اليهود. الشركة تريد أن تكسب المال، لا أن تمارس السياسة. اعملن بجد وسوف تنجحن.
المقال منشور في وصلة بإذن خاص من صحيفة The Marker











