/
/
هؤلاء الأطباء هم الأكثر تعرّضًا للإنهاك الوظيفي في البلاد

هؤلاء الأطباء هم الأكثر تعرّضًا للإنهاك الوظيفي في البلاد

أيقون موقع وصلة Wasla
wasla brands
doctors
أظهر التقرير ارتفاعًا مقلقًا في معدلات الإنهاك الوظيفي مقارنة بالسنوات السابقة، صورة توضيحية

أصدرت وزارة الصحة اليوم تقريرًا جديدًا يستند إلى استطلاع واسع شارك فيه أكثر من 58 ألف موظف في قطاع الصحة في البلاد، أي ما يعادل 32% من مجمل العاملين في المنظومة. النتائج جاءت مثيرة للقلق، إذ أظهرت ارتفاعًا في معدلات الإنهاك الوظيفي مقارنة بالسنوات السابقة، حيث ارتفع مؤشر الإنهاك من 3.4 في استطلاعي 2018 و2021 إلى 3.6 في عام 2025، وذلك على مقياس من 1 إلى 7.

الاستطلاع، الذي أجري بين مارس ومايو من هذا العام وقبل الحرب الأخيرة مع إيران، شمل 70 مؤسسة من بينها وزارة الصحة، صناديق المرضى الأربع، والمستشفيات العامة والخاصة. وشارك فيه موظفون من مختلف الاختصاصات: 31% من الممرضين والممرضات، 28% من الإداريين وموظفي الصيانة، 24% من المهن الصحية المساندة، و16% من الأطباء. قاد الدراسة البروفيسور شارون توكر من كلية الإدارة في جامعة تل أبيب بالتعاون مع فيريد مدمون كويتي، المديرة العامة المسؤول للإدارة والموارد البشرية في وزارة الصحة

مؤشر الإنهاك اعتمد على ثلاثة محاور أساسية: الجسدي والعاطفي والمعرفي. وجرى قياس عوامل بيئية تزيد من الضغوط مثل البيروقراطية والتحرشات والعبء الكبير في العمل، إلى جانب عوامل وقائية مثل الدعم المؤسسي والتعاون المهني. كما تناول الاستطلاع التداعيات المباشرة للإنهاك، بدءًا من أعراض الاكتئاب والوقوع في مواقف خطرة، وصولًا إلى تولّد رغبة لدى الموظفين في القطاع الصحي لترك مهنتهم.

المجالات الأكثر تعرضًا للانهاك

البيانات أوضحت أن مستويات الإنهاك ارتفعت في جميع التخصصات، لكنها بلغت ذروتها في مجالات طبية محددة. فالجراحون من متخلف التخصصات سجلوا أعلى المعدلات بمتوسط 5 درجات وأعلى، يليهم أطباء الباطنية بمتوسط 4.9، ثم أطباء الأنف والأذن والحنجرة بمتوسط 4.8، وأطباء النساء والتوليد بمتوسط 4.7. كذلك أظهرت النتائج أن أطباء الأمراض النفسية والأعصاب يعانون نسبًا مرتفعة من الإنهاك، بمتوسط 4.7 و4.6 على التوالي.

عند النظر إلى مراحل التدريب، تبيّن أن الأطباء المقيمين (الريزيدنتس/ רזידנט) هم الأكثر إنهاكًا، يليهم الأطباء المتدربون في مرحلة الستاج (סטאז׳). أما بين الأطباء المتخصصين، فقد برزت معدلات مرتفعة لدى أطباء الطوارئ (4.2)، الأورام (4.1)، الأشعة التشخيصية (4) والتخدير (4). وفي صناديق المرضى تصدّر موظفو الصيدليات قائمة الأكثر إنهاكًا بمتوسط 4 درجات، يليهم العاملون في أقسام الطوارئ (3.9)، ثمّ المهن الصحية المساندة (3.7) وخدمات الصحة النفسية (3.6).

الارتباط بين الإنهاك وساعات العمل بدا جليًا. فالعاملون الذين لا يؤدون مناوبات طبية سجّلوا متوسط 3.4، لكن المعدل قفز إلى 3.9 عند أداء مناوبة واحدة أسبوعيًا، وهو ما يبرز أثر عدد المناوبات في تعميق الضغوط.

الاستطلاع أظهر أن 17% من الأطباء يفكرون بجدية في ترك المهنة، في حين أن 40% من العاملين في القطاعات العلاجية عمومًا — من أطباء وممرضين ومهنيي صحة — غير متأكدين من بقائهم في المجال. النسب كانت أقل حدة لدى الإداريين حيث عبّر 70% منهم عن نيتهم الاستمرار.

doctors2
الجراحون سجلوا أعلى المعدلات، يليهم أطباء الباطنية ثم أطباء الأنف والأذن والحنجرة. صورة توضيحية

المخاطر والإيجابيات

من ناحية المخاطر، ارتفعت نسبة من أفادوا بالتعرض لمواقف خطرة من 12% عام 2021 إلى 14% هذا العام. الممرضون كانوا الأكثر عرضة بواقع 21% مقابل 17% سابقًا، يليهم الأطباء بنسبة 19% مقابل 15% قبل ثلاث سنوات. كذلك كشف الاستطلاع عن تصاعد في شكاوى التحرش الجنسي داخل القطاع، حيث أبلغ 11% عن تعرضهم لهذا النوع من الاعتداءات مقارنة بـ9% عام 2021، لكن 70% ممن مرّوا بهذه التجارب لم يبلغوا عنها. نصف العاملين الذين تعرضوا للعنف الجسدي أو اللفظي لم يتقدموا بشكوى أيضًا.

ورغم الصورة القاتمة، رصد التقرير جوانب إيجابية، منها تحسن البنية التحتية الرقمية وانخفاض نسبة العاملين الذين يشعرون بأنهم لا يحققون الأهداف المرجوة منهم في العمل، فضلًا عن زيادة في تقدير المديرين للعاملين وتراجع في النزاعات البيروقراطية. وزارة الصحة نسبت هذه النتائج لبرامج التدخل التي أطلقتها منذ 2021، والتي شملت إنشاء شبكة لدعم العاملين وتقليل الإنهاك، ودورات تدريبية للكشف المبكر عن علامات الضيق النفسي، وأنشطة رفاهية، وتخصيص موارد للتعامل مع العنف في المؤسسات الصحية، إلى جانب إطلاق منصة إلكترونية مخصصة للمديرين، وتأسيس مركز دعم نفسي خاص بالعاملين.

شاني شربيت، نائبة “المدير العام المسؤول للإدارة والموارد البشرية في وزارة الصحة”، قالت إن الجهاز الصحي “يتعلم ويتحسن باستمرار”، موضحة أن الارتفاع في الإنهاك كان متوقعًا بعد الحرب الأخيرة، لكنها شددت على أن 92% من العاملين ما زالوا يشعرون بأن عملهم يحمل قيمة ومعنى، وهو ما يعد عنصر قوة داخل المنظومة.

مع ذلك، يحذر مسؤولون من أن التخفيضات المرتقبة في ميزانية وزارة الصحة، وهي الثالثة منذ بداية الحرب، قد تقوّض هذه الجهود، خصوصًا أن التقليصات عادة ما تبدأ من البنود المرنة غير الأساسية. أحد المسؤولين أشار إلى أنه “إذا لم يتم إلغاء هذه التخفيضات فستكون النتيجة مساسًا مباشرًا بالمقدّمين للخدمة وبالمستفيدين على حد سواء”.

وتبقى اتفاقيات الأجور الحديثة إحدى الأدوات المهمة لاحتواء الإنهاك. ففي العام الأخير أُبرمت ثلاثة اتفاقيات جديدة مع الأطباء، والعاملين في المهن الصحية، ومع المختصين النفسيين، في محاولة للحفاظ على القوى العاملة داخل القطاع ومنع موجة تسرب محتملة.

مقالات ذات صلة: اتفاقية جماعية لأطباء “مكابي”: زيادات في الرواتب تصل إلى 20% ومكافآت واسعة حتى 2028

مقالات مختارة