
على مدى العقدين الأخيرين اعتاد السوق العقاري في إسرائيل على مسار واحد فقط: ارتفاع متواصل في الأسعار. المطورون العقاريون كانوا يكررون أن الأسعار ستواصل الصعود، والواقع كان يؤكد كلامهم. لكن الوضع الحالي يختلف عن السابق.
بحسب تقرير لموقع كالكاليست عن هذه الظاهرة، فإنّ الزيادات في أسعار العقارات جعلت الكثير من المشترين يشعرون وكأنهم مستثمرون ماليون ناجحون، خاصة أن الأسعار لم تتوقف عن الارتفاع حتى بعد أزمات كبرى مثل أزمة العقارات العالمية عام 2008 أو جائحة كورونا. الفكرة التي ترسخت في الوعي العام كانت أن أسعار العقارات لا تهبط أبدًا، وأن شراء شقة هو استثمار مضمون وناجح.
لكن المشهد تغيّر في الفترة الأخيرة بحسب كالكاليست. ليس لأن الحاجة إلى السكن اختفت، بل لأن تكاليف الحياة كلها ارتفعت بشكل لافت. أسعار المواد الغذائية، وتذاكر الطيران، وحتى القروض التي اعتاد الناس أن يحصلوا عليها بفوائد متدنية، كلها أصبحت أغلى. في المقابل، الرواتب لا ترتفع بنفس الوتيرة، ما يجعل القدرة على تحمّل قسط شهري مرتفع أشبه بمخاطرة كبيرة. وبحسب التقرير، بات الكثير من الأزواج الشباب يدركون أن التزامًا بقرض سكني “مشكنتا” في الظروف الحالية قد يعني عبئًا خانقًا لسنوات طويلة، بل وحتى تهديدًا لاستقرارهم إذا تدهورت الأوضاع الاقتصادية أكثر. لذلك، الاستعداد لتحقيق “حلم الحصول على شقة” أصبح أقل، ومعه توقفت موجة الشراء المحمومة التي ميزت السنوات السابقة.
التحوّل في المزاج الشعبي انعكس أيضًا على سلوك المطورين العقاريين. الشعار الذي ردده القطاع لعقود، بأن الطلب المرتفع سيمنع أي هبوط في الأسعار، لم يعد مقنعًا. صحيح أن البنوك ظلت شريكًا أساسيًا في دعم السوق وضمان استمراره، لكن حتى هذه الشراكة لها حدود. البنوك ستسعى لحماية مصالحها أولًا إذا تعرض مطور ما لصعوبات، ولن تتردد في تقليص خسائرها على حسابه.

السؤال اليوم هو: إلى متى يمكن استمرار هذا الوضع؟ لا توجد إجابة واحدة بحسب تقرير كالكاليست، لكن المؤشرات تقول إن الشركات الكبيرة التي وزعت استثماراتها بحذر، واستفادت من برامج الدعم الحكومي أو مشاريع التجديد العمراني، لديها فرصة أفضل لتجاوز هذه المرحلة. في المقابل، من المرجح أن نشهد في عام 2026 ضغوطًا متزايدة على المطورين الصغار أو أولئك الذين اعتمدوا على ارتفاع الأسعار فقط ولم يتخذوا خطوات تحوّطية.
قد لا يكون المشهد انهيارًا كاملاً، لكن التوقعات تشير إلى موجة من الشراكات الجديدة بين الشركات، وبيع بعض المشاريع، بل وربما استحواذ شركات كبرى أكثر استقرارًا على شركات صغيرة مثقلة بالديون. في نهاية المطاف، السوق الذي اعتاد الجميع أن يراه يسير بخط صاعد دائمًا، بدأ يدخل مرحلة جديدة، حيث الخوف من المخاطر يفرض نفسه، والرهان على ارتفاع دائم للأسعار لم يعد مضمونًا كما كان.
مقالات ذات صلة: رغم تباطؤ سوق العقارات: 11 مليار شيكل قيمة القروض السكنية في يوليو











