/
/
سوق العقارات في البلاد يترنّح: تراجع حاد في المبيعات ومخزون ضخم غير مباع

سوق العقارات في البلاد يترنّح: تراجع حاد في المبيعات ومخزون ضخم غير مباع

أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
cons appartments
بلغ عدد الصفقات المنجزة في يوليو 2025 نحو 8,140 شقة جديدة ومستعملة، بتراجع 16% مقارنة العام الماضي، صورة توضيحية

يشهد سوق العقارات في البلاد مرحلة من التباطؤ الواضح مع استمرار انخفاض المبيعات وارتفاع المخزون غير المباع إلى مستويات غير مسبوقة. وفق بيانات دائرة الإحصاء المركزية، بلغ عدد الصفقات المنجزة في يوليو 2025 نحو 8,140 شقة جديدة ومستعملة، أي بتراجع يقارب 16% مقارنة بالشهر نفسه من عام 2024 حين تم بيع 9,684 شقة. ورغم أن الرقم يعكس تحسنًا نسبياً مقارنة بشهر يونيو الذي شهد 6,090 صفقة فقط بسبب تأثيرات الحرب مع إيران وما رافقها من توقف شبه كامل لنشاط مواقع البناء ومكاتب السماسرة لنحو أسبوعين، إلا أن المقارنة السنوية تكشف بوضوح حجم التباطؤ.

من يوليو 2024 وحتى يوليو 2025 سجّل السوق تراجعًا شهريًا متوسطه 1.5% في حجم الصفقات. التقرير الاقتصادي الصادر عن وزارة المالية يؤكد الاتجاه نفسه، حيث أظهر أن عدد الصفقات في الربع الأول من عام 2025 كان أقل بنسبة 2.7% عن الفترة الموازية من 2024، وأقل بنسبة 2% عن الربع الرابع من 2024. التراجع تقوده بالأساس شركات البناء التي هبطت مبيعاتها في يوليو الأخير بنسبة 34% مقارنة بيوليو السابق، بينما اقتصر الانخفاض في مبيعات الشقق المستعملة على نحو 5% فقط.

المعطيات تكشف أيضًا تضخمًا كبيرًا في حجم المعروض غير المباع من الشقق الجديدة. ففي يوليو بلغ عدد الشقق الجديدة الحاصلة على تصاريح بناء لكنها لم تُسجل بعد على أنها شقق مباعة لدى سلطة الضرائب نحو 82,530 وحدة، بزيادة 1.3% عن يونيو وارتفاع يقارب 20% مقارنة بيوليو 2024.

هذا المخزون يتوزع بصورة غير متساوية بين المدن: تل أبيب تتصدر القائمة بأكثر من 10,200 شقة غير مباعة، تليها القدس بحوالي 8,000، ثم بات يام بأكثر من 4,200، ونتانيا نحو 3,900 وحدة. وتُقدّر فترة تصريف هذا المخزون، وفق وتيرة المبيعات الحالية، بما يصل إلى 31 شهرًا، ما يعني أكثر من سنتين ونصف من المعروض العالق لدى المطورين.

البيانات المجمعة للأشهر الثلاثة مايو–يونيو-يوليو 2025 تعكس بدورها صورة قاتمة، إذ تم خلالها بيع نحو 21,640 شقة، وهو رقم أدنى بنحو 20% مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق. ومن الملاحظ أن وزن الشقق الجديدة في السوق الحرة تقلص إلى 28% فقط من إجمالي المبيعات، بعدما كان قد تجاوز 40% قبل عام ونصف. هذه العودة إلى مستويات ما قبل ثلاث سنوات تعكس تراجع الزخم الذي شهدته السوق الجديدة خلال العام الماضي في ظل الحرب، حين فضل المشترون الاتجاه نحو المشاريع الجديدة.

الخريطة الجغرافية للمبيعات

إلى جانب الانخفاض الكمي، طرأت تغيرات واضحة على الخريطة الجغرافية للمبيعات. مدينة أوفاكيم الصغيرة في الجنوب احتلت المركز الأول بعدد 535 شقة جديدة بيعت في الفترة من مايو إلى يوليو، متفوقة على تل أبيب التي سجلت 516 صفقة، وعلى القدس بـ356 صفقة فقط. كما ظهرت مدن مثل اللد ونتيفوت وإلعاد في المراتب العليا، وهو ما يؤكد أن الأسعار صارت العامل الحاسم في قرارات الشراء. فكلما ارتفع السعر، كما في تل أبيب، ازداد صعوبة تصريف الشقق، على الرغم من كونها مركز النشاط العمراني الأكبر.

من جهة أخرى، تكشف بيانات وزارة المالية أن منطقة تل أبيب تشهد التباطؤ الأشد، حيث بلغ متوسط سعر شقة جديدة في الربع الأول من 2025 نحو 5 ملايين شيكل، أي أعلى بـ65% من المتوسط الوطني، بينما بلغ متوسط سعر الشقق المستعملة في المنطقة 3.5 ملايين شيكل، أعلى بـ53% من المعدل العام. وفي المقابل، برزت الشقق الفاخرة كاستثناء، إذ ارتفع عدد صفقات الشقق التي تتجاوز قيمتها 10 ملايين شيكل إلى 136 صفقة في الربع الأول من 2025 مقابل 105 فقط في الفترة نفسها من 2024، وتركزت 75 من هذه الصفقات في تل أبيب، 56% منها لوحدات جديدة.

الوضع الراهن يظهر بوضوح أن السوق تتقلص بمعدل يقارب 3% شهريًا، وأن فائض المعروض يزداد بوتيرة شهرية قياسية. معادلة قاسية تجمع بين وفرة في التصاريح وعمليات بناء واسعة، مقابل ضعف ملحوظ في الطلب سواء على الشقق الجديدة أو المستعملة. التوقعات تشير إلى أن الضغوط ستستمر ما لم تتدخل سياسات حكومية أو تحولات اقتصادية واسعة تعيد التوازن بين العرض والطلب.

مقالات ذات صلة: لماذا لم يعد شراء شقة استثمارًا ناجحًا بعد الآن؟

مقالات مختارة