
رغم التبعات الاقتصادية الثقيلة للحرب، التي كلّفت الاقتصاد الإسرائيلي أكثر من 200 مليار شيكل بشكل مباشر، يواصل سوق العمل تسجيل إشارات إيجابية. أحدث استطلاع ربع سنوي أجرته مجموعة “مانباور” (Manpower Group) أظهر أن توقعات التوظيف للربع الأخير من العام بلغت 18%، وهو المعدل الأعلى منذ اندلاع الحرب. هذه النتيجة تأتي في وقت تشهد فيه عملات وأسواق العالم اضطرابات بسبب الذكاء الاصطناعي، بينما الاقتصاد الإسرائيلي ينجح في الحفاظ على توازن نسبي، مع ارتفاع في قيمة الشيكل، صعود البورصة وزيادة إيرادات الدولة.
الاستطلاع شمل أصحاب عمل في مختلف القطاعات وسألهم عن توقعاتهم بشأن التوظيف في الربع القادم. 27% من أصحاب العمل في إسرائيل قالوا إنهم يتوقعون زيادة في التوظيف، مقابل 9% فقط الذين يتوقعون خفضًا في عدد العاملين، أما البقية فتوقعوا أن يبقى عدد الموظفين كما هو.
عند تحليل الأسباب، جاءت التكنولوجيا في المقدمة: 34% ربطوا التوسّع في التوظيف بالتقدم التكنولوجي، و33% أوضحوا أن التغييرات في المهارات المطلوبة هي التي تدفع إلى جلب موظفين جدد، بينما نسب 29% ذلك إلى دخول مجالات جديدة. من بين الأسباب التقليدية في زيادة التوظيف برز توسع الشركات حيث ذكرها 33% من المستطلعة آرائهم، وحاجة الشركات لملء أماكن شاغرة بعد استقالات أو تقاعد 24%. (كل شخص أعطى أكثر من إجابة لذلك مجموع النسب يتجاوز 100%).
الذكاء الاصطناعي لاعب أساسي.. والمقارنات مع الدول الأخرى
بحسب درور ليتباك، المدير التنفيذي لمجموعة مانباور إسرائيل، فإن الذكاء الاصطناعي أصبح لاعبًا أساسي في هذه التطورات. إذ يفسّر، في حديثه مع ذاماركر، أن الشركات قد تستغني عن موظفين في بعض الوظائف التقليدية، لكنها في الوقت نفسه تعلن عن وظائف جديدة تحتاج إلى مهارات متوافقة مع التكنولوجيا الحديثة. على سبيل المثال، عندما يتنافس مرشحان على وظيفة، فإن من يجيد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي سيكون صاحب الأفضلية.
مقارنة مع دول أخرى، تبرز إسرائيل بشكل لافت. بينما أرجع 34% من أصحاب العمل في إسرائيل زيادة التوظيف إلى “التقدم التكنولوجي”، فإن المعدل العالمي بلغ 24% فقط. الهند وحدها تفوقت على إسرائيل بنسبة 36%. أما في الولايات المتحدة فالنسبة 27%، في ألمانيا 22%، فرنسا 19% وهولندا 18%. هذا يعكس سرعة التكيّف داخل سوق العمل الإسرائيلي مع التحولات التكنولوجية، رغم آثار الحرب.

القطاعات المتفائلة والمتشائمة
النتائج اختلفت بشكل واضح بين القطاعات. قطاع النقل واللوجستيات والسيارات كان الأكثر تفاؤلًا، حيث توقّع 38% من أصحاب العمل فيه زيادة في التوظيف، بارتفاع 16 نقطة مئوية عن الربع السابق و34 نقطة عن نفس الفترة العام الماضي. قطاع الهايتك بدوره سجّل نسبة إيجابية بلغت 29%، وهو الربع الثاني على التوالي الذي يشهد فيه تحسنًا، بعد أن كان قد هبط إلى 1% فقط في الربع الثاني من 2025 نتيجة المخاوف من تأثير الذكاء الاصطناعي.
إلى جانب التكنولوجيا، برزت قطاعات التمويل والعقارات بنسبة 27% لكل منهما، وهو ارتفاع حاد مقارنة بالربع السابق. في المقابل، كان قطاع الصحة الأكثر سلبية حيث استقر توقع التوظيف فيه عند 0%، أي دون أي زيادة، بانخفاض 18 نقطة عن الربع الماضي و20 نقطة عن نفس الفترة من العام الماضي. السبب بحسب ليتباك يعود إلى أن هذا القطاع يعتمد على تمويل حكومي كبير، فيما تستمر الموارد المالية بالتوجه نحو نفقات الحرب بدل تعزيز النظام الصحي.
التحسن الأبرز خارج التكنولوجيا جاء من عودة الرحلات الجوية إلى إسرائيل بعد الحرب مع إيران. شركات مثل “لوفتهانزا” عاودت تشغيل رحلاتها، ما خلق طلبًا متزايدًا على وظائف في مجالات النقل والتوزيع والتخزين، من سائقين إلى موظفي بريد وعمال مخازن. التأثير الإقليمي لهذه العودة برز بشكل خاص في القدس، حيث قفزت توقعات التوظيف إلى 17% مقارنة بـ3% فقط في الربع السابق، بفضل انتعاش قطاعي الفنادق والسياحة.
مقالات ذات صلة: رغم النفقات العسكرية المتضخمة: العجز يتراجع إلى 4.7% في أغسطس بفضل الإيرادات الضريبية











